الأسس الخطيرة لقانون "بروميسا"

مقالات رأي و تحليلات الاثنين ٢٥/سبتمبر/٢٠١٧ ٠٥:١٠ ص
الأسس الخطيرة لقانون "بروميسا"

جوزيف ستيجليتز

تعرض اقتصاد بورتوريكو لأزمة كبيرة. وأدى أكثر من عقد من الركود إلى جعل الدين العام غير مستدام، مؤججا تدفقات الهجرة إلى الولايات المتحدة، مما يؤثر على حياة الآلاف من الأسر ويفرض عبئا أكبر على أولئك الذين يقيمون هناك. وسيتطلب عكس هذه الدينامية المزعزعة للاستقرار إعادة هيكلة الديون التي توفر المساعدة اللازمة لتنفيذ سياسات مؤيدة للنمو. وللأسف، فإن الجهود المبذولة ليست كافية.

ومن المقرر إعادة هيكلة ديون بورتوريكو في إطار يحدده قانون بورتوريكو للرقابة والإدارة والاستقرار الاقتصادي (بروميسا). وقد أنشأ هذا القانون الاتحادي، الذي صدر في يونيو 2016، مجلس رقابة يتمتع بسلطة اتخاذ القرارات المالية بالنسبة للكومنولث الأمريكي.

لقد بدأت عملية إعادة الهيكلة في 3 مايو، عندما قدم المجلس التماسا في المحكمة الاتحادية. ويتعين اتخاذ العديد من القرارات الحاسمة، مثل مقدار تخفيف الدين العام، وكيفية توزيع "القرض" بين أصحاب أنواع مختلفة من السندات. وستحدد هذه القرارات السياسات الممكنة لتعزيز الآفاق الاقتصادية لبورتوريكو- وبالتالي كم يمكنها أن تدفع للدائنين.

وفي صميم الجهود لحل أزمة الديون يجب إدراك أن نمو بورتوريكو في المستقبل يؤثر بشكل كبير على إعادة هيكلة الديون، مثلما تؤثر إعادة هيكلة الديون اليوم على النمو المستقبلي لبورتوريكو. ومع ذلك فإن الخطة المالية العشرية التي وافق عليها المجلس للفترة ما بين 2017 و 2026- والتي ستشكل حتما أساس مناقشات إعادة هيكلة الديون- تتجاهل هذه التعميم.

وقد ظهرت خمسة عيوب في الخطة المالية للمجلس. أولا، إن المضاعفات المالية المتوقعة- وهو المبلغ الذي سينخفض به الناتج القومي الإجمالي نتيجة لكل دولار من الانكماش المالي- والتي تستخدم لتوقعات الناتج القومي الإجمالي تفترض أن انكماش دولار واحد في العجز المالي الأولي سيرافقه انكماش يبلغ 1.34 دولار من الناتج القومي الإجمالي. وتكمن هذه القيمة في الطرف الأدنى من مجموعة المضاعفات المالية المقدرة للبلدان أو المناطق التي تعاني من حالات الركود.

والعيب الثاني هو أن توقعات الناتج القومي الإجمالي للخطة تتجاهل آثار ردود الفعل الذاتية لانخفاض النشاط الاقتصادي على الإيرادات المالية. كما أن تخفيض الإنفاق العام الذي يضعف النشاط الاقتصادي يقلل أيضا من القاعدة الضريبية. وبالتالي، فإن الحكومة سوف تحتاج إلى القيام بما يفوق توقعات الخطة لتحقيق أهداف الإيرادات.

ثالثا، في حين أن السياسات الانكماشية للخطة تدفع الاقتصاد دون تقديرات الناتج القومي الإجمالي للمجلس، فإن عددا من الإصلاحات الهيكلية الهادفة إلى التأثير على العرض الإجمالي، الآخذ في الارتفاع في الواقع، يبدو أن هذه الإصلاحات هي القوة الوحيدة التي تقود الانتعاش (الشكلي) الذي ستتخذه الخطة بعد عام 2022.

ولكن هذا ليس منطقيا. إن اقتصاد بورتوريكو هو ضمن نظام مقيد بالطلب، وليس هناك ما يدعو إلى توقع تغير ذلك في المستقبل المنظور. وبالتالي، يتطلب الانتعاش الاقتصادي على المدى القصير حافزا حكوميا قويا، خاصة وأن أي إصلاح هيكلي يخفض الإنفاق (مثل انخفاض المعاشات التقاعدية) سيكون أكثر عرضة لتأثير انكماشي في اقتصاد مقيد بالطلب. ومن المرجح أن تؤدي التدابير الأخرى، مثل خفض التمويل المخصص للتعليم العمومي، إلى خفض الطلب الآن وانخفاض الإمدادات الإجمالية على المدى الطويل.

رابعا، إن افتراض الخطة حول الهجرة إلى الخارج أمر مثير للجدل في أحسن الأحوال. فقد انخفض عدد سكان بورتوريكو من حوالي 3.8 مليون في عام 2000 إلى أكثر من 3.4 مليون في عام 2016. وهناك ركود أعمق- كما توقعت خطة مجلس الإدارة- سيخفض الفرص في الجزيرة، مما يؤجج المزيد من الهجرة إلى داخل البلاد.

وأخيرا، بدلا من تحديد اقتراح شامل لإعادة هيكلة الديون، تحدد الخطة ببساطة المبلغ الذي سيتم تسديده للدائنين خلال العقد المقبل. لكن لا يمكن تقييم ديناميات الاقتصاد الكلي في المستقبل دون تقدير لتخفيف عبء الديون الذي سيجري توفيره. والواقع أن عدم وجود خطة لإعادة الهيكلة يزيد من عدم اليقين، وبالتالي يعوق الاستثمار اللازم لاستعادة النمو الاقتصادي.

وكان الإيداع فيما يتعلق بالإفلاس خطوة جيدة. وإلا، كانت بورتوريكو ستتعرض لتقاضي واسع النطاق من شأنه أن يقوض جهود إعادة الهيكلة ويطيل طريق الوصول إلى الانتعاش الاقتصادي. ولكن كان ينبغي للخطة أن تحدد السياسات التي تحتاجها بورتوريكو للتعافي، وتقدم في الوقت نفسه اقتراحا لإعادة الهيكلة يعطي ما يكفي من المساعدة لجعل تلك السياسات ممكنة.

وبدلا من ذلك، بالموافقة على الخطة المالية للفترة ما بين 2017 و 2026، وضع مجلس الرقابة التابع لبرنامج بروميسا نفسه في وضع صعب. ومن شأن استخدام تلك الخطة كأساس لحساب احتياجات الإغاثة في بورتوريكو أن يفضي إلى الاستنتاج الخاطئ بأن بورتوريكو قادرة على إدارة الانتعاش بقرض أصغر بكثير مما تحتاجه. لن تستعيد بورتوريكو مكانتها ما لم يعاد تحديد الخطة على وجه الاستعجال على أساس افتراضات ذات مصداقية، كما لن تستعيد القدرة على تحمل الديون، وستكون اللجنة قد فشلت في مهمتها.
جوزيف ستيجليتز، حائز جائزة نوبل في الاقتصاد