الحد من النفايات الورقية

مقالات رأي و تحليلات الاثنين ٢٥/سبتمبر/٢٠١٧ ٠٥:٠٤ ص
الحد من النفايات الورقية

رايتشل ماك ارثر

لا يمل هذا الرجل من توعية الشركات في الشرق الأوسط على أهمية إعادة التدوير والتخلص من النفايات الورقية بشكل نهائي.

بالنسبة لرجل الأعمال اللبناني عابد شاهين، لا يُعدّ كونه في موقع قيادة بمثابة امتيازات ومكافآت الوظيفة فقط، بل يعني أيضًا أن الفرصة سانحة له لتحقيق تغيير اجتماعي.

شاهين -المقيم في دبي منذ 14 عامًا- هو المدير التنفيذي لشركة إنفوفورت، وهي شركة متخصصة في تزويد حلول إدارة المعلومات والسجلات بمنطقة الشرق الأوسط وأفريقيا.
ويُعدّ شاهين، الذي عُيِّن العام 2009 بواسطة الشركة المملوكة لشركة أرامكس المساهمة، الرجل الذي يقف خلف مبادرة أدت إلى الحد من النفايات الورقية للشركة في جميع أنحاء المنطقة. وتجلت أهمية هذه المبادرة في أن الشركات التي تشارك في هذه المبادرة ليست في حاجة إلى دفع دولار واحد مقابل هذه الخدمة.
ويوضح شاهين قائلًا: «أثناء سفري، أبحث عن أفكار توصلت إليها مدينة أو فريق ما وأفكر كيف يمكننا تطوير هذه الأفكار لتكون صالحة للتطبيق في أماكن أخرى».
وأضاف: «منذ سنواتٍ قليلة، كنت مع فريقنا في مصر الذي قدّم لأحد زبائنه وعاءً بلاستيكيًا كجزء من مبادرة مشتركة لإعادة التدوير، لفريقنا في مصر فضل كبير في ولادة هذه الفكرة».
وتابع قائلًا: «عدتُ إلى دبي وبدأت العصف الذهني مع الفريق لنرى كيف يمكننا قياس وتطوير وأيضًا دمج المزيد من البيانات مع ما بدأه زملاؤنا في مصر».
إنه مفهوم بسيط للغاية، رغم أن العديد من الشركات في الشرق الأوسط وبقية أنحاء العالم ما زالت لا تتبنّاه. تجمع شركة إنفوفورت أي نفايات ورقية مباشرةً من مكتبك وتُعيد تدويرها بنفسها. كل ما على الشركات فعله هو التقديم عبر الموقع الإلكتروني للشركة أو البريد الإلكتروني، وسترسل الشركة الصناديق وتنصبها خلال ثلاثة أيام عمل.
يمكن لكل صندوق «جرين بوكس» إعادة تدوير 30 كيلوجرامًا من الورق -أي ما يساوي توفير نصف شجرة تقريبًا- و210 جالونات من المياه و11.5 جالون من الزيت.
وقال شاهين: «بدأنا العمل بهذا المفهوم أوائل العام 2014، ولكننا لم نبدأ فعليًا حتى العام 2015 حين توصلنا إلى المنتج النهائي الجاهز للطرح والمنافسة في الأسواق، والذي صنعناه باستخدام مواد قابلة لإعادة التدوير بدلًا من البلاستيك والتزمنا بتصميم مريح ونموذج أعمال سمح لنا بتقديم المنتج مجانًا».
وقال شاهين إن الأهم من ذلك كان إدخال البيانات للصندوق.
وأوضح قائلًا: «لم نرغب في أن نحصل على صندوق إعادة تدوير تقليدي بل فضّلنا أن ندمج الفكرة مع ما نفعله: إدارة البيانات. لذلك اقتبسنا فكرة «كشف حساب بطاقة الائتمان» الذي يستلمه الزبون من البنوك، وأعددنا كشف حساب بيئي مؤتمت (آلي) يمسح لمستخدمي صناديق جرين بوكس بتصور عاداتهم في استهلاك الورق وجهودهم في إعادة التدوير. هذا يعني أنه في نهاية كل شهر، يتلقى المستخدمون تقارير تبرز تأثيرهم من خلال إحصائيات سهلة الفهم».
طُرحت صناديق جرين بوكس لأول مرة في دولة الإمارات ثم في السعودية وعُمان ومصر العام 2016، ومؤخرًا في الأردن. وخلال العام الجاري، وسّعت جرين بوكس حضورها في هذه البلدان بالإضافة إلى تقديم المفهوم لبلدان جديدة لم يُعلن عنها بعد.
وقال شاهين: «نملك حاليًا ما يقرب من 600 مكتبٍ في 25 مدينةً بالشرق الأوسط تستخدم خدمات جرين بوكس، ويقع 450 منها في الإمارات. جمعنا في الإمارات منذ العام 2015 نحو 10 آلاف كيلوجرام من النفايات الورقية وهو ما يعادل نحو 2 مليون ورقة مقاس A4».
وأضاف: «لنوضح الأمر من منظور آخر، تحتاج الورقة الواحدة مقاس A4 نحو 123 ملل من الماء و7 جرامات من ثاني أكسيد الكربون ونصف جرام من النفايات لإنتاجها. هل يمكنكم تخيّل حجم التأثير الذي يمكننا تحقيقه إذا وصلنا إلى 10 آلاف مكتب في المنطقة؟».
وفي حين أنه من السهل على الشركات أن تتسجل في المبادرة، أشار شاهين إلى أن التكاليف كانت دائمًا بمثابة تحد.
وقال شاهين: «ندرك أن الشركات تولي اهتمامًا كبيرًا بالتكاليف ولهذا السبب نقدم خدمة جرين بوكس مجانًا 100 %. ندعم تكلفة الصندوق نفسه والخدمات اللوجستية المتعلقة به مما يسهّل على الشركات تبنّي ممارسات مستدامة جديدة. جرين بوكس خدمة مجانية 100 %، وهذا ليس فخًا».
وعند السؤال عن تمويل المشروع أجاب شاهين: «نقدم الحل الكامل وتتحمّل إنفوفورت جميع التكاليف. استنادًا إلى درايتنا في التوجيه والجدولة، نجمع محتويات جرين بوكس باستخدام مركباتنا وندمج ذلك مع رحلاتنا للشركات الأخرى إلى نفس الزبون أو المنطقة. هذا يساعدنا في خفض النفقات الداخلية وتحسين انبعاثاتنا».
وأضاف: «بمجرد أن نجمع النفايات الورقية، نرسلها إلى شركائنا المعتمدين لإعادة التدوير في كل بلد. نستخدم حضور شركتنا ومواردها وقاعدة زبائنها وقدرتها على الاستثمار والتواصل مع المؤسسات التي تريد فعل الخير مع مرافق إعادة التدوير التي قد لا تكون قادرة على الوصول إليها بطريقة أخرى».
بينما اعترف شاهين إنه لم يعتد قط التفكير بشأن إعادة التدوير عندما كان أصغر سنًا («كانت أوقات مختلفة آنذاك وكانت الأولويات مختلفة تمامًا»)، فإنه يشعر أن السلوكيات تجاه إعادة التدوير تتغيّر تدريجيًا نحو الأفضل في المنطقة.
وقال شاهين: «تختلف السلوكيات من بلد إلى آخر وفقًا للظروف والأولويات. بصفةٍ عامة، الوعي موجود لكن البعض يفتقر إلى الوسائل أو الدوافع أو يشعرون أنهم ليسوا مهددين من الوضع الراهن على المدى القريب. لهذا السبب نحن في حاجة إلى مزيد من التوعية والتثقيف في المدارس لتعزيز حس المسؤولية».
وأضاف: «يمكن أن يتحقق التغيير من خلال المواطنة الفعالة. هذا يعني أن هناك شعورًا بالملكية والتزامًا بالمساهمة في التغيير وفعل الخير».
وقال شاهين: «الشباب أكثر وعيًا من سواهم بالاستدامة والحفاظ علــى البيئة، والسبب في ذلك يعود إلى إلى جودة التعليم وسهولة الوصول إلى الموارد. الشباب في وقتنا الحالـــي هم الزبائن وصانعو القرار في المستقبل. وبمجـــرد أن ينضمـوا للقوى العاملة، الأمور ستتغيّر بشكل أسرع».
وبالنظر إلى المستقبل، فإن الهدف الأساسي -الغريب للغاية- لشاهين هو عدم استمرار خدمة جرين بوكس.
وقال شاهين: «سنصل إلى قمة نجاح خدمة جرين بوكس عندما نتخلص نهائيًا من النفايات الورقية! هدفنا النهائي هو تغيير عادات استهلاك الورق والتشجيع على العالم الرقمي. جرين بوكس أداة لتثقيفنا وتغيير عاداتنا ونشر الوعي والتأثير إيجابًا في البيئة».
حتى ذلك الحين، سيستمر شاهين في تشجيع الشركاء والزبائن على المضي قدمًا نحو التحول الرقمي ونشر الوعي حول أهمية إعادة التدوير والاستغناء عن الأوراق تمامًا.
وقال شاهين: «التأثير في سلوكيات الآخرين مسؤوليتي سيكون من المؤسف إذا لم يفعل المديرون التنفيذيون والأشخاص الذين يمكنهم الوصول إلى الموارد أي شيء، واكتفوا بالاستمتاع بالوضع الراهن وأعفوا أنفسهم من أي مسؤوليات».
وأضاف: «تحقيق الأرباح والاستفادة من المجتمع من دون رد الجميل يعكس عقلية قديمة وسلوكًا أنانيًا للغاية. كل شخص أو شركة تمارس دورها في المواطنة الفعالة، تصبح قدوة للآخرين وتؤثر في محيطها العائلي والاجتماعي».