التكنولوجيا لحل صعوبات التعلم

مقالات رأي و تحليلات الاثنين ٢٥/سبتمبر/٢٠١٧ ٠٥:٠٣ ص

إعداد: فريق تحرير حوار الشرق الأوسط

رغم كونها واحدة من حالات الاضطراب الأكثر انتشارًا في جميع أنحاء العالم، ما يزال هناك الكثير مما لا نعرفه حول اضطراب طيف التوحد (ASD)، خاصةً في منطقة الشرق الأوسط.

وفيما تشير الإحصاءات الأخيرة إلى أن التشخيص الخاطئ المعتاد للاضطرابات النفسية يؤثر على طفل من بين كل 68 طفلًا في الولايات المتحدة الأمريكية، ما يزال هناك القليل من المعلومات المتوافرة حول تلك الحالة بالمنطقة.
على سبيل المثال، هناك ورقة بحثية نشرتها جامعة ليدز بيكيت في يناير 2017 تفيد بأن هناك بعض الأبحاث المنشورة حول انتشار مرض اضطراب طيف التوحد (ASD) في منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا، تعزي أسبابه إلى عوامل ثقافية. وأشارت الورقة البحثية إلى أن عدم الإبلاغ عن الإصابة بمرض التوحد في العالم العربي يشكل تحديًا رئيسيًا، إضافة إلى صعوبات التشخيص الناجمة عن افتقار أطباء الأطفال إلى التدريب المناسب؛ وعدم وعي الآباء بمثل تلك الحالة، إلى جانب تردد الآباء في استشارة الأطباء المختصين، إما بسبب الخوف من وصم أطفالهم، أو لعدم الوعي بضرورة تشخيص المرض والعلاج في وقت مبكر. هذه التحديات دفعت بطارق الفخراني وأحمد محفوظ، إلى إطلاق مبادرة تأهيل.
«تأهيل» شركة ناشئة تقدم برامج التأهيل والتدريب لتنمية مهارات الأطفال المتضررين من خلال استخدام مقاطع الفيديو التفاعلية باللغة العربية.
وفقًا للمعهد الوطني الأمريكي للصحة العقلية، يتميّز اضطراب طيف التوحد (ASD) بمجموعة واسعة من الأعراض، والمهارات، ومستويات الإعاقة، لدى أولئك الذين يعانون من اضطرابات اجتماعية مُزمنَة؛ بما في ذلك صعوبات في التواصل والتفاعل مع الآخرين، والسلوكيات المتكررة، والأنشطة أو الاهتمامات المحدودة، وكذلك الأعراض التي تضر بقدرة الفرد على التفاعل في المناسبات الاجتماعية، وفي المدرسة، أو في العمل.
يقول الفخراني: «بدأت الفكرة بالحاجة إلى تغيير طريقة تعليم الأطفال بالمدرسة. لاحظنا أن حوالي 95 % من المدارس المصرية تُفضل الحفظ بدلًا من الفهم، وحينئذٍ قررنا تصميم تطبيق تفاعلي يجعل العملية التعليمية ممتعة وبسيطة. بعد مرور بضعة أسابيع، التقينا مع صديقة العائلة، د.مي الرخاوي، طبيبة الأطفال/‏‏‏صديقة العائلة، التي كان مقترحها التركيز بصورة أكبر على الأطفال الذين يعانون من اضطرابات النمو».
ساعد الإرشاد المقدم من د.مي في توجيه طاقات رواد الأعمال تجاه إحدى المشاكل المُلحَّة في مصر. الخدمات عبر الإنترنت تساعد الآباء والأبناء على حد سواء.
بعد أشهر من البحث لجمع المعلومات حول ما أطلق عليه المؤسسون الشركاء «مرض مُتغاضى عنه بشكل كبير في مصر»، استفاد رواد الأعمال من رواتبهم في توفير الأموال اللازمة لانطلاقة تطبيق «تأهيل»، وكانت البداية بالنموذج الأول في العام 2013.
يوضح الفخراني: «اختبرنا الإصدار الأول على ستة أطفال لمدة ستة أشهر. خلال تلك الفترة، تمكنا من مراقبة الأخطاء كافة عن قرب، واستطلاع الآراء حول كيفية التحسين، ومتابعة تطوير الخدمات التي نقدمها إلى أن أصبحنا على استعداد للانطلاقة بصورة رسمية».
بعد عام ونصف، استقال الشريكان من وظائفهم اليومية لتحقيق أحلامهم. كان تقدمهم لمسابقة مركز الإبداع التكنولوجي وريادة الأعمال (TIEC) حافزًا لهم، قبل فترة طويلة من ترسيخ قواعد الشركة في مصر، وحصولها على المركز الأول.
«لم نكن نخطط لما نفعل أو كيف يمكننا البدء، ولكن كل ما كنا نعلمه هو أن «تأهيل» كان فكرة رائعة وأنه سيلاقي صدى كبيرًا، لذلك تقدمنا إلى المسابقة».
بالإضافة إلى الحصول على تمويلٍ قدره 15.000 دولار أمريكي، حصل المؤسسون الشركاء على عام من حضانة الشركات الناشئة في المقر الرئيسي لمركز الإبداع التكنولوجي وريادة الأعمال، إذ تلقوا جميع المهارات اللازمة لبناء نموذج الشركة وتطوير التطبيق الخاصين بهم.
بعد بضعة أشهر، في مطلع العام 2015، تم إصدار تطبيق «تأهيل». يقول الفخراني: «بعد انطلاقة التطبيق، بمساعدة د.مي، بدأنا في بناء شبكة من المتخصصين. ما يزال البحث عن مقدمي الخدمات الطبية والعلاجية أحد التحديات الكبرى التي تواجهنا في الوقت الحالي، ومع ذلك التزامنا بالبحث عن أفضل المتخصصين يدفعنا دومًا نحو الأمام».
يعمل التطبيق في الوقت الحالي بالقاهرة، والهدف من «تأهيل» هو أن يصبح حلقة الوصل بين المرضى ومقدمي الخدمات الطبية والعلاجية من المتخصصين المؤهلين بالمنطقة، إذ تبدأ العملية بتقييم حالة الطفل والمساعدة في إعداد خطة العلاج التي تكون مخصصة بحسب احتياجات كل طفل.
ونظرًا لعدم التشابه بين حالتين مختلفتين، لا يوفر «تأهيل» الحلول التي تناسب الحالات كافة. نوفر العديد من الخيارات للمرضى، بداية من النوع وحتى تفضيلات اللغة، ونوع العلاج، وهذا ما يساعد «تأهيل» على الوصول إلى 500 مشترك من أصل 10 مشتركين على مدار عامين فقط. يقول الفخراني: إن زيادة عدد المشتركين أمر إيجابي، لكن ما يهمنا في النهاية هو التأثير الذي يصنعونه، ويضيف: «نحن أول من أدخل إلى المنطقة مفهوم «نمذجة الفيديو الحقيقي» حيث نحاكي الحالات الواقعية عبر الفيديو للمساعدة في تقييم حالة الطفل والتعامل مع مختلف الحالات بشكل جيّد. نشعر بالسعادة عندما نرى حرص الأطفال على التعليم، ومستوى تفاعلهم مع مقاطع الفيديو».
شجعت تجربة «تأهيل» الناجحة مع مقاطع الفيديو رواد الأعمال على توسعة نطاقها والاستفادة منها من خلال إدخال خصائص جديدة تشمل «تدريب الآباء»، البرنامج الذي من خلاله يمكن للآباء تعلم كيفية التكيّف مع احتياجات الطفل، إلى جانب تدريبهم على مختلف المهارات باستخدام مناهج دراسية دولية معتمدة.
ويتطلع الفخراني إلى إطلاق برنامج آخر «تمارين» مُطوَّر بواسطة فريق عمل «تأهيل» لمساعدة الآباء على وضع خطة تعليمية لأطفالهم، دون الحاجة إلى مساعدة المتخصصين.
يختم الفخراني حواره قائلًا: «هناك الكثير من الخطط حول برنامج تأهيل نسعى لتطبيقها في تلك اللحظة. نهدف إلى توطين برنامج تأهيل بحسب البلد، -بحسب الثقافة، واللهجة، ولغة الحوار في كل بلد على حدة- نرغب في إنشاء مزيد من محتوى الفيديو والبرامج التعليمية، والأهم من ذلك هو توسعة شبكة تأهيل من المتخصصين على مدار العامين المقبلين».