السيسي يستنسخ «رؤية السادات» لحل «قضية فلسطين»

الحدث الاثنين ٢٥/سبتمبر/٢٠١٧ ٠٤:٥٦ ص
السيسي يستنسخ «رؤية السادات» لحل «قضية فلسطين»

القاهرة - خالد البحيري

برغم تكرار المشهد لأربعة أعوام متتالية، إلا أن مشاركة الرئيس المصري عبدالفتاح السيسي في اجتماعات الجمعية العمومية للأمم المتحدة رقم 72 في نيويورك الأسبوع الفائت، حظيت بزخم غير عادي، وتفاعل داخل المجتمع الأمريكي والداخل المصري، وحتى في إسرائيل بعد الدعوة التي وجهها للجانبين الفلسطيني والإسرائيلي للقبول بالسلام والتعايش جنبًا إلى جنب واستغلال الظروف المواتية التي قد لا تتكرر.

الأمر الذي دفع الكثير من المراقبين والمحللين إلى القول بأن «السيسي على خطى السلام في أمريكا»، وأن مصر هي الأجدر بحلحلة الملف الشائك والمعطل منذ سنوات عدة.

صدى هائل

ولم يتوقف سبب الصدى الهائل الذي حققته الزيارة عند الدعوة إلى إحلال السلام في منطقة الشرق الأوسط بل تخطاها إلى لقاءات على مستوى رؤساء وملوك الدول تجاوز عددها 15 لقاءً، وتأكيدات مصر على محورية دورها في الملفات الدولة عبر الاجتماع الخاص بقوات حفظ السلام والملف الليبي وغيرها.
عضو المجلس المصري للشؤون الخارجية السفير رخا أحمد حسن، قال لـ«الشبيبة»: «إنَّ زيارة السيسي لأمريكا في الوقت الراهن مع منعها للمعونات المصرية ستعمل بالتأكيد على تلطيف الأجواء وتعيد الحياة إلى العلاقات بين الدولتين، خاصة أن ما لم يُعلن من تفاصيل اللقاء الذي جمع الرئيس المصري بنظيره الأمريكي تناول الحديث عن شراء مصر سلاحًا من روسيا، وتوقيع اتفاق المُفاعلات النووية، وشراء سلاح من فرنسا أيضًا، وهذا يسبب عدم ارتياح لأمريكا».

توقيت الزيارة

أما أستاذ علم الاجتماع السياسي بالجامعة الأمريكية د.سعد الدين إبراهيم، فأوضح أن التوقيت رغم أنه معلن مسبقًا إلا أنه جاء في الوقت الأكثر من مناسب، بالنسبة لمصر؛ نظرًا لما شهدته العلاقات الأمريكية المصرية من فتور، لأسباب عدة على رأسها حجب جزء كبير من المعونة العسكرية الأمريكية لمصر، بقرار من الكونجرس، بناءً على تقرير منظمة هيومن رايتس ووتش، الذي قال إن هناك تحفظات على حقوق الإنسان في مصر.
وأضاف، في تصريح خاص لـ«الشبيبة»، أن مقابلة الرئيسين السيسي وترامب، تزيد من العلاقات الثنائية بينهما، ولغة التفاهم، إلا أنه يتحتم على الجانب المصري أن يعي جيدًا أن الكونجرس هو من أوقف المساعدات الأمريكية لمصر؛ لأنه المعني بقضية حقوق الإنسان، وليس الرئيس ترامب، لذا يجب أن يتم القضاء على التجاوزات الموجودة في هذا الملف بالتحديد.
ورأى سعد الدين إبراهيم، أن الزيارة والمشاركة كانت إيجابية للغاية، خاصة أنها أتاحت للرئيس السيسي عقد مقابلات ولقاءات مع زعماء العالم في توقيت واحد، وخاصة جلسته مع بعض صانعي القرار في الداخل الأمريكي، في مقر إقامته في نيويورك.

نجاح مبهر

وفي السياق نفسه، قال الخبير في العلاقات الدولية بمركز الأهرام للدراسات السياسية والإستراتيجية د.سعيد اللاوندي، إن «مشاركة الرئيس عبدالفتاح السيسي باجتماع الجمعية العامة للأمم المتحدة، هادفة وحققت ناجحًا مبُهرًا، كما أنه الوحيد الذي ألقى كلمة مختصرة، رغم ذلك كانت شاملة للعديد من الموضوعات المهمة التي شغلت المنطقة العربية خاصةً، وأوروبا بشكل عام».
وأضاف: «السيسي طالب الشعبين الفلسطيني والإسرائيلي بالعيش معًا في سلام وأمان، ووجه نداءً أيضًا إلى الرئيس الأمريكي بأن يتحمّل المسؤولية لنبذ العداوات بين الشعبين، هذه هي الخطوة الأولى وبداية حقيقية لتحقيق السلام».
فيما أكد أستاذ العلوم السياسية والعلاقات الدولية بجامعة القاهرة د.طارق فهمي، أنَّ الكلمة التي ألقاها السيسي في المؤتمر الذي عُقد بالولايات المُتحدة ذكية للغاية؛ لأنه من خلالها استغل وجود أكثر من دولة عربية وأوروبية من أجل الدعوة الحقيقية لتحقيق السلام بين كلٍ من «فلسطين وإسرائيل».
ولفت إلى أنَّ كلمة السيسي هذه المرة عن القضية الفلسطينية كانت شاملة لجميع الأطراف التي سيتحقق من خلالها السلام وهم «إسرائيل وفلسطين والولايات المتحدة الأمريكية»، لذا يجب على الأطراف المتلقية لهذه الرسالة العمل جيدًا والسعي لحل الأزمة.
وأشار إلى أنَّ هذه ليست المرة الأولى التي يُشارك فيها الرئيس باجتماع الجمعية العامة للأمم المتحدة، وإنما المرة الرابعة، وأن ردود الأفعال كانت إيجابية حول كلمة مصر سواء في دولة الاحتلال الإسرائيلي أو فلسطين أو أمريكا، لكن المهم أن تترجم هذه الردود إلى خطوات جادة وفاعلة على أرض الواقع.

شكل جديد

ويرى المحلل السياسي، وعضو الحزب الديمقراطي الأمريكي، ماك شرقاوي أن مشاركة الرئيس عبدالفتاح السيسي، بالجمعية العامة للأمم المتحدة في دورتها الـ72، كان مؤثرة جدًا، وأظهرت مصر للعالم بشكل جديد وقوي.
وقال لـ«الشبيبة» عبر سكايب: «مشاركة الرئيس عبدالفتـــاح السيســي في اجتماعات الأمم المتحـــدة هـــذه المرة أثبتت للعالم أن القاهرة بها مفاتيح حل للعديد من القضايا الشائكة بمنطقة الشرق الأوسط، فنجد وقف إطلاق النار فـــي سوريا تمّ بمباركة مصرية، والمصالحة الفلسطينية لن تتم إلا بالتدخل المصري المباشر بين طرفيها فتح وحماس، وأيضًا مباحثات عملية السلام بين الفلسطينيين والإسرائيليين لن تتحرك إلا بعد لقاء الرئيس المصري بالطرفين».
وعن لقاء السيسي بـ«ترامب» للمرة الرابعة قال الشرقاوي: «إن توجه رئيس أكبر دولة إلى مقر إقامة الرئيس المصري يعدّ زيارة رسمية وليست لقاءً على هامش الجمعية العامة، وأعتقد أن جلسة المفاوضات استمرت أكثر من ساعة، وهو الوقت الذي يفوق كل لقاءات الرئيس الأمريكي، كما أن تشكيل الوفد الأمريكي نفسه بهذا العدد الكبير توحي بأنها زيارة إدارة دولة وليس فقط رئيسين».
ونوّه إلى أن العلاقات المصرية الأمريكية شهدت الفترة الأخيرة، نوعًا من أنواع الخمول نتيجة إلغاء مجلس الشيوخ 95 مليون دولار من المعونة العسكرية، وحجب 185 من حزمة المعونات الأمريكية التي تتلقاها مصر، في نفس التوقيت كان وفد رفيع المستوى من المفترض أن يقابل وزير الخارجية المصري سامح شكري، لكن وزارة الخارجية متعمدة صرّحت بأن جدول الأعمال ليس به هذا اللقاء، «لكنني أتوقع أن تشهد العلاقات تطورًا نوعيًا على الأصعدة كافة، نتيجة لحرص مصر على فتح نوافذ التعاون مع الدول كافة وليست الولايات المتحدة فقط».
وأردف أن مصر عندما نوّعت مصادر تسليحها، كصفقة فرنسية لطائرات الرافال وحاملات طائرات هيلكوبتر وصفقة ألمانية للغواصات، وصفقة روسية حصلت خلالها على طائرات ميج 35 ومنظومة دفاع صاروخي، أعطت انطباعًا قويًا بأنها دولة كبيرة لها علاقات بكل العالم.