جدة -
أكد التقرير السنوي لشركة الخبير المالية، المتخصصة في إدارة الأصول والخدمات الاستثمارية والتي تتخذ من مدينة جدة مقراً لها، أن دول مجلس التعاون الخليجي تأثرت بشكل كبير نتيجة التراجع المتواصل في أسعار النفط. فقد أشار إعلان المملكة العربية السعودية وبقية دول مجلس التعاون الخليجي عن ميزانياتها إلى مدى خفض حكومات المنطقة اليوم لإنفاقها غير الأساسي مع الاستمرار في الإنفاق على مبادرات البنية الأساسية والتعليم والبرامج الاجتماعية.
سلسلة من الإصلاحات
وتتوقع الخبير المالية، قيام دول مجلس التعاون الخليجي خلال عام 2016، بتنفيذ سلسلة من الإصلاحات الإضافية للمساعدة على زيادة الإيرادات الحكومية. ومؤخراً، أعلنت المملكة العربية السعودية، على سبيل المثال، عن فرض ضريبة على قيمة الأراضي البيضاء غير المطورة بهدف زيادة الإيرادات المحلية وتشجيع السكان على عدم الاحتفاظ بمساحات غير ضرورية من الأراضي غير المطورة. ويرى خبراء عقاريون أن هذه الخطوة سوف تؤدي إلى زيادة في إيرادات الدولة بقيمة تصل إلى 13 بليون دولار أمريكي (50 بليون ريال سعودي). وأشارت تقارير أيضا إلى أن دول مجلس التعاون أخذت تقترب من تطبيق ضريبة قيمة مضافة في المنطقة، يمكن أن تساعد على زيادة الإيرادات الحكومية المحلية.
نمو نشاط القطاع غير النفطي
وأشار التقرير إلى أن نمو نشاط القطاع غير النفطي في دول مجلس التعاون الخليجي تأثر بشكل جزئي نتيجة لتراجع أسعار النفط، إلا أنه حافظ على مرونته إلى حد كبير. وعلى الرغم من اتجاه أرقام مؤشرات مديري المشتريات في القطاع غير النفطي، المستخدم لقياس قوة النشاط في قطاع الصناعات التحويلية، نحو الانخفاض في الأشهر القليلة الفائتة في المملكة العربية السعودية والإمارات العربية المتحدة، إلا أن القطاع استمر في التوسع بشكل كبير نتيجة لاستفادة هذه الدول من ثمار جهود التنويع التي بذلتها في السابق.
حالة الاقتصاد العالمي
كما يتناول تقرير النظرة المستقبلية للأسواق 2016 بين صفحاته حالة الاقتصاد العالمي، بما في ذلك الولايات المتحدة الأمريكية وأوروبا والأسواق الناشئة. حيث قام الاحتياطي الفدرالي الأمريكي أخيراً برفع أسعار الفائدة الأساسية مع نهاية العام 2015، ما يمثل خطوة مغايرة للسياسات التيسيرية لليابان ومنطقة اليورو. وقد شهد الدولار الأمريكي ارتفاعاً كبيراً على مدى السنة الفائتة في ظل التوقعات بارتفاع أسعار الفائدة في الولايات المتحدة، ومن المتوقع أن يواصل ارتفاعه في العام 2016 مع استمرار الاحتياطي الفدرالي بالزيادة التدريجية لتكاليف الاقتراض.
الاقتصاد الأمريكي قد يتفوق
وأضافت الخبير في تقريرها: «نرى بأن الاقتصاد الأمريكي قد يتفوق في أدائه على اقتصادات الدول الأخرى، إلا أننا لا نزال قلقين من ارتفاع سعر صرف الدولار الأمريكي وضعف الأسواق الخارجية، والذي يمكن أن يؤدي إلى استمرار الضغط باتجاه تقليص النشاط في الاقتصاد الأمريكي، وفي ظل تنامي توقعات رفع الاحتياطي الفدرالي لأسعار الفائدة، اتخذت العوائد على سندات الخزينة الأمريكية اتجاهاً صاعداً في بداية العام الفائت، ولكنها تراجعت مع تراجع أسواق الأسهم الصينية وتوجه أنظار المستثمرين إلى هذه السندات كملاذ آمن. وفي الوقت الحاضر، وفيما يبدو الاقتصاد الأمريكي سائراً بخطى ثابتة نحو تحقيق الانتعاش، لا تزال شركة «الخبير المالية» متخوفة من احتمال هبوب رياح معاكسة لتوقعات التضخم، مع استمرار أسواق السلع الأساسية بالتراجع».
تراجع أداء الشركات
وفي منطقة اليورو، تبقى المؤشرات مدعومة بالسياسة النقدية شديدة المرونة التي يتبعها «البنك المركزي الأوروبي» رغم القضايا الداخلية التي تعصف بالمنطقة إلى جانب الرياح المعاكسة من الخارج. من جهة ثانية، انخفضت هوامش الأرباح بين الشركات الأوروبية مع حلول نهاية العام 2015 رغم تراجع اليورو الذي عزز من جاذبية الصادرات بالنسبة للمشترين الأجانب. وأفادت الخبير في تقريرها: «بدخولنا العام 2016، نرى أن الانخفاض الكبير في سعر اليورو قد يساهم في تنشيط قطاع التصدير في المنطقة، ولكن قد يكون تأثير هذا الانخفاض على الأسهم الأوروبية محدوداً، باعتبار أن ضعف الطلب الخارجي قد يفضي إلى تراجع أداء الشركات، وهو مؤشر لانتعاش طفيف في منطقة اليورو».
موجة بيع حادة
وفي إطار تسليط الضوء على الواقع المحلي، شهدت أسواق الأسهم الخليجية موجة بيع حادة بالتزامن مع استمرار أسعار النفط الخام بالتراجع، وتتوقع شركة «الخبير المالية» أن تواصل أسواق المنطقة مواجهة ضغوط مستمرة. كما أفادت: «نوصي المستثمرين بالاستثمار الانتقائي في الأسواق الخليجية، مع التركيز بشكل خاص على الشركات التي لا تعتمد بشكل رئيسي على القطاع الهيدروكربوني». ووفقاً للتقرير، توصي «الخبير المالية» المستثمرين أيضاً بالتركيز على الشركات التي تمتاز بميزانيات عمومية جيدة وبالقدرة على الاستمرار في توزيع الأرباح لفترة أطول.
تقلبات كبيرة
وجاء في التقرير: «شهد العام 2015 عموماً تقلبات كبيرة وتطورات متسارعة. وقد أتاحت الأشهر الاثنا عشر الفائتة فرصة سانحة للمملكة العربية السعودية لتعزيز مقوماتها الاقتصادية من جهة والمضي قُدماً نحو المزيد من التنويع من جهة أخرى. وإذا ما تطلعنا إلى العام 2016، نجد في الأفق عدداً من التحديات التي ستواجه الأسواق الإقليمية والعالمية، وتتطلب إدارة حذرة واستعداداً دقيقاً من أجل التصدي الفعّال لانعكاساتها».
ويقدم التقرير رؤية شركة الخبير المالية تجاه الأسواق الرئيسية على الصعيدين الإقليمي والعالمي، ويشمل ذلك عددا من فئات الأصول تتضمن الأسهم والدخل الثابت والسلع والعملات. كما يتطرق التقرير إلى العوامل التي ستؤثر على الأعمال خلال العام، إضافة إلى مراجعة توقعات تقرير العام الفائت.
تفاؤل حذر
واختتم التقرير: «بشكل عام، ثمة أسباب تدعو للتفاؤل بعام 2016 على الرغم من المخاطر العديدة التي تواجه الاقتصاد العالمي، وهناك بعض الفرص المتاحة للمستثمرين. وفيما نلحظ تحسناً مدروساً ومستمراً في ظروف الاقتصاد عموماً وزيادة في ثقة المستثمرين بالقطاع الخاص، إلا أن نظرتنا المستقبلية المتفائلة تبقى حذرة في الوقت ذاته».