مراكز ريادة الأعمال بالولايات

مقالات رأي و تحليلات الأربعاء ٢٤/فبراير/٢٠١٦ ٠١:٢٠ ص
مراكز ريادة الأعمال بالولايات

علي بن راشد المطاعني

تنمية ريادة الأعمال في السلطنة تتطلب خطوات كبيرة تحدث أثرا ملموسا في عملية تعزيز ثقافة ‏هذا الجانب في المرحلة المقبلة، وإيجاد أجيال من الشباب قادرة على التشغيل الذاتي، وهذا لا يتأتى إلا من خلال إيجاد ما يسمى مراكز ريادة الأعمال في ولايات السلطنة، بحيث يكون هناك مركز بكل ولاية يعمل على توفير فرص الأعمال الذاتية للشباب العماني من شبان وفتيات في الأنشطة الاقتصادية وفق طبيعة كل ولاية، ومدى توافر المخرجات من عدمه، والقيام بإرشاد وتوعية الشباب بقيمة العمل الحر، وأهميته للفرد والمجتمع، فضلا عن القيام بدراسات للفرص المتوفرة وكيفية إحلال الكوادر الوطنية بدون إخلال في الخدمات المقدمة للمستهلكين بالتنسيق مع الجهات المعنية، وتوفير سبل الحماية وتكافؤ الفرص لأبنائنا لخدمة وطنهم في ولاياتهم. فبلا شك إن فرص ريادة الأعمال في ولايات السلطنة كثيرة تشغلها القوى العاملة الوافدة، وتتفرع أعمالها في ظل النمو السكاني والاقتصادي الذي تعيشه السلطنة، إلا أن استفادة أبنائنا الشباب منها قليلة جدا، أو يكاد لا تذكر مقارنة مع استفادة الغير، لعدم وجود موجهات للشباب كمراكز ريادة الأعمال التي يمكن أن تكون نواة قوية لإيجاد مجالات عمل حرة للشباب العماني في المجالات الاقتصادية ذات القيمة المضافة، بدلا أن يقفوا في طوابير ينتظرون قطار الوظيفة في القطاعين العام أو الخاص،، إلى أن يأتي الفرج، وقد يمتد سنوات في حين أن الفرص تحت أقدام أبنائنا، تحتاج منا إلى توجيه وتأهيل ومتابعة الشباب في ريادتهم، وهذا لا يكون إلا من خلال مراكز متخصصة في هذا المجال تقف عن قرب من الباحثين عن عمل وتتلمس احتياجات الولايات من أعمال ريادة الأعمال ومتطلباتها من الأنشطة التجارية وفق دراسات اقتصادية مجدية لإقامة مشاريع تقدم للشباب لكي يستثمروها وتوفير التمويل والتأهيل والتوعية والمتابعة لاستدامة مشروعاتهم، وبذلك نكون قد وضعنا الأساس الصحيح لريادة الأعمال التي تؤسس بشكل عملي وفعّال، وتهيئ كل الفرص للشباب وتقضي على الأعذار وتعالج كل التحديات. إن الأفواج التي تتخرج من الجامعات والكليات التي تزيد على 50 ألف خريج سنويا تحتاج إلى من يستوعبها، ‏لذا علينا أن نفكر باستمرار في فرص عمل لهم وتهيئة كل الظروف لبناء أنفسهم ووطنهم، فهؤلاء الشباب المتشربون من مناهل العمل والمتحمسون لبناء وطنهم، فهم طاقات لا يجب أن تهدر لسنوات، وإنما ينبغي أن توظف بالطرق الصحيحة الهادفة إلى توجيهها للطرق الصحيحة، وهذا لا يتأتى عن بعد وإنما بالاقتراب منهم ومعايشة أحلامهم وتحدياتهم وتذليلها بكل الطرق الممكنة. قد يقول البعض إن هذه المراكز فيها تكلفة وتحتاج إلى كوادر إلى غير ذلك، ونقول إن إنشاء مثل هذه المراكز يعد في حد ذاته استثمارا قبل أن يكون تكلفة، ويمكن تقليص الإدارات الحكومية أو دمجها، وتسخير مقراتها وموظفيها لهذه المراكز المهمة التي ستفتح آفاقا واسعة أمام خريجينا نحو العمل الحر، وريادة الأعمال. لا أعرف ماهي خطط الجهات الحكومية، غير التوظيف المشلول في الفترة الراهنة لدواع كثيرة منها التشبع ومنها الأزمة المالية، وغيرها، فيما يجب أن نفكر، إذا كانت لديها هذه التحديات فلا بد من إقامة مثل هذه الحاضنات لريادة الأعمال. فالمهندس الخريج يمكن أن نوجهه إلى أن ينشئ مع زميل له شركة مقاولات، أو صيانة في محال الكهرباء، والمهندس الزراعي نساعده في إنشاء مزرعة أو شركة زراعية أو مشتل، وخريج التجارة وإدارة الأعمال يمكن أن يرشد إلى فتح سوبر ماركت، والخريج القانوني يمكن مساعدته لفتح شركة محاماة، والطبيب يمكن أن يفتح عيادة مع زملائه، والصيدلانية قد تفتح صيدلية وهكذا تمضي الأمور بجهود مشتركة ومتابعة مستمرة. إن الجهات الحكومية المختصة وكل العقلاء ومجلسي الدولة والشورى وغرفة تجارة وصناعة عمان ‏معنيون بدراسة مثل هذه المقترحات، والاستفادة من الأفكار وتطويرها بما يسهم في إيجاد حلول عملية لمشكلات تنتظرنا في المستقبل القريب إذا لم نوجد لها حلولا، ونوفر كل الفرص، ونقنع المجتمع بما يتوفر من أعمال حرة مضمونة العائد وسبل الاستفادة منها والإمكانيات المتوفرة لمساندة أي عمل حر يقوده شابٌّ أو فتاة.