الشيخ الصوافي يشرح موقف الإسلام من الانتحار أو التشجيع عليه

بلادنا الخميس ٢١/سبتمبر/٢٠١٧ ١٩:٢٢ م
الشيخ الصوافي يشرح موقف الإسلام من الانتحار أو التشجيع عليه

مسقط - ش
وقعت فجر اليوم الخميس حادثة مستغربة في المجتمع العماني، عندما حاول آسيوي الانتحار من أعلى مبنى في بوشر، إلا أن تدخل فرق الدفاع المدني والإسعاف وشرطة عمان السلطانية حال دون تنفيذ الانتحار.
وفي رده على سؤال الشبيبة حول موقف الإسلام من الانتحار أو التشجيع عليه، أجاب فضيلة الشيخ إبراهيم الصوافي قائلا:
النفس البشرية لها مكانة عظيمة عند الله عز وجل لذلك حرم الله سبحانه وتعالى الاعتداء عليها، بكل صورة من صور الاعتداء، وأعظم صورة هي بقتلها، سواء أقدم الإنسان على قتل نفسه، أو أقدم غيره على قتله، لذلك بين الله عز وجل في القرآن الكريم {مَن قَتَلَ نَفْسًا بِغَيْرِ نَفْسٍ أَوْ فَسَادٍ فِي الْأَرْضِ فَكَأَنَّمَا قَتَلَ النَّاسَ جَمِيعًا وَمَنْ أَحْيَاهَا فَكَأَنَّمَا أَحْيَا النَّاسَ جَمِيعًا} (المائدة: 32)، فمن تسبب في قتل نفس بشرية واحدة كأنما تسبب في تقل الناس جميعا، ومن تسبب في إحياء نفس بشرية واحدة أيضا كأنما أحيا الناس جميعا، وذلك لعظم مكانة الإنسان عند الله عز وجل.
ولذلك حذر الله عز وجل من قتل النفس وتوعد من يقدم على قتل نفسه بالوعيد الشديد عندما قال الله عز وجل {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تَأْكُلُوا أَمْوَالَكُم بَيْنَكُم بِالْبَاطِلِ إِلَّا أَن تَكُونَ تِجَارَةً عَن تَرَاضٍ مِّنكُمْ ۚ وَلَا تَقْتُلُوا أَنفُسَكُمْ ۚ إِنَّ اللَّهَ كَانَ بِكُمْ رَحِيمًا (29) وَمَن يَفْعَلْ ذَٰلِكَ عُدْوَانًا وَظُلْمًا فَسَوْفَ نُصْلِيهِ نَارًا ۚ وَكَانَ ذَٰلِكَ عَلَى اللَّهِ يَسِيرًا} (النساء: 29،30)، وحذر أيضا من إلقاء النفس إلى التهلكة وقال: {وَلَا تُلْقُوا بِأَيْدِيكُمْ إِلَى التَّهْلُكَةِ} (البقرة: 195).
والرسول صلى الله عليه وسلم شدد كثيرا فيما يقتل نفسه، حتى أن أحد الذي كانوا معه في تلك الغزوات قاتل بشراسة، ولم يترك شاردة ولا واردة إلا أقدم عليها، حتى أصيب بجراح شديدة، فقال الناس: هنيئا له الجنة، فرد الرسول صلى الله عليه وسلم: لا، ليس من أهل الجنة. فتبعه الصحابة وقالوا: كيف يحكم عليه النبي صلى الله عليه وسلم أنه ليس من الجنة؟. لأنه عندما اشتدت عليه الجراح أقدم على قتل نفسه.
وهذا دليل آخر، أنه مهما اشتدت الأزمات، والأمراض، والآلام على الإنسان، كل ذلك لا يسوغ له أن يقتل نفسه، ولا يسوغ ذلك أيضا عند ما يعرف بعض الأطباء بالقتل الرحيم، وهو أن يُقتل الإنسان الميؤوس من حياته، فهذا يعتبر جريمة بشعة في الإسلام، لأن الذي وهب الحياة هو الله، والذي يسلبها هو الله، ولا يجوز للإنسان أن يتدخل لإنهاء حياة إنسان، سواءا كانت حياة نفسه، أو حياة غيره.
وفي هذا جواب على سؤال قد يطرحه البعض، إذ كان الانتحار جريمة وكبيرة في الإسلام، فهل يجوز التعاون مع المنتحر؟، طبعا لا يجوز الإعانة على الانتحار، أو قتل النفس، بأي صورة من صور التعاون، سواء كان بإعطاءه دواء، أو تشجيعه، أو بالسكوت، فإذا رأى إنسان شخص يريد أن يقتل نفسه، فلا يجوز له أن يسكت، بل عليه أن يتخذ كل الإجراءات الممكنة، وأن يبذل كل ما بوسعه ليمنع عملية الانتحار، هذه حتى لا يكون مشاركا في القتل، وهذه مسؤولية مجتمعية، أن يتعاون الجميع في منع حالات الانتحار، وقتل النفس، ولا شك هنالك مسؤولية على الدول، بتوفيرها الرعاية، والعيشة الهنية، لشعوبها ولمن يعيشون فيها، وتتبع الحالات، كل ذلك واجب، على الأمة حتى تمنع هذه الحالات قبل وقوعها، وإن كان ذلك لا يسوغ قتل النفس، وإن اشتدت الأزمات، أو الظروف الاقتصادية، أو المالية، أو الصحية على الإنسان، عليه أن يصبر، وأن يبحث عن مخرج، ولا يجوز له أن يلجأ إلى الانتحار، لأنه يعد اعتداء على هذه الحياة التي وهبها الله سبحانه وتعالى للإنسان.