مسقط - سعيد الهاشمي
شكا عدد من الشباب من أن مكاتب التثمين العقاري تثمّن العقار بأقل من سعره الفعلي ما يؤدي إلى حصول الراغب في تمويل بنكي على مبلغ زهيد لا يكفيه لبناء المنزل.
وفي هذا الصدد قال رئيس لجنة الشباب والموارد البشرية بمجلس الشورى سعادة م.محمد بن سالم البوسعيدي: إن المسألة لا تتعدى رغبة البنك في ضمان حقه، موضحًا أنه عندما تريد أن تأخذ قرضًا من البنك لشراء السكن فإنه يطلب تثمين المبنى بنوعين من التأمين أولهما التثمين السوقي للعقار وبعد ذلك يتم تثمينه تثمينًا آخر يُسمى البيع الجبري أو القسري بسعر أقل، على أساس التقليل من المخاطر، ففي حال واجه العقار مخاطر معيّنة منها عجز الشاب عن سداد المبلغ، فسيتم عرض المنزل للبيع في السوق المفتوح، ومكتب التثمين سيتحمّل مسؤولية العقار إن تم بيعه بأقل من قيمة التثمين، ولذلك تجد المكاتب حذرة في التثمين وهذا شيء طبيعي وموجود في دول العالم المختلفة. وعن الكيفية التي يمكن من خلالها للشاب توفير قيمة المسكن كاملًا قال البوسعيدي: البنك عادةً لا يعطي الشاب 100 % من قيمة العقار بل يعطيه 80 % تقريبًا، فينبغي أن يكون الشاب قادرًا على توفير بقية المبلغ بطرق أخرى، على سبيل المثال عن طريق التوفير المسبق، وهذا ما نتمناه، فبالرغم من صعوبة التوفير، ولكن على الشباب وبخاصة في بداية أعمارهم أن يعوا أن هناك متطلبًا أساسيًا في حياتهم وهو توفير السكن، فينبغي أن يستغل الشاب بداية حياته بأن ينظم مستلزماته المالية ويوفر بعض المبالغ لتسليمها كدفعة مقدمة وهي 20 % من قيمة العقار أو السكن، حتى يجنب نفسه ضغوط الدين مستقبلًا.
وفي رده على السؤال نفسه أوضح رئيس قسم التوزيع وإدارة الثروات ببنك العز الإسلامي محمد الغساني قائلًا: إن تقييم العقار يعتمد على موقعه وعلى قيمته السوقية في الوقت الذي يطلب فيه الزبون التمويل من البنك في حينه، كما تتم في الوقت نفسه مراعاة المواد المستخدمة في البناء بمعنى من ناحية الجودة، علاوة على ذلك يتم في الوقت نفسه تقييم التشطيبات النهائية المستخدمة في بناء العقار فبعضها يكون مبنيًا بشكل تجاري لا يتوافق مع قيمة العقار على نقيض ما هو مبني بشكل تتخلله الجودة في كل شيء، كما يوجد أيضًا تقييم شامل لسعر المتر وسعر البناء، وعلى إثر ذلك يتم تحديد قيمة العقار.
وعن أسباب قيام البنك بطلب تثمين العقار أشار الغساني إلى أن تقييم العقار يعدّ أحد أهم القوانين التي تضطلع البنوك بتطبيقها، ويقوم البنك بتمويل ما نسبته 80 % من قيمة العقار ويأتي ذلك كنتيجة طبيعية حتى يتسنى للبنك معرفة المبلغ الذي سيقوم بتمويله للزبون، ومن غير الممكن تمويل العقار بنسبة 100 % لأن ذلك يعدّ مخالفة لقوانين البنك المركزي، ويقوم الزبون بدفع مبلغ مساهمة بنسبة 20 %.
وعن جهود بنك العز الإسلامي لتوفير التمويل اللازم للمستهلكين أو ممن يرغب بأخذ تمويل للمسكن أكد الغساني أن من ضمن سلسلة التسهيلات التي ينتهجها بنك العز الإسلامي لزبائنه، فإن اقتناء منزل الأحلام مع التمويل السكني «الإجارة» أصبح سهلًا، إذ يقوم البنك بشراء العقار من مالكه بناءً على الوعد بالاستئجار المُقدم من قِبل الزبون ومن ثم يقوم البنك بصفته المالك بتأجير العقار للزبون مقابل أجرة معيّنة ولفترة زمنية محددة وفي نهاية مدة الإجارة ينقل البنك ملكية العقار للزبون.
وقال الغساني: يحمل التمويل السكني «الإجارة» العديد من المزايا والتسهيلات والتي من بينها إتاحته للعُمانيين والمقيمين سواء للموظفين أو أصحاب الأعمال الخاصة ولا يتطلب سوى مستندات بسيطة وإجراءات وموافقات سريعة مع توفير خيارات سداد مرنة تصل إلى 25 عامًا وتمويل يصل لغاية 80 % من قيمة العقار، بالإضافة إلى ذلك فإن التمويل السكني «إجارة» متوفر للعقارات القائمة، كما يبلغ الحد الأقصى لمبلغ التمويل 450 ألف ريال عماني، أما فيما يتعلق بالراتب فقد وضع بنك العز الإسلامي الحد الأدنى للراتب 300 ريال عماني لموظفي القطاع الحكومي و350 ريالًا عمانيًا لموظفي القطاع الخاص.
وأضاف الغساني: من ناحية أخرى ومع التمويل السكني «الإجارة الموصوفة في الذمة» فإن بإمكان الزبائن أيضًا بناء منزل الأحلام بسهولة ويسر بطريقة تتوافق مع أحكام ومبادئ الشريعة الإسلامية وذلك على مبدأ الإجارة الموصوفة بالذمة، وفي هذا المنتج يشيّد البنك «المؤجر» العقار الذي يرغب به الزبون وذلك وفقًا لطلب الزبون ووعده بالاستئجار، وبعد تشييد العقار يؤجره البنك للزبون لمدة محددة مقابل أجرة معيّنة، وفي نهاية المدة وبشرط وفاء الزبون بجميع الالتزامات بموجب عقد الإجارة ينقل البنك ملكية العقار للزبون، ومن بين المزايا أيضًا التي يحملها هذا المنتج أنه متاح للعُمانيين والمقيمين سواء للموظفين أو أصحاب الأعمال الخاصة كما لا يتطلب سوى مستندات بسيطة وإجراءات وموافقات سريعة مع خيارات سداد مرنة تصل إلى 25 عامًا وتمويل يصل لغاية 80 % من قيمة العقار، ومن بين كذلك التسهيلات التي وضعها بنك العز الإسلامي على منتج «الإجارة الموصوفة بالذمة» بأنه ينطبق على العقارات التي ما تزال قيد الإنشاء.
وعن كيفية التعامل مع ما يقوم به البعض من التثمين بأعلى من سعر المنزل أو العقار لكي يوفر على نفسه تكاليف تمويل البنك كاملًا قال الغساني: إننا في البنك العز الإسلامي ننطلق من مبدأ الشفافية في كل معاملاتنا المصرفية التي تأتي جميعها متوافقة مع أحكام ومبادئ الشريعة الإسلامية، ونحن في مسألة التقييم نعمد أو نقوم باستخدام جهات مستقلة ومعتمدة لتقييم قيمة العقار وبناءً على التثمين الذي يتم تحديده من قِبل هذه الجهة يتم تحديد مبلغ التمويل الذي يستحقه الزبون والذي يكون بطبيعة الحال 80 % من قيمة العقار.
وعمّا إذا كان موضوع تثمين العقار بأقل من السعر الفعلي ممارسة موجودة على أرض الواقع قال الرئيس التنفيذي لشركة المدينة العقارية عبدالرحمن برهام: هذه الإشكالية ممارسة موجودة فعلًا في السوق فدائمًا ما تقدِّر مكاتب التثمين العقار بأقل من السعر الفعلي، وهذا من المغالطات الموجودة، كما أن تقديرها بسعر أعلى من السعر الفعلي يعتبر كذلك من المغالطات التي تحدث في مكاتب التثمين؛ لأن الهدف من التثمين هو تقدير القيمة العاجلة للعقار والقيمة العاجلة للعقار تكون وفق معاملات البيع والشراء التي تمت خلال الفترة القريبة أو المتوقع أن تتم خلال نفس الفترة، فهذا هو المعيار الأساسي الذي يقوم عليه التثمين.
وأضاف عبدالرحمن برهام: للأسف المقاربة في السوق تكون في بعض الأحيان بعيدة عن الواقع لأنه لا توجد مؤشرات لأسعار العقارات وفي ظل غياب هذه المؤشرات لا تتحقق الشفافية، كما أن البنوك في بعض الأحيان تضغط على شركات التقييم لكي تكون متحفظة في تقييمها، وترجع أسباب ذلك إلى عدم وجود شفافية في نشر المعلومات العقارية بشكل واضح يمكن أن تُبنى عليه مؤشرات أسعار حقيقية.
ودعا عبدالرحمن برهام إلى وجود قطاع عقاري رائج وبه منافسة على مختلف الخدمات سواء كانت تمويلية أو على مستوى خدمات البناء، وأن يكون هناك تيسير لاقتناء المسكن للمواطن العُماني، وأن يُعطى هذا القطاع أهمية كبيرة ودعمًا غير مباشر على أساس يسهّل اقتناء المسكن، بحيث يكون جزءًا من الحياة الكريمة التي ينشد مولانا صاحب الجلالة السلطان قابوس بن سعيد المعظم -حفظه الله ورعاه- توفيرها للمواطنين.
من جانبه أوضح حسن بن عدنان اللواتي من قسم تثمين الممتلكات بمجموعة حبيب العقارية أن شركات التمويل بشكل عام في السلطنة تعمل على أساس أن البنك يموّل 60 % من قيمة العقار التجاري و80 % من قيمة العقار السكني وفقًا لتقييم الشركات المتخصصة بالتثمين.
وأضاف: يجب أن يقيّم المثمّن بالقيمة الفعلية العاجلة في السوق، مبينًا أن المثمّن هو المتخصص في إصدار القيمة العقارية، ويحتاج لأن يكون ذا خبرة ومتابعًا للأسعار في شتى مناطق السلطنة بشكل دائم، وأن يكون شخصًا ذا خلفية وخبرة لمعرفة كيفية مقارنة الأسعار سواء كانت سكنية أو تجارية أو صناعية؛ لأن التثمين يمر بثلاثة طرق على أقل تقدير للتوصل إلى القيمة الفعلية، أولها قيمة التكلفة، وثانيها المقارنة، بحيث يستطيع المقارنة بين العقارات، وثالثها طريقة الدخل، وهي التوصل للقيمة العقارية عن طريق دخل العقار، والمثمّن يجب أن يكون هو الجهة الصحيحة للتوصل للقيمة الحقيقية للعقار؛ فالعقارات متفاوتة في سعرها لما لها من عوامل طبوغرافية وخدمية.
وأضاف حسن اللواتي: يجب أن يكون المثمّن ذا خبرة في ذات المجال لثماني سنوات على الأقل، لكي يكون مؤهلًا لإصدار تقارير التثمين ووضع الأسعار.
ويقول الخبير الاقتصادي لؤي بطاينة: من وجهة نظري أنه في ظل عدم وجود بورصة للعقار تعكس أسعار الطلب والعرض للعقار تحدث العديد من التجاوزات والتقديرات التي قد تكون بعيدة عن الواقع، فلو كان هناك سوق للعقار مثلًا كسوق الأسهم ستأخذ البنوك القيمة السوقية، وتعطي طالب التمويل جزءًا من القيمة السوقية، ولكن في ظل غياب الشفافية في السوق العقاري تحدث تقديرات التي قد لا تكون واقعية.
شكوى الشباب
يقول هلال بن علي الهاشمي وهو أحد الشباب الراغبين في الحصول على تمويل لاقتناء منزل: نواجه إشكالية في عدم توفير مبلغ تمويل المنزل كاملًا من قِبل البنوك، كما أن مكاتب التثمين تقيّم المنزل بسعر أقل من سعره الحقيقي مما يقلل التمويل البنكي مرة أخرى.
وقال فيصل بن سالم المعولي: أريد اقتناء منزل، ولكن لا يوجد لديّ مبلغ لكي أقوم بدفعه لصاحب المنزل لأن البنك لا يقوم بتوفير المبلغ كاملًا.