محمد محمود عثمان
الترويج للاستثمار في منطقة الدقم الاقتصادية التي تمثل نقلة نوعية واعدة في الاقتصادي العُماني، وتنويع مصادر الدخل بدون الاعتماد على الموارد التقليدية من عائدات النفط، شهد مؤخرًا نموذجًا غير تقليدي لإبراز مميزات وحوافز الاستثمار المتاحة حيث انتقلت قيادات المنطقة إلى الدول والمجتمعات المستهدفة في الخارج لاستقطاب الاستثمارات، وهى تحمل على كاهلها مسؤولية مستقبل الاقتصاد العماني للعشرين سنة المقبلة.
وكانت البداية من الصين - وهي مبادرة جديدة وفريدة، تعبر عن المهارات الإدارية المتميزة للمسؤولين عن المنطقة، وقدرتهم على فهم ومتطلبات الواقع - لعرض ما تتميز به الدقم من النواحي الاقتصادية، إلى جانب الموقع الإستراتيجي في طريق التجارة العالمية، وما تقدمه الهيئة من حوافز وتسهيلات للمستثمرين حيث تقدم المنطقة الاقتصادية الخاصة بالدقم فرصًا استثمارية واعدة من خلال بيئة أعمال شفافة ومنافسة ومتطورة، وبالإضافة إلى الموقع الجغرافي للمنطقة.
تقدم الهيئة عددًا من الحوافز مثل الإعفاءات الضريبية التي تصل إلى 30 عامًا، وحرية حركة رأس المال وتبادل العملات وتوزيع الأرباح، ووجود خدمات المحطة الواحدة في مجال تسجيل الشركات، وإصدار تراخيص البناء والتصاريح البيئية وتراخيص مزاولة الأنشطة، وتسهيل إجراءات إصدار تصاريح العمل للقوى العاملة الأجنبية، بعيدًا عن الإجراءات الروتينية المعتادة، وخروجًا من الإطار التقليدي للترويج الذي يقتصر على مجرد عرض المميزات والحوافز على مجتمع رجال الأعمال والمستثمرين.
إن قيام المسؤولين بالاتفاق مع الجمعيات والاتحادات المتخصصة في المجالات الصناعية والتقنية الأجنبية على تولي عملية الترويج للسلطنة في القطاعات التي تعمل من خلالها، مثل الدعوة لاستقطاب الشركات الصينية العاملة في قطاع البتروكيماويات للاستثمار في المنطقة الاقتصادية الخاصة بالدقم، هي أفكار جديدة، ومؤشر جيد لاستمرارية عمليات الترويج واستدامتها في الصين، خصوصاً مع وجود المدينة الصناعية الصينية العمانية بالدقم التي يمكن أن تستوعب العديد من استثمارات الشركات الصينية الكبرى التي تتطلع إلى الأسواق الجديدة والواعدة.
ولم يقتصر الترويج على العروض والندوات التعريفية بل تطرق إلى وسيلة عملية لتسهيل التنفيذ وإيجاد آليات للتطبيق من خلال بحث تشكيل فريق عمل مشترك من بعض المجموعات الصناعية الصينية وهيئة المنطقة الاقتصادية الخاصة بالدقم، لمناقشة مختلف التفاصيل المتعلقة بتحقيق أهداف الطرفين من هذا الاستثمار، حيث تسعى هيئة المنطقة الاقتصادية الخاصة بالدقم إلى تنفيذ مشروعات نوعية بالمنطقة تحقق قيمة مضافة جديدة للمشروعات القائمة حاليا، وتُسهم في توفير مجالات عمل للمؤسسات الصغيرة والمتوسطة، وكذلك توفير فرص عمل مناسبة ومجزية للأيدي العاملة الوطنية الباحثة عن عمل، في إطار السعي إلى تطوير قطاع الصناعات التحويلية بصفته أحد القطاعات التي تُسهم في تحقيق التنويع الاقتصادي.
الفرصة مواتية بالكامل أمام القطاع الخاص الصيني، بصورة منفردة، أو بالاشتراك مع القطاع الخاص العماني، للمشاركة بمشاريع استثمارية، ذات عائد اقتصادي في منطقة الدقم، وفي الجانب الآخر تعزيز اتخاذ خطوات عملية لتوطين التكنولوجيا الحديثة والخبرات الفنية والتقنية، التي تسهم في تطوير الأداء وتحسين الإنتاجية وزيادة الإنتاج، والصمود في وجه المنافسة العالمية الشرسة، التي تتسلح بالمعرفة والعلم والتكنولوجيا في شتى المجالات، واعتبار ذلك من أهم مقومات نجاح المشروعات الصناعية الحديثة التي تقام على أرض المنطقة الاقتصادية الخاصة بالدقم.
لذلك أرجو أن تتواصل هذه الجهود الترويجية إلى أوروبا وأمريكا وروسيا كما حدث مع الصين حتى تتنوع مصادر المعرفة،ومصادر التكنولوجيا لتلتقي جميعها على أرض المنطقة الاقتصادية الخاصة بالدقم، ومن ثم تكون النواة التي تنتشر منها التكنولوجيا إلى دول المنطقة، ويبقى فقط أن تستفيد منطقة الدقم الاقتصادية من العلاقات الخاصة التي تربط غرفة وتجارة وصناعة عمان ومجلس إدارتها النشط الذي يفكر خارج الصندوق -على غير العادة- في الترويج المستمر للاستثمار في المنطقة الاقتصادية الخاصة بالدقم من خلال غرف التجارة العربية- الأوروبية المشتركة، بما لها من إمكانيات وبما لديها من بيانات ومعلومات، تساعد كثيرًا في استمرار ونجاح الحملة الترويحية للدقم على مستوى العالم، وعرض الميزات التنافسية والتفضيلية التي توفرها المنطقة، بما في ذلك الموقع الجغرافي المتميز على بحر العرب المفتوح، تحسبًا من التحديات الجغرافية والمخاوف السياسية القائمة أو غير المتوقعة التي قد يفرضها الواقع على مضيق هرمز.
*mohmeedosman@yahoo.com