أحلام «موراليس» بفترة رئاسية رابعة في بوليفيا تتحول إلى سراب

الحدث الأربعاء ٢٤/فبراير/٢٠١٦ ٠٠:١٠ ص

لاباز -
يتجه مسعى الرئيس البوليفي ايفو موراليس الهادف إلى تعديل الدستور من أجل أن يصبح في إمكانه الترشح لفترة رئاسية رابعة مدتها خمس سنوات، إلى الفشل بفارق ضئيل، حسبما أظهرت توقعات للتصويت بعد استفتاء الأحد الفائت. وتشير التوقعات الأولية إلى أن أكثر من 52 في المئة من الناخبين سيرفضون هذا الاقتراح، وفقا لشبكة (إيه.تي.بي) الإذاعية. ويشغل موراليس، أول رئيس من السكان الأصليين، منصبه منذ العام 2006، وتنتهي فترة رئاسته الحالية والأخيرة وفقا للدستور الحالي في العام 2020. وأدلى الناخبون بأصواتهم يوم الأحد في استفتاء على إجراء تعديلات دستورية من شأنها أن تسمح لموراليس بالترشح لولاية رئاسية رابعة حتى العام 2025 إذا أعيد انتخابه. ويسعى موراليس لتغيير الدستور حتى يتسنى له ترشيح نفسه لإعادة انتخابه في 2019 وهو احتمال يسمح له بالبقاء رئيسا للبلاد حتى 2025. ودعي حوالي ستة ملايين ناخب إلى التصويت في هذا الاستفتاء، بينما أشارت في وقت سابق على إجراء الاستفتاء استطلاعات الرأي الأخيرة إلى أن معارضي ولاية رابعة لموراليس يشكلون 47% من الناخبين مقابل 27% من المؤيدين.

وحتى الأسبوع قبل الاستفتاء كان أنصار إصلاح الدستور للسماح لأقدم رئيس في منصبه في أميركا اللاتينية بالترشح لولاية جديدة في 2019 متساوين مع المعارضين، لكن اتهامات باستغلال النفوذ تستهدفه بدأت تغير المعطيات. وفي تجمع لحشد التأييد للإدلاء بـ»نعم» في الاستفتاء في لاباز قال موراليس إن أنصاره الذين يريدون استمرار نهجه من «الاشتراكية العملية» طلبوا منه البقاء. وكان موراليس قد انتخب في 22 يناير 2006 بـ54% من الأصوات رئيساً وأصبح بذلك أول رئيس من السكان الأصليين في تاريخ بوليفيا، وقد أعيد انتخابه في 2009 بـ64% من الأصوات ثم في 2014 بـ61 % من الأصوات لولاية رئاسية ثالثة. وجعل موراليس القريب من كوبا ومن الرئيس الفنزويلي الراحل هوغو شافيز من واشنطن عدوًّا له وعقد تحالفات مع إيران وروسيا والصين. وتركز المعارضة هجماتها على قضايا الفساد بينما يشدد موراليس ونائبه ألفارو غارسيا لينيرا على التنمية الاقتصادية التي تشهدها البلاد.

ولاية ثالثة

في أكتوبر من العام 2014 فاز الرئيس البوليفي، اليساري إيفو موراليس، بولاية جديدة لخمس سنوات من الدور الأول للانتخابات. أدلى البوليفيون وقتها بأصواتهم في اقتراع عام يكرس التأييد الكبير الذي يتمتع به الرئيس اليساري إيفو موراليس عبر انتخابه لولاية رئاسية ثالثة من خمس سنوات بأغلبية ساحقة، حسب استطلاعات الناخبين بعد خروجهم من مكاتب الاقتراع والتي أعطته أكثر من 60% من الأصوات. وإبان الإعلان النتائج اجتمع الآلاف من أنصار الرئيس موراليس في ساحة موريللو في لاباز حيث مقر القصر الجمهوري. وحسب نتائج معهدي موري وإيبسوس فإن الرئيس اليساري فاز في الانتخابات بأغلبية كبيرة في مقاطعات البلاد باستثناء مقاطعة بيني (شمال شرق) التي ذهبت لخصمه صمويل دوريا ميدينا مرشح حزب الاتحاد الديمقراطي.

وبالمقابل صوتت مقاطعة سانتا كروز التي كانت لفترة طويلة معقلا للمعارضة ومن أكثر المقاطعات ازدهارا في البلاد، لصالح إيفو موراليس بأغلبية 49% من الأصوات مقابل 38% لخصمه صمويل دوريا ميدينا. وحصل حزب موراليس أيضا على 111 نائباً من أصل 130 في مجلس النواب و25 من أصل 36 مقعداً في مجلس الشيوخ. وكان موراليس، أقدم رئيس في الحكم في القارة، ردا على سؤال حول إعادة انتخابه المرجحة، وعد بـ»احترام دستور» 2009 الذي ينص على إعادة انتخاب واحدة على التوالي.

من هو إيفو موراليس؟

البعض يصفه بالمناضل ضد «الرأسمالية العالمية» و»الإمبريالية الأمريكية» والبعض الآخر بـ»الشيطان». لكن رئيس بوليفيا إيفو موراليس يعد من الشخصيات السياسية التي تحظى باحترام كبير من قبل البوليفيين. كانت نتيجة الانتخابات الرئاسية محسومة قبل إجرائها لصالح الزعيم اليساري إيفو موراليس الذي تمكن خلال 8 سنوات من تغيير الوجه الاقتصادي والاجتماعي لبوليفيا، التي تعد أفقر دولة في أمريكا اللاتينية رغم ثرواتها النفطية. موراليس، الذي وصل إلى الحكم في 2005 بعد فوزه بحوالي 54 في المئة من الأصوات يدخل في لائحة رؤساء دول القارة الأمريكية الذين قضوا فترات طويلة في السلطة. وإذا كان الفقراء يرون فيه الرجل القوي الذي أعاد لهم شرفهم ووقف بالمرصاد ضد ما يسميه «الإمبريالية الأمريكية» ومصالح الرأسمالية العالمية، يصفه البعض الآخر بالمقابل، خاصة ملاك الأراضي والمستثمرين الأمريكيين وإدارة واشنطن، بـ»الشيطان» و»تاجر المخدرات». ورغم محاولات الولايات المتحدة أن تظهره على أنه رجل خطير للديمقراطية، إلا أن غالبية شعبه لا تزال تثق فيه. والدليل فوزه ثلاث مرات على التوالي في الانتخابات الرئاسية (2006، 2010 و2014) في يوليفيا.

نقابي ومدافع عن مزارعي «الكوكا»

ولد موراليس عام 1959 في كنف عائلة فقيرة. وشاءت الأقدار كما روى في كتابه الذي يسرد قصة حياته أن يتزامن يوم ولادته مع التظاهرة الاحتجاجية التي نظمها آنذاك الزعيم الكوبي فيدال كاسترو بالعاصمة هافانا ضد «الرأسمالية الأمريكية». بدأ حياته النضالية كنقابي وممثل لمزارعي نبتة «الكوكا» (تستعمل في إنتاج الكوكايين) والتي تؤمن مداخيل مالية لمئات الآلاف من المزارعين والفقراء البوليفيين. وصمد بقوة أمام الولايات المتحدة التي تكافح هذه الزراعة كونها أصبحت مصدراً لتجارة المخدرات في أمريكا اللاتينية وتهدد اقتصادات العالم.

فاز إيفو موراليس في 1997 بمقعد في البرلمان البوليفي الذي حوله إلى منبر للدفاع عن مزراعي «الكوكا» كما استغله لانتقاد واشنطن وسياستها «الاستعمارية».

عرف إيفو موراليس بقرابته الإيديولوجية مع فيدال كاسترو والزعيم الفنزويلي الراحل هوغو تشافيز، وهذا ما دفعه في 2002 إلى تأسيس حزب جديد يدعى «الحركة الاشتراكية» الذي أوصله بعد أربع سنوات إلى قصر «لاباز» الرئاسي. منذ وصوله إلى الحكم، قام موراليس بتأميم عدد من الشركات الأجنبية التي كانت تعمل في مجال النفط والطاقة والمناجم. كما عزز القدرة الشرائية للمواطنين بفضل سياسة التأميم هذه ورفع أسعار المواد الأولية التي تصدرها بوليفيا إلى الخارج، ما جعل نسبة الفقر الشديد تتراجع من 38 إلى 21 في المئة في 2012. من جهة أخرى، قدم موراليس مساعدات مالية كثيرة لكبار السن وشيّد مدارس ومرافق صحية واجتماعية للفقراء، ما جعله يحظى بشعبية كبيرة في الأوساط المتواضعة. لكن رغم نمو الاقتصاد البوليفي بشكل منتظم خلال السنوات الأخيرة، إلا أن موراليس يواجه انتقادات عديدة نتيجة ظاهرة الفساد في العديد من مؤسسات الدولة وتقاعسه في محاربة تجار المخدرات رغم الوعود التي قطعها أمام الأسرة الدولية. في يوليو 2013 رفضت عدة دول أوروبية، من بينها فرنسا وإسبانيا والبرتغال وإيطاليا أن تحلق طائرة موراليس فوق أجوائها بحجة أن إدوار سنودن كان في داخلها. وفي النهاية، قبلت النمسا أن تهبط طائرة موراليس على أراضيها، لكنه بقي محتجزا في المطار لمدة 13 ساعة. وبعد عودته إلى بلاده، استقبل موراليس استقبال الأبطال حيث توافد الآلاف إلى مطار «لاباز»، فيما قام باستدعاء سفراء الدول التي لم تسمح لطائرته بالهبوط على أراضيها.
وفي 2013، نشر رئيس بوليفيا مقالا في دورية «لوموند دبلوماتيك» تحت عنوان «أنا الرئيس المحتجز في أوروبا» انتقد فيه عملية احتجازه واصفا إياها «بإرهاب دولة». لكن رغم المتاعب التي عانى منها هذا الرئيس المتحدر من أصول هندية، إلا أنه لا يزال يحظى بمساندة شعبية واسعة في بوليفيا.