بالفيديو: مطعم علي ثاني يسعى لتأسيس مدرسة بالطبخ العماني

شوف الأحد ١٧/سبتمبر/٢٠١٧ ٢١:٢٠ م

مسقط - خالد عرابي

رجل عصامي من الدرجة الأولى، بدأ مشوار حياته بنفسه منذ نعومة أظافره، موهوب بمجالات عدة، ولديه مهارات متعددة.
بحث عن ذاته بالخبرات والمهارات التي اكتسبها من خلال مشاهدات ومتابعات لأشخاص يمارسون مهنًا وحرفًا مختلفة وهو طفل صغير يراقب كل ما تقع عليه عينيه، يقلّد، يتعلّم، إذا أردنا أن نصنّفه طباخًا أم مهندس ديكور أو كهربائيًا أم نجارًا أم جزارًا أو بيطريًا، كل ذلك تجلى في شخص واحد هو «علي ثاني».. من كل هذه المهارات حدد اتجاهه واختار أن يركز كل اهتمامه في مجال الطبخ بجانب ممارساته الأخرى..
وبعد مرور سنين أصبح واحدًا من أشهر الطباخين المعروفين في السلطنة ويُشار إليه بالبنان، فما الذي دعا علي ثاني ليتجه إلى مهنة الطبخ؟

لمع صيته وعُرف عند الكثير من الناس والمشايخ والأعيان، إذ أصبح علي ثاني من أشهر مَن يقدم ولائم المناسبات الكبيرة من أفراح وأعراس وغيرها من المناسبات الاجتماعية، لدرجة أنه قد يصل ما يُعِده للمناسبات في ليلة واحدة لآلاف الأشخاص. وفي أحد احتفالات أعياد السلطنة وهو العيد الوطني، جهّز عشرة آلاف وجبة.. فلماذا أراد علي ثاني التوجه لافتتاح مطعم؟
في البداية حدّثنا علي عن قصته فقال: نشأت في أسرة مستورة الحال في ولاية مطرح بمنطقة (العرين).. كنت أذهب إلى المدرسة وعند عودتي من اليوم الدراسي يستوقفني وأنا في طريقي للمنزل كل ما تراه عيني لأشخاص يديرون مهنًا وحرفًا مختلفة أراقبهم وأتقرّب منهم وأساعدهم لاكتسب منهم الخبرة والمهارة، ومن هنا تعلمت كل ذلك بدون أن ألتحق بمعهد أو كلية، اكتشفت نفسي ملمًّا بالنجارة والخياطة وفن الديكور والبيطرة والجزارة والطبخ. هنا وجدت ضالتي وانصب جل تركيزي واهتمامي على الطبخ، وكان ذلك من خلال مشاهدتي لبيوت الأفاضل المقيمين بولاية مطرح، أذكر منهم طالب بن محمد الزكواني وبيت الخنجي والشهورزي؛ لأن عمّالهم خلال تلك الفترة كانوا يطهون الطعام أمام منازلهم ما وفّر لي فرصة مشاهدة إعداد الطعام، وأهل بعض المنازل ما زالوا إلى الآن يطهون أمام منازلهم في مطرح. وعند بدايتي كنت استعين بالأدوات التي كنت أحتاجها من «مراجل» من بيوت الأعيان المعروفين.. وأذكر منهم بيت الشيخ محسن الراشدي، وبيت علي منصور السليمي وكل هؤلاء لهم الفضل ببداياتي.
وأضاف: بدايتي الحقيقية كانت مطلع الثمانينات تحديدًا العام 1983م، بعد تمكني وإجادتي للطبخ العُماني، بدأ يظهر اسم علي ثاني للأعيان، وفي وقتها لم يكن هناك كثيرون في هذا المجال، على عكس وقتنا الحالي. فكوّنت فريقًا من المساعدين بإدارتي.. ولا أنسى وجود أهم شخص في حياتي ساندني وحتى الآن يلازمني وهو أخي وصديقي مخدوم الرئيسي.
وأضاف: مرّت السنون وأصبح مطبخ علي ثاني مضربًا للأمثال وتميّز بطعمه الخاص عن باقي المطابخ لدرجة أن الشخص أو الضيف الذي يحضر المناسبة يتعرّف على طبخ مطبخنا من الطعم فقط، وهنا إثبات الذات والتفرّد.
كما كانت بدايتي «بحوش» صغير أُعِد فيه الوجبات، وفي إحدى المرات في العام 1993م بينما كنت استعد لإعداد وجبة لإحدى المناسبات هطلت أمطار غزيرة جدًا، وهنا كان التحدي.. هل سنفي بالوعد ونجهّز الوليمة أم لا؟ ولكن سرعان ما أتتني الفكرة وتذكرت وجود محل مغلق قريب واتجهت إليه حيث استأذنت صاحبه بتجهيز الوليمة في محله.. وهنا توجهت بانتقالي للطبخ بمكان مغلق. واستمر الحال هكذا حتى العام 1994م وأصبح لديّ مطبخ ومكان محدد يُعرف الآن بمطبخ علي ثاني.. ومع الشهرة ومذاق الطعم لكل ما أقدِّمه من الأكلات العُمانية الأصيلة، أصبح المطبخ حديث الناس وانتشرت أكثر من خلال الولائم، فبدأ التوسع خارج مسقط ووصلت لمحافظات وولايات عدة بالسلطنة الحبيبة، وكل ذلك بفضل الله.

لماذا فكّر علي ثاني بافتتاح مطعم؟
■ كان الهدف الأساسي الذي يدور برأسي هو المحافظة على موروث المطبخ العُماني الأصيل، ولكي تتعرّف الأجيال المقبلة على الطبخ العُماني ولا يندثر مع وجود المتغيّرات واختلاط الأكلات العربية والأجنبية مع بعضها بعضًا، ليكون للطبخ العُماني مكانه ووجوده، وأيضًا مع إلحاح الناس بالمطالبة بافتتاح مطعم ليتذوقوا الأكلات العُمانية وغيرها من الأكلات المتنوعة. ولذا فما يميّز مطبخ ومطعم علي ثاني هو إعداد الوجبات التي لها نفس مذاق وطعم أكل الأسرة داخل البيت بجودته.
تحققت الأمنية وتم افتتاح المطعم واخترت أن يكون موقعًا في الوسط لكي يربط مسقط والباطنة، وليكون استراحة ومحطة استقبال للناس من داخل مسقط وخارجها، ومن يأتي إلى المكان يشعر بالراحة وكأنه في بيته.
كذلك حاولت أن أخصص مزرعتي لهذا الأمر ولكن للأسف لم أحصل على ترخيص، ومع محاولات عدة مع جهات مسؤولة.. لكن الأمل والإصرار ما زال موجودًا، وإني على يقين أن حلمي الأكبر سيتحقق إن شاء الله، ومن هنا أناشد وزارة السياحة أن تساندني وتدعمني، وكل ذلك لخدمة الوطن المعطاء.
الحمد لله منذ ستة أشهر وجدت هذا المبنى مقابل حديقة النسيم وهو مساحة كبيرة تفي بالغرض لتكون قريبة من الفكرة التي بذهني، إذ أشرفت على تجهيزه وتنسيقه وتقسيمه من الداخل بنفسي حتى يكون فيه مكان للاستقبال ومجلس للضيافة وصالة كبيرة وجناح للمناسبات وغرف مستقلة، وكل ذلك من أجل راحة الزائر والمحافظة على خصوصيته لدرجة تجعله يشعر أنه في بيته.
وعن مطعم (علي ثاني) قال: يتسع لمئتين وخمسين شخصًا ومناسب للجميع، والمطعم يرحّب بإقامة مناسبات الأعياد والمناسبات الأخرى سواء للأفراد والشركات والبنوك والمؤسسات، وهذا المطعم بمثابة السبلة العُمانية التي تجمع الجميع، وما يميّزه هو جمع الماضي بالحداثة والفخامة، فهو على مستوى المطاعم الراقية أيضًا بجانب اللمسات الجميلة والديكورات الفخمة، كما أضفت لمسات وأثريات الماضي فخصصت أجزاء من المطعم لمعروضات أثرية قديمة جمعت منذ زمن طويل وحافظت عليها وأتت الفرصة لعرضها بالمطعم والتمتع بمشاهدتها، أذكر أيضًا أغلى هدية عظيمة حصلت عليها من أحد الشيوخ من بني سليمة وهو باب أثري يعود تاريخه لعام 174م يُعرف باسم (باب بيت السوق) وهو رمز للضيافة والكرم، فوضعته كواجهة للمطعم وكلي فخر واعتزاز بوجود مثل هذا الكنز الأثري الثمين بمطعمي.

ما هو حلم علي ثاني؟
■ حلمي لا يقف عند حد معيّن ما زال المشوار طويلًا، وإن شاء الله أسعى لافتتاح فروع بكل محافظات السلطنة وتأسيس مدرسة (علي ثاني) لتعليم أساسيات الطبخ العُماني بالاستعانة بخبراء وطباخين مشهورين، وأن افتتح فروعًا بدول الخليج؛ لأن كثيرا من زوارنا الخليجيين يطالبونني بذلك لدرجة أنهم يرغبون بمشاركتي بافتتاح فرع لمطعمي ببلدانهم.. وختامًا أسأل الله الصحة والعافية لمولانا حضرة صاحب الجلالة السلطان قابوس بن سعيد المعظم -حفظه الله ورعاه.