لماذا نتنهد؟

مزاج الثلاثاء ٢٣/فبراير/٢٠١٦ ٢٢:٥٠ م

ديبورا نيتبورن
ترجمة - أحمد بدوي

تتوقف حياة الإنسان على قدرته على التنهد، ونحن نتنهد عندما نكون مرهقين أو عندما نتعرض لضغوط، ويبدو أن التنهد فعل ضروري لحفظ الرئتين من الانهيار والبقاء على قيد الحياة. وللمرة الأولى تمكن باحثون من جامعة كالفورنيا، لوس أنجلوس، وجامعة ستانفورد من وصف الدوائر العصبية للتنهد للمرة الأولى وكذلك تحديد المكان المحدد في الدماغ الذي ينشأ منه التنهد. ويقول العلماء عن الدراسة التي نشرت الاثنين الفائت في مجلة نيتشر Nature إنها يمكن أن تؤدي إلى علاجات للأشخاص الذين لا يتنهدون بما فيه الكفاية أو أولئك الذين يتنهدون أكثر من اللازم، كما أنها قد توفر أدلة حول كيفية استثارة الحالة الوجدانية للتنهد.
يقول أستاذ علم الأعصاب في جامعة كالفورنيا والمشارك الرئيسي في الدراسة د جاك فيلدمان إن معظم البشر يتنهد لا إراديا 12 مرة في الساعة في المتوسط، ويمكنك اختبار ذلك بنفسك بالاستلقاء في غرفة هادئة ومراقبة التنفس، ستلاحظ كل خمس دقائق في المتوسط أنك تأخذ نفسا وقبل أن تخرج زفيرا تأخذ نفسا آخر إضافيا.
وهذا النوع من التنهد لا علاقة له بالحالة الوجدانية ولكنه يوفر كمية إضافية من الهواء للرئتين يساعد في إعادة امتلاء 500 مليون من الأكياس التي تشبه البالونات الصغيرة في الرئتين والتي تسمى الحويصلات الهوائية، وهذه الحويصلات هي المكان الذي يدخل فيه الأوكسجين إلى مجرى الدم ويتم التخلص من ثاني أكسيد الكربون، وعلى الرغم من أن قطر الحويصلة الواحدة لا يتجاوز 2/10 من المليمتر إلا أن إجمالي مساحة سطحها يساوي مساحة ملعب تنس. وعندما تنكمش الحويصلات على نفسها تكون الطريقة الوحيدة لإعادة امتلائها هو أخذ نفس عميق بالتنهد والذي يدخل كمية مضاعفة من الهواء إلى الرئتين مقارنة بالتنفس العادي كما يقول فيلدمان.
والإنسان ليس هو الكائن الحي الوحيد الذي يتنهد فالقوارض أكثر تنهدا من الإنسان حيث تأخذ شهيقا مضاعفا حوالي 25 إلى 40 مرة في الساعة.
وقبل حوالي ثماني سنوات اكتشف فيكتور جانسوزكي وهو زميل فيلدمان في جامعة كالفورنيا أنه يستطيع جعل الفئران تتنهد حتى 400 مرة في الساعة إذا حقنها بجزيء يسمى بومبيزين في الجزء السفلي من جذع الدماغ، وهذا الجزء من الدماغ معروف بأنه مركز التحكم في التنفس. وأظهرت تجارب جانسوزكي أن البومبيزين يمكنه التحكم في مركز التنهد في الدماغ. والدراسة الجديدة قد تساهم في مساعدة العلماء في تطوير علاجات لزيادة التنهد عند الأشخاص الذين لا يتنهدون بشكل طبيعي إلى حد كاف، أو تقليل عدد مرات التنهد لدى الأشخاص الذين يعانون القلق وغيره من الاضطرابات النفسية التي يمكن أن تؤدي إلى الكثير من التنهد.
كما يحاول الباحثون أيضا معرفة ما إذا كانت المراكز العاطفية التي تقع في المناطق العليا من الدماغ تنتج أيضا الببتيد المرتبط بالبومبيزين الذي يثير التنهد عندما يقع الشخص تحت تأثير ضغوط أو حالة حزن.
يقول فيلدمان: مع أننا الآن نستطيع أن نتعامل بصورة جيدة مع التنهد من ناحية الأسباب الفسيولوجية، إلا أن آلية التنهد ودوره خلال الحالات العاطفية المختلفة للإنسان ما يزال لغزا محيرا.

تربيون ميديا