التغييرات الحكومية لا تخضع للاستنتاجات

مقالات رأي و تحليلات الاثنين ١١/سبتمبر/٢٠١٧ ٠٤:٤٠ ص
التغييرات الحكومية لا تخضع للاستنتاجات

علي بن راشد المطاعني

مما يؤسف له بأنه عند صدور أي تغييرات في المناصب الحكومية تثار العديد من الردود السالبة‏ والتكهنات غير الدقيقة والقراءات غير الواعية لمغزى ومعنى التغيير، ويعقّب الآخرون بذكر المناقب والمساوئ للأسف بدون دراية فيجد نفسه خائضًا في مستنقع الغيبة والنميمة المحرمة شرعًا.

فالكثير من هذه الاستنتاجات والاجتهادات يكتنفها عدم المعرفة بأبجديات إدارة أمور الدولة، فيركن للاستسلام للإشاعات وما تتناقله وسائل التواصل الاجتماعي كذبًا وزورًا وبهتانًا وتهجمًا على شخصيات خدمت الدولة بإخلاص وتجرد وتستحق منّا كل الشكر وعميق التقدير والامتنان. وفي ظل هذا التعاطي غير الإيجابي من الأهمية بمكان توضيح بعض الأمور لكي تكون جلية للبعض.

فالتغيير سنة من سنن الحياة والتجديد في مفاصل الدولة مطلوب بين حين وآخر، بل إن المسؤولية هي عبء يتضاعف حمله متى كان مستوى الوظيفة أعلى، ومن حق أولئك الأوفياء الاستراحة وإتاحة الفرصة للأجيال الجديدة للاضطلاع بالمسؤولية الوطنية، وليس في هذا أي انتقاص من حق أحد أو هضم لحقوق أو ناتج عن شيء ما، بل أوضاع التغيير طبيعية جدًا حتى من جانب المسؤولين يرغب بعضهم في الاسترخاء بعد عناء السنيين في الوظيفة.
الجانب الأهم هنا هو أن بناء السياسات في الدولة لا ينبثق من اجتهاد مسؤول أو جهة بعينها بقدر ما يشارك في رسمها العديد من المؤسسات التشريعية والتنفيذية وجهات أخرى، ولا تُسن هذه السياسات ما لم تحظ بتوافق تام يأخذ في الاعتبار كل الاحتياطات والتأثيرات الجانبية لأي سياسة وتبعاتها.
لذا فان إلصاق أي سياسة بمسؤول أو جهة ليس دقيقًا وصحيحًا ونتحمّل إثمًا عظيمًا، مهما كانت تلك السياسات غير صائبة.
‏وربط الأمور كذلك بأي متغيّرات ومستجدات في الساحة المحلية والدولية غير صحيح، وغير قابل للتطبيق سواء على مستوى الدولة أو المنظمات والمؤسسات الدولية.
فعلى صعيد الدولة فنحمد الله بأن السلطنة دولة مؤسسات وقانون، أسسها جلالته على أسس تبقى المؤسسات ويتعاقب المسؤولون عليها، فليس هناك رابط بين خروج مسؤول وأي أوضاع مادية أو سياسية.
وهذا النهج الحميد يجعلنا مطمئنين للمسار الذي تسير عليه دولة بحجم السلطنة، كما أن المؤسسات الدولية لا ترتبط تقييماتها أو تصنيفاتها بمسؤولين في الدولة من عدمه، بقدر ما تصنف الدول على أسس اقتصادية وسياسية وأمنية تعكس أوضاعها ومتانتها.
إن الاحترام والتقدير سيبقى أبدًا السمة السائدة في بلادنا تكلل به هامات الذين خدموا الوطن سواء في مناصب رفيعة أو كموظفين عاديين، جميعهم خدموا الوطن وقدّموا كل الجهد وكل الفكر من أجل تقدمه ورفعته.
بالطبع تقييم أداء الجهات والمسؤولين في الدولة موجود وقائم والمتابعة لصيقة وليس هناك شيء بخافٍ هنا، وهو ما يجعلنا أكثر اطمئنانًا لمسار العمل الوطني.
نأمل بأن نكون أكثر دقة وحصافة في التعاطي مع التغييرات في البلاد، فهي ضرورة من ضرورات الحياة التي لا مناص منها، وتقدير من خدم هذا الوطن في ظل القيادة الحكيمة لحضرة صاحب الجلالة السلطان قابوس بن سعيد المعظم -حفظه الله ورعاه- بدون تهويل أو تضخيم أو إسباغ أي سمات من نسج الخيال على ما جرى ويجري، فلكل دولة سياساتها وأولوياتها وتتعاطى مع الواقع انطلاقًا من حرصها على المصلحة العامة وهذا متفق عليه أمميًا.
وبناءً عليه يتعيّن علينا أن نتعاطى مع الأمور بحكمة وروية وببعد نظر بعيدًا عن الاجتهادات المفضية التي تلحق الأذى بالآخرين بغير وجه حق، فما هكذا تورد الإبل، وما هكذا كنا في يوم من الأيام.