ثورة الطاقة المتجددة

مقالات رأي و تحليلات الأربعاء ٣٠/أغسطس/٢٠١٧ ٠٤:٣٠ ص
ثورة الطاقة المتجددة

جيانغ كيجون

أعلنت الصين في بداية العام 2017 أنها ستستثمر 360 بليون دولار في الطاقة المتجددة بحلول العام 2020 والتخلي عن خطط بناء 85 محطة لتوليد الكهرباء التي تعمل بالفحم وقد أعلنت السلطات الصينية في مارس بأن البلد قد تجاوز بالفعل الأهداف الرسمية لكفاءة الطاقة وكثافة الكربون وحصة مصادر الطاقة النظيفة. لقد أصدرت الجهة المنظمة للطاقة في الصين وهي إدارة الطاقة الوطنية في الشهر الفائت تدابير جديدة للحد من اعتماد البلاد على الفحم.

وهذه ليست سوى آخر المؤشرات التي تشير إلى أن الصين هي محور التحول العالمي للطاقة الذي يحركه التغير التكنولوجي وانخفاض تكلفة مصادر الطاقة المتجددة ولكن الصين لا تستثمر في مصادر الطاقة المتجددة وتتخلص تدريجيًا من الفحم فحسب بل إنها تمثل أيضا حصة متزايدة من الطلب العالمي على الطاقة وهذا يعني أن استمرار تحول اقتصادها نحو النمو الذي يقوده قطاع الخدمات والاستهلاك سوف يعيد تشكيل قطاع الموارد في جميع أنحاء العالم.

ووفقا لما ذكره التقرير الجديد من معهد ماكنزي العالمي «ما وراء الدورة العظيمة: كيف تقوم التكنولوجيا بإعادة تشكيل الموارد» إن هذه الاتجاهات تبطئ نمو الطلب على الطاقة الأولية وإذا استمر الاعتماد السريع على التكنولوجيات الجديدة فقد يصل هذا الطلب إلى ذروته في العام 2025 ومع استخدام أقل للطاقة المكثفة وزيادة الكفاءة يمكن أن تزيد إنتاجية الطاقة في الاقتصاد العالمي بنسبة تتراوح بين 40 -70 بالمائة خلال العقدين المقبلين.
وفي حين أن النمو العالمي في الطلب على الطاقة آخذ في التباطؤ فإن حصة الصين من هذا الطلب آخذة في الازدياد وبحلول العام 2035 قد تمثل الصين 28 % من الطلب العالمي على الطاقة الأولية مقارنة بالنسبة الحالية وهي 23 % بينما الولايات المتحدة يمكن أن تمثل 12 % فقط بحلول العام 2035 بانخفاض من 16 % اليوم.
لقد أحرزت الصين بالفعل تقدمًا كبيرًا في خفض كثافة مواردها: ففي الفترة ما بين عامي 1980 و2010 نما اقتصادها 18 ضعفًا ولكن استهلاكها للطاقة ارتفع بمقدار 5 أضعاف فقط. ووفقا لبيانات البنك الدولي، يعكس ذلك انخفاضا بنسبة 70 % في كثافة الطاقة لكل وحدة من الناتج المحلي الإجمالي.
وعلى ضوء ذلك، تهدف الحكومة الصينية فى خطتها الخمسية الثالثة عشر إلى خفض كثافة الطاقة بنسبة 15 % بين عامي 2016 و2020.
تعد مصادر الطاقة المتجددة أحد أسباب انخفاض كثافة الموارد في الصين حيث تستثمر الصين بالفعل أكثر من 100 بليون دولار في الطاقة المتجددة المحلية كل عام على أمل أن تتبوأ الصين دورًا قياديًا على مستوى العالم في هذا المجال وهذا يشكل ضعف مستوى الاستثمار الأمريكي في الطاقة المتجددة المحلية وأكثر من الاستثمار السنوي المشترك للولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي.
وبالإضافة إلى ذلك، تستثمر الصين 32 بليون دولار - أي أكثر من أي بلد آخر - في مصادر الطاقة المتجددة في الخارج مع الشركات الصينية من الدرجة الأولى وهذا يعني أن الصين وعلى نحو متزايد أصبحت تأخذ زمام المبادرة في سلاسل القيمة العالمية للطاقة المتجددة كما تخطط شركة شبكة الدولة الصينية لتطوير شبكة طاقة تعتمد على توربينات الرياح والألواح الشمسية من جميع أنحاء العالم.
لكن الصين ستواجه أيضا تحديات وهي تنتقل من الوقود الأحفوري إلى مصادر الطاقة المتجددة في قطاع الموارد العالمية المتغيرة ولا يزال اقتصادها يعتمد اعتمادا كبيرا على الفحم مما يوحي بتكلفة كبيرة وهي تنتقل بسعتها الإنتاجية إلى مصادر أخرى مثل الغاز الطبيعي والطاقة المتجددة.
وعلاوة على ذلك، فإن بناء الألواح الشمسية ومزارع الرياح في الصين قد تجاوز تطوير شبكتها الكهربائية مما تسبب في قدر كبير من الهدر ويشعر المنتجون الصينيون، مثل معظم المنتجين الآخرين، بضغوط متزايدة لخفض التكاليف وتحسين الكفاءة للتعويض عن بطئ نمو الطلب على مستوى العالم.
وعلى الرغم من هذه العقبات، ينبغي أن يساعد الابتكار التكنولوجي المنتجين الصينيين على تحقيق مكاسب في الإنتاجية وتحقيق وفورات للمستهلكين ووفقا لمعهد ماكنزي العالمي، يمكن أن تؤدي التغييرات في العرض والطلب على السلع الرئيسية بحلول العام 2035 إلى وفورات في التكاليف الإجمالية من 900 بليون دولار إلى 1.6 تريليون دولار في جميع أنحاء العالم.
وعلى ضوء ذلك فإن حجم هذه الوفورات لا يتوقف على مدى سرعة تبني التكنولوجيا الجديدة فحسب بل يتوقف أيضا على كيفية تأقلم واضعي السياسات والشركات مع بيئتهم الجديدة ولكن وقبل كل شيء سيتوقف ذلك على الصين.

هو باحث كبير في معهد بحوث الطاقة التابعة للجنة الوطنية للتنمية والإصلاح في الصين

جيانغ كيجون