التزام ميركل تجاه اللاجئين

مقالات رأي و تحليلات الأربعاء ٣٠/أغسطس/٢٠١٧ ٠٤:٢٤ ص

ماري ديجيفسكي

هناك شيء مثير للإعجاب بشكل كبير في تصميم المستشارة الألمانية أنجيلا ميركل على التمسك بسياستها تجاه اللاجئين. فقد ظلت ميركل تدافع عن هذه السياسة لمدة عامين على التوالي في حلبة السياسة الألمانية، وهي لا تبدي أي تراجع عنها في الوقت الذي تخوض فيه سباق الانتخابات لفترة رابعة في منصب المستشارة الألمانية في الانتخابات العامة التي ستجري في الشهر المقبل. من خلال برنامج عقابي من التجمعات والمقابلات الانتخابية، ما زالت ميركل تصر على أن الموقف الذي اتخذته في العام 2015 هو الموقف الصحيح من أجل مصلحة ألمانيا، وهي لا تندم أبدًا على ذلك، وأنها إذا واجهت أزمة مماثلة ستتخذ القرارات نفسها مرة أخرى.

إن موقفها يجلب غضبًا وصرخات منتقدة لها من بعض الحشود التي تخاطبها ميركل -رغم أنها تشير، محقة، فقط من أقلية صغيرة جدًا. وصحيح أيضًا في الوقت نفسه أنه عندما تضع ميركل المكانة الأخلاقية العالية والمصلحة الوطنية لألمانيا في جميع بياناتها المعلنة، فإن حكومتها قامت -بهدوء- بالحد من بعض هذا الكرم. وهناك تحركات لجعل العملية برمتها أكثر كفاءة ولتسريع عودة طالبي اللجوء الذين أخفقوا.

والشروط -بما فيها مدة الإقامة ولم شمل الأسر- أكثر تقييدًا مما كانت عليه في السابق. وتدعو ميركل أيضًا إلى أن يكون توزيع طالبي اللجوء بين ولايات ألمانيا أكثر إنصافًا، وهناك إقرار رسمي بأن التكامل واستيعاب القادمين الجدد الكثيرين في سوق العمل لن يكون أمرًا سهلًا.
ولكن المستشارة الألمانية لا تضع القيود فوق الأخلاق، كما قد يميل أي مرشح انتخابي إلى هذا التصرف. وربما لكونها ما زالت ابنة القسيس البروتستانتي، تبرز ميركل كل ما هو إيجابي وتتنافس على أسس أخلاقية عالية. ثم مرة أخرى، ما هو الخيار الذي أمامها حقا؟! إن أي اعتراف بالندم أو سوء التقدير سيستغله خصومها، وعلى رأسهم المرشح الاشتراكي الديمقراطي مارتن شولز، كدليل على ضعفها وعدم أهليتها للبقاء في منصبها.
ومع أربعة أسابيع فقط باقية على الانتخابات، تبدو ميركل وتحالفها، تحالف يمين الوسط، الاتحاد الديمقراطي المسيحي، في موقف قوي صامد لا يهزم، إذ تعطيهم استطلاعات الرأي 38 % مقارنة بنسبة 22 % (وفي حالة انخفاض) لشولز وحزبه الديمقراطي الاجتماعي، وتخلف عنهم كثيرًا الحزب الديمقراطي الحر وحزب الخضر وحزب البديل من أجل ألمانيا اليميني المتطرف والحزب اليساري الألماني. ولكن السؤال ليس هو ما إذا كان هناك كتلة صامتة تنتظر معاقبة ميركل على سياستها تجاه طالبي اللجوء -نعم يوجد ذلك بوضوح- ولكن الأهم ما هو حجمها، وهل يمكن أن تحدث مفاجأة في صندوق الاقتراع؟
لا يمكن للألمان أن يشكون من عدم وجود خيارات: إن رسائل كل حزب متباينة بشكل حاد. فالحزب اليساري الألماني يريد المزيد من الضمان الاجتماعي، بينما الاتحاد الديمقراطي المسيحي يفتخر بالاقتصاد القوي ويريد دفاعًا ألمانيا أقوى. أما الحزب الديمقراطي الاجتماعي الألماني فيريد معالجة عدم المساواة المخبأة إلى حد كبير في ألمانيا. ولكن في مقابلة تليفزيونية في نهاية الأسبوع، اتخذ شولز نهجًا أكثر عدوانية وأكثر شخصية، فقد اتهم ميركل بفقدان التواصل مع الناس العاديين والتودد إلى النظام غير المواتي في تركيا وعدم القيام بما يكفي لضمان مشاركة دول الاتحاد الأوروبي الأخرى في تحمل نصيبها من عبء اللاجئين.
الحزب الوحيد الذي يركز مباشرة على قضايا الهجرة هو حزب البديل من أجل ألمانيا، الذي لديه بعض الإعلانات شديدة اللهجة، منها إعلان يظهر امرأة شقراء حاملًا وتحته تعليق يقول: «إن كنا بحاجة إلى ألمان جدد، فيمكننا أن نصنعهم بأنفسنا». كما أن لمرشحيهم ظهور واضح في وسائل الإعلام، ولكن دون أن يظهروا بمظهر متطرف.
لا أحد يفترض أن حزب البديل من أجل ألمانيا يمكن أن يقرر نتيجة هذه الانتخابات. إن الشعب الألماني محصّن جيدًا ضد التطرف، وبخاصة من اليمين. ولكن في ظل نسبة 46 % من الناخبين قالوا إنهم ما زالوا يفكرون ولم يصلوا إلى قرار بعد، فإن القلق بشأن اللجوء والهجرة والتكامل والقضايا ذات الصلة يحتدم تحت السطح، وليس من المؤكد إن كانت «أجندة القيم» الخاصة بأنجيلا ميركل ستفوز بالضرورة في نهاية المطاف.

كاتبة ومذيعة ومراسلة أجنبية