مسقط - ش
أخطر بقعة غطس في العالم هي تلك الحفرة الزرقاء التي تأخذ شكل مجرى مائي بعمق 120 مترا تحت سطح الماء، على بعد خمسة أميال شمال دهب بالبحر الأحمر، بمصر، أما لقبها فهو "مقبرة الغواصين"، ومع ذلك يستمر الآلاف من هواة المغامرة في التدفق إليها كل عام، دون أن يزعجهم العدد المتزايد الموتى ولافتات التحذير التي تعلق بالمكان.
ورغم عدم وجود أرقام محددة حول عدد الغواضين الذين لقوا مصرعهم غرقا في هذه الحفرة، إلا أن الغواصين في دهب يرون أن العدد يصل إلى 200 في السنوات الأخيرة.
رجل واحد فقط استطاع أن يقهر الحفرة الزرقاء، هو الغواص المصري طارق عمر، البالغ من العمر 53 عاما، حيث بدأ الغواص في دهب، مبكرا في حياته، لاستكشاف الثقب الأزرق في عام 1992، وروى حكايات عن وجود لعنة في هذا المكان.
وارتفع طارق عمر إلى سلم الشهرة في عام 1997 عندما استرد جثث عدد من الغواصين الذين لقوا حتفهم في هذه الحفرة، منهم "كونور أوريغان" و"مارتن جارا"، حيث قال "لقد كانوا أول جثث تخرج من الحفرة الزرقاء ومنذ ذلك الحين انتشلت أكثر من 20 جثة من الماء، ولذلك أطلقوا عليّ لقب "جامع العظام".
ويقول طارق إن البقعة الزرقاء هي أكثر مناطق الغوص خطورة في العالم – لدرجة أن الكثير من كبار الغواصين في العالم لقوا حتفهم بها مثل ستيفن كينان المولود في دبلن. لذلك تحظى بسمعة مخيفة".
وفي السنوات الأخيرة، فإن الغوص التقني وهو (شكل من أشكال الغوص يعتمد على معدات وأجهزة تنفس خاصة) أصبح أكثر من المألوف، ومع ذلك لم يمنع هذا التطور من ارتفاع معدل الوفيات بين الغواصين غرقا في هذه الحفرة.
ويقول مدرب الغوص "أليكس هيس": "إنها ليست مجرد خطورة، فقد غرق في الحفرة الزرقاء عدد لا يحصى والسبب الرئيسي هو الجهل بطبيعة هذا المكان وعمقه الكبير، ومعظم الوفيات ناتجة أساسا عن الغطرسة، والإصرار على المجازفة، رغم غياب الاستعداد الحقيقي للغطس في هذه الأعماق".
ويضيف هيس أن الذين لقوا حتفهم كانوا يحاولون السباحة تحت القوس، فهناك نفق كهفي مظلم، طوله 26 مترا داخل الحفرة الزرقاء، ويواجه أولئك الذين يغطسون على بعد 100 متر فتحة أخرى على عمق 50 مترا البحر الأحمر، والمكان مثير ومدهش للغطس فالطبيعة المائية في هذا المكان تحديدا مختلفة تماما عن أي مكان في العالم، إنها تشبه الكاتدرائية أسفل الماء.
ووفقا للدكتور جيمس كاروسو، كبير الأطباء في دنفر وكولورادو: "الغوص في الأعماق السحقية، يفقد الإنسان الوعي، إضافة إلى التسمم بالأكسجين، حيث يصبح الغاز ساما تحت ضغط عال، ولا يستطيع أي شخص أن يستمر في التنفس تحت هذا العمق".
ومن الممكن لمواجهة هذه الآثار الاعتماد على معدات متخصصة، فالغواصون الفنيون، مثل طارق عمر وهايس، كثيرا ما يسبحون تحت الحفرة الزرقاء، ولكنها هواية مكلفة تتطلب الكثير من التدريب، وكما يقول طارق عمر: "إنهم يريدون الدخول في المياه العميقة قبل أن يصلوا إلى معرفة عميقة بالمكان ولهذا يقعون فريسة للحفرة الزرقاء التي لا تتوقف عن التهام كل من يقترب منها".