الأمــل يتفتح للاجئين الفــلسطينيين

مقالات رأي و تحليلات الاثنين ٢٨/أغسطس/٢٠١٧ ٠٤:٠٨ ص
الأمــل يتفتح للاجئين الفــلسطينيين

أليشا بولر

يُعتبر مخيم الدهيشة للاجئين الأشبه بغابة إسمنتية متشابكة موطنًا لأكثر من 15,000 لاجئ فلسطيني. ففي مساحة يتكدس بها حوالي 2.800 ملجأ في حدود الكيلومتر المربع الواحد لا يوجد مجال يذكر للسلام أو الراحة.

يعاني المخيم الكائن في بيت لحم من مجموعة من المشاكل، تتضمن الاكتظاظ وسوء البنية الأساسية ونقص المدارس. وثلث قاطني المخيم بدون عمل و15 % من المنازل غير متصلة بنظام الصرف الصحي العام.

ياسر الحاج هو فلسطيني وُلد في المخيم قبل 40 عامًا وهو مدير مؤسسة «كرامة»، وهي منظمة غير حكومية لدعم النساء والأطفال في الموقع. يصف ياسر الوضع القائم بأن البيئة يمكن أن تكون خانقة ومعوِّقة. ويعلق قائلًا: «لا يحوي هذا المخيم سوى إسمنت ومبان فقط؛ ولا يوجد أي مجال لحرية الحركة، بل مجرد شوارع ضيقة جدًا دون مساحات خضراء».
في العام 2012 طرح ياسر الحاج فكرة إنشاء «مزارع مصغرة» على أسطح المخيمات. وفي هذا الخصوص يقول: «كان هناك ضرورة لذلك وحاولنا علاجها؛ فقد أدركت أننا بحاجة إلى بناء الدفيئات (الصوبات) الزراعية الخاصة بنا حتى نتمكن من تحقيق دخل للمخيم، وتوفير نشاط مثمر وإيجابي للنساء والأطفال».
بدأت مؤسسة «كرامة» بتزويد الأسر بالبنية الأساسية للبستنة وشتلات النباتات في العام 2012. وقد تم تمويل هذه المرحلة الأولى بالتبرع بمبلغ 8,000 دولار مرة واحدة من متطوع دولي سابق. وتمكن ياسر الحاج بعد ذلك من المساعدة في إنشاء تسع دفيئات زراعية على سطوح المخيمات مما سمح للأسر المحلية بإنتاج بعض من طعامها واكتساب القدرة على كسب رزقها.
بعد التبرع الأولي في المرحلة التأسيسية حصلت «كرامة» على منحة من شركة لاش Lush لمستحضرات التجميل الطبيعية المصنوعة يدويًا لبناء المزيد من الدفيئات الزراعية وضم المزيد من الأسر إلى المبادرة.
ويقول ياسر إن المؤسسة تختار الأسر التي تعاني أمس الحاجة إلى المال للمشاركة في المشروع. كما يهدف البرنامج على وجه التحديد إلى إشعار المرأة الفلسطينية بقدر أكبر من الاستقلالية ومشاركتها في تلبية احتياجات أسرتها. ويتابع ياسر: «لا نحظى بمستوى كبير من الأمن الغذائي في المخيم. ومن بين الأسباب التي دفعتنا إلى تنفيذ هذا المشروع هو تقليل اعتمادنا على المعونات».
ويضيف: «تساعد الدفيئات الزراعية على تغيير عقليتنا؛ فالمجتمع الدولي يجعل المجتمع الفلسطيني يعتقد أننا بحاجة إلى المعونات، ولكن في الواقع إن أول حضارة زراعية قامت في فلسطين. فقد عاش أول إنسان اكتشف الزراعة في فلسطين منذ أكثر من 20.000 سنة. لذلك فإن الزراعة متأصلة في جذورنا وراسخة في طبيعتنا».من بين أحدث المحاصيل في المخيم الأعشاب والطماطم والخيار والفلفل الحار والفلفل الحلو. يقول ياسر: «في فصل الشتاء تكون الخضروات باهظة الثمن في فلسطين، فثمن كيلوغرام واحد من الطماطم يمكن أن يصل إلى 30 شيكلًا، أي حوالي 20 دولارًا. وقبل بضع سنوات كنا نسمي الطماطم ’الذهب الأحمر‘ لأنك لا تستطيع شرائها بالفعل».
يوضح ياسر ذلك بقوله: «في البداية كنت ألقي محاضرات للنساء حول كيفية عيش حياتهن بطريقة صحية وتثقيفهن بشأن حقوقهن. ثم جاءت فكرة الدفيئات الزراعية لمجرد مساعدة النساء في صنع طعامهن وإدرار القليل من الدخل.
ولكن بعد ذلك خطرت ببالي فكرة، «لم لا أفتتح متجرًا؟!» فيمكننا حصد كل المحاصيل وعرضها في متجر ومن ثم بيعها. فيأخذ الشخص ما يحتاج إليه من المزروعات، ويأتي بالباقي إلى المتجر لبيعه. بالتالي، يمكنك زرع الخيار وإحضاره إلى المتجر حيث تستطيع مبادلته بالطماطم والفلفل الحلو والفلفل الحار أو أي شيء متاح. المبدأ المنظم هنا هو إعطاء ما يفيض عن حاجتك وأخذ ما تحتاج إليه».
في الوقت الحاضر توجد في مخيم الدهيشة للاجئين 15 دفيئة زراعية ولكن من المتوقع أن يزداد هذا الرقم بسرعة بعد أن حصلنا مؤخرًا على تمويل بأكثر من مليون دولار على شكل تبرعات لهذه المبادرة. ويقول ياسر إنه يخطط لبناء 190 دفيئة زراعية بحلول نهاية العام 2017. وبحلول منتصف العام 2018 يعتزم بناء 250 دفيئة زراعية.
ويقر ياسر بأن المشروع «ما يزال عند نقطة البداية». ويقول إنه يحلم بتصدير الغذاء المزروع بالمخيم إلى أنحاء العالم في غضون فترة زمنية مدتها سنتين بحيث يمكن لمجتمع اللاجئين أن يصبح أكثر اعتمادًا على أنفسهم. ويصر قائلًا: «نحن بحاجة إلى مزيد من الوقت لتحقيق حلمنا ولكننا سنحققه في النهاية».

متخصصة في مواضيع الأعمال والتكنولوجيا