الإعلام وترسيخ قيم التسامح والوئام

مقالات رأي و تحليلات الثلاثاء ٢٣/فبراير/٢٠١٦ ٠٠:٠٥ ص
الإعلام وترسيخ قيم التسامح والوئام

ناصر اليحمدي

لا تدخر بلادنا جهدا في تبني المبادرات الدولية التي تصب في خانة تحقيق الاستقرار والأمن في العالم .. ومن بين تلك المبادرات التي تحرص حكومتنا الرشيدة على الاحتفاء بها كل عام "أسبوع الوئام العالمي بين الأديان" التي أطلقتها الجمعية العامة للأمم المتحدة عام 2012 انطلاقا من أن الحوار بين كافة الأديان يرسخ لثقافة السلام المنشود .. فالله سبحانه وتعالى رغم أنه خلق البشر مختلفي المشارب والديانات والمذاهب والمعتقدات إلا أنه أمرهم بالتواصل البناء والتعارف والتعاون والبحث عن المشترك الذي يخلق جوا من المحبة والمودة والسلام والوئام فيما بينهم.
ولقد نظم مركز السلطان قابوس العالي للثقافة والعلوم التابع لديوان البلاط السلطاني أسبوعا للتقارب والوئام الإنساني وذلك للعام الخامس على التوالي واشتمل على فعاليات تبرز دور الحوار في تعزيز السلام والاستقرار في العالم مع التركيز على ما تحث عليه الأديان والمبادئ الإنسانية العامة كالتسامح والتعاون لكل ما من شأنه الخير للبشرية .. كما ناقشت فعاليات أسبوع التقارب قضية في غاية الأهمية وهي دور الإعلام في ترسيخ قيم التقارب وتحقيق الوئام الإنساني فما من أحد ينكر الدور الكبير الذي يلعبه الإعلام الآن في حياة الشعوب حيث إن وسائل الإعلام لم تعد مقتصرة على بعض الأدوات الإعلامية أو تعتمد على المهنية كالسابق بل إن التطور التكنولوجي وانفتاح السماوات الفضائية ورحابة العالم السيبري وغيرها من وسائل التواصل جعلت الإعلام جزءا من ممارسات الإنسان اليومية حتى يمكن القول إنه يشارك بها بشكل غير مباشر من خلال نقله للأخبار عن طريق مواقع التواصل الاجتماعي أو التعليق بتغريدة معينة يتابعها الآلاف وبالتالي فإن ما ينقله أو يتلقاه أو يقوله يعد نوعا من ممارسة الإعلام بما يسمى الإعلام البديل .. لذلك لابد أن يتميز بالمصداقية ويحث على التسامح والحب والتقارب بين الشعوب حتى يعم السلام والوئام العالم.
لاشك أن التوترات التي يعيشها العالم اليوم وانتشار التشاحن والعصبية والتطرف والبحث عن المصالح الشخصية بغض النظر عن مصالح الآخرين تجعله أحوج ما يكون لبحث كافة السبل التي تحقق المودة والوئام والتسامح بين البشر .. لعل ما يظهر أهمية دور الإعلام في توفير هذه المبادئ النبيلة هو ما نراه في وسائل الإعلام الغربية التي اتخذت بعد أحداث 11 سبتمبر خطا معاديا للمسلمين وصارت تركز على كل ما هو سلبي يقوم به المسلمون حول العالم وتشوه رموز الدين الإسلامي وتتغاضى عن إبراز الإيجابيات التي يتميز بها ديننا الحنيف .. لذلك انتشرت كراهية المسلمين في تلك المجتمعات وتنامت ظاهرة الإسلاموفوبيا أو الخوف من الإسلام وهذا بالتأكيد أثر بالسلب على الأقليات المسلمة التي تعيش في هذه البلاد نتيجة سوء ظن مواطني تلك البلاد بهم وعدم ثقتهم فيهم وفهمهم الخاطئ للإسلام وأتباعه فتعرضوا للتمييز العنصري البغيض والتهميش والكثير من الاعتداءات البدنية واللفظية والمعنوية بل أطلقت العديد من الدعوات لطردهم من تلك البلاد .. وهذا التناقض أيضا ينطبق على كثير من معالجات القضايا العربية .. فعلى سبيل المثال نظرتنا وأخبارنا نحن العرب الخاصة بالقضية الفلسطينية تختلف تماما عن تلك التي تذاع في وسائل الإعلام الغربية.
كذلك في وقتنا الحالي نجد أن كثيرا من وسائل الإعلام موجهة من قبل فئات سياسية أو دينية معينة نجدها لا تلتزم المهنية المطلوبة ولا تؤصل لترسيح الهوية الوطنية التي تتسع كافة الأحزاب والمشارب السياسية والدينية فعملت على تداخل السياسة والدين وقامت بتوظيف الدين لتحقيق مآرب سياسية معينة فاختلط الحابل بالنابل ولم يعد يعرف المسلمون أين الصواب من الخطأ .. وربما ذلك ساهم بشكل كبير في انتشار التطرف والتمييز المذهبي والعرقي والصراعات الطائفية والاستقطاب لفئات معينة مما ساعد على انتشار الكراهية بين أبناء الجلدة الواحدة .. ويكفي أن تنظيم مثل داعش يمتلك 50 ألف حساب على تويتر وهو ما يعد جيشا آخر ولكنه إلكتروني جميعها تدعو للتطرف وتهدف لاستقطاب عناصر جدد تنضم للتنظيم وتنفذ هجماته الإرهابية في بلادها أو المناطق الساخنة .. لذلك فإننا بحاجة ماسة لخطاب إعلامي سلمي يعظم قيمة العيش المشترك سواء بين المسلمين وبعضهم البعض أو بينهم وبين غيرهم من الديانات المختلفة الأخرى ويوضح المقاصد الحقيقية للشريعة القائمة على المودة والتسامح والعيش الإنساني المشترك ويفند ما ترتكبه التنظيمات الإرهابية من جرائم ينأى عنها ديننا الحنيف.
لاشك أننا في حاجة ماسة لعقد مثل هذه الندوات التي تحض على التسامح وتبرز أهمية الوئام في ظل الفوضى التي تعيشها معظم بلدان أمتنا العربية .. إلا أن الأهم من عقدها هو تنفيذ ما تخرج به من توصيات .. فما فائدة أن نردد أهمية الالتزام بالمبادئ ثم لا نطبق منها شيئا على أرض الواقع .. وهذا يبرز أهمية أن تخرج هذه الندوة من رحم السلطنة الراعي الرسمي للسلام حول العالم والتي تدعو دائما للتقارب والوئام ولكن من يستمع ومن يفهم.

* * *
أين الإبداع العماني من جائزة البوكر ؟
تعد الجائزة العالمية للرواية العربية "البوكر" من أهم الجوائز الأدبية المرموقة ومن المنافسات التي يحرص على المشاركة فيها العديد من الكتاب والأدباء ودور النشر وذلك لما تتميز به من سمعة طيبة ومنافسة شريفة يتسابق كل روائي فيها لإظهار ما تجود به قريحته من إبداع للحصول على الشهرة والقيمة المادية بالإضافة إلى ترجمة قصته إلى لغات رئيسية أخرى ونشرها على نطاق واسع والترويج لها عالميا عبر معارض الكتاب العالمية .. كما أن جائزة البوكر لها أهمية كبيرة على الساحة الأدبية كونها تعتبر رافدا هاما للمبدعين في مجال الرواية .. لذلك فإن الكثير من المثقفين والمتابعين للحراك الأدبي يحرصون على متابعة الفائزين سواء في مجال القصة الطويلة أو القصيرة.
وهذا العام تم الإعلان عن الروايات المشاركة في النسخة الثامنة للجائزة من مسقط وهو ما أشعرنا بالفخر حيث إن الأنظار ستتجه نحو عاصمة التسامح العمانية للتعرف على الفائز بالجائزة الشهيرة .. ولكن ما أحزننا هو أن حظنا من هذه الجائزة لم يتجاوز الإعلان عن الروايات المشاركة فيها .. وهو ما يجعلنا نتساءل أين الإبداع العماني من هذه الجائزة ؟.. ولماذا لم نر في الأعوام السابقة سوى مشاركة عمانية واحدة ضمن القائمة الطويلة ولم يخترق العمانيون الرواية القصيرة بالمرة ؟.. حتى لجنة التحكيم ليس فيها عماني واحد !!.
إن بلادنا ملأى بالروائيين والمبدعين الذين لهم باع طويل ومميز في الكتابة السردية .. وإذا كنا هذا العام لم نشهد إبداعات عمانية في الجائزة نتمنى أن نراها في الأعوام القادمة .. ولعل إعلان البوكر من مسقط يقربها من المشهد الثقافي العربي ويلفت النظر لما تحتويه السلطنة من كنوز أدبية ويفتح المجال أمام مبدعينا للمشاركة في مثل هذه الجوائز.

* * *
حروف جريئة
انضمام إيران لاتفاق الدوجة النفطي الذي يقضي بوقف إنتاج البترول عند سقف شهر يناير الفائت خطوة على الطريق الصحيح .. ولو اتجهت الدول النفطية لاتباع هذه السياسة فربما يؤدي ذلك لإنعاش السوق مرة أخرى واستقرار الأسعار ويعيد الأمل مرة أخرى للدول التي انهار اقتصادها بسبب انهيار أسعار الذهب الأسود.

دي ميستورا الموفد الأممي إلى سوريا اعتبر أن استئناف المفاوضات حول سوريا غير واقعي ولا يأمل في أن تؤدي المفاوضات إلى السلام ما لم يتم وقف إطلاق النار .. إذا كان هذا هو حال راعي السلام بين الفرقاء فكيف يكون حال الشعب الذي يعاني ويلات الحرب والصراع على مكاسب زائفة ؟.

اعتذرت المغرب عن عدم استضافة القمة العربية المقبلة التي كان مقررا عقدها بمدينة مراكش إبريل المقبل وعللت ذلك بأن التحديات التي تواجه العالم العربي لن تسمح للقمة بالخروج بقرارات حازمة قادرة على مواجهة تلك التحديات وعلى مستوى ما تقتضيه الظروف بل ستكون مجرد "اجتماع مناسباتي" على حد قولها .. لاشك أن كل عربي يحلم باليوم الذي يجتمع فيه الحكام العرب على قلب رجل واحد وتكون لديهم الشجاعة التي تمكنهم من مواجهة التحديات التي تحيط بأمتنا من كل جانب ؟.

البابا فرنسيس بابا الفاتيكان انتقد سياسة مرشح الانتخابات الرئاسية الأمريكية دونالد ترامب المناهضة للمسلمين والتي قال فيها إنه سيعمل على بناء جدران لوقف تدفق المهاجرين فور دخوله البيت الأبيض حيث رد عليه البابا وقال عنه "إن شخصا يريد بناء جدران وليس جسورا ، ليس مسيحيا" .. وهو ما أغضب الأخير وبالتالي رد عليه ليدخلا في دوامة السجال .. نتمنى أن يعي الأمريكان قول البابا ولا ينتخبوا ترامب ولا ينخدعوا في وعوده البراقة وأمواله الطائلة ويفيقوا قبل فوات الأوان.

الأوضاع في حديقة الحيوانات بمدينة تعز اليمنية متردية للغاية بسبب الحصار المطبق الذي يفرضه الحوثيون على المدينة لدرجة أن الحيوانات المفترسة أكلت بعضها البعض نتيجة نقص الغذاء وذلك حتى تضمن البقاء على قيد الحياة .. وهو ما يجعلنا نتساءل ماذا سيفعل اليمنيون في ظل هذا الحصار هل سيستطيعون أن يأكلوا بعضهم بعضا كما فعلت الحيوانات؟.

نصيحة لكل أب : إذا كان العنف الجسدي الذي تسببه لابنك ظاهر للعيان في صورة جروح وكدمات وإصابات ، فإن الجرح الناتج عن العنف اللفظي أو الإهانة أو السخرية لا يمكنك أن تراه وآثاره النفسية والسلوكية والعقلية ستستمر مع ابنك طوال عمره كما أكدت بذلك دراسة أمريكية وقد تسبب له اكتئابا وأمراضا نفسية .. لذلك احرص عزيزي الأب على الحفاظ على نفسية ابنك حتى تحافظ على مستقبله آمنا مستقرا مطمئنا.

* * *
مسك الختام
قال تعالى : "يا أيها الناس إنا خلقناكم من ذكر وأنثى وجعلناكم شعوبا وقبائل لتعارفوا إن أكرمكم عند الله أتقاكم".