عزيزة راشد
هناك من يحلم بالنجاح، وهناك من يستيقظ باكرًا لتحقيقه، وهذا حال الباحثين عن عمل في السلطنة، فمنهم من يبحث عن العمل وإن لم يجده لاخترعه، وآخرون يقبلون بالوظيفة التي قد لا تناسبهم ولكنهـــم مؤمنون أنها جسر للعبور إلى ما يناسبهم في المستقبل، وآخرون لا يحبون النوم ولا يستهويهم السهر، تجدهم يبحثون عن عمل في كل شيء، ويعملون ويؤسسون مشروعهم التجاري الذي يتوسع يومًا بعد يوم، فكل الأغنياء في العالم كانوا باحثين عن عمل في يوم ما وتكاد حكاياتهم تكون متشابهة أنهم بدؤوا من الصفر، وآخرون من الباحثين عن عمل لا يقبلون بوظيفة أقل من مدير عام أو حتى وكيل وزارة إن أمكن على أقل تقدير.
مشكلة الباحثين عن عمل مسؤولية مشتركة بين الباحث عن عمل والحكومة، كلاهما يشتركان في المشكلة ويعانيان منها وبيدهما وحدهما إيجاد الحلول للخروج من هذه المشكلة، فالحكومة يقع على عاتقها العديد من المسؤوليات والمهام التي يجب أن تفكر فيها، وتوجد لها الحلول قبل انتهاء الاجتماع في مجلس الوزراء، وحلولًا عملية قابلة للتطبيق، والباحث عن عمل أيضًا عليه أن يفكر في نفسه وماذا يمتلك من إمكانيات ويحاول استغلالها في العمل بدل الانتظار.
مشكلة الباحثين عن عمل ليست مشكلة عمانية، وإنما هي مشكلة عالمية تعم جميع أنحاء العالم، فالبطالة تسود العالم وبأعداد مهولة ما أدى إلى انتشار الجرائم المتنوعة، أبرزها السرقة والقتل وغيرها، وتعاني أغلب حكومات العالم من هذه المشكلة وتحاول إيجاد الحلول لها في ظل انفجار سكاني كبير يعم العالم في جميع الدول، ويتظاهر يوميًا في إنحاء العالم باحثون عن عمل، في أمريكا وبريطانيا وإيطاليا وغيرها من بلدان العالم المتقدمة، لذا فالمشكلة عالمية وليست عمانية بحتة.
على الحكومة في الوقت الحالي وبعد خروج الأرقام التي أكدت وجود مليونين مــن الوافــدين في البلاد مقابل مليونين مـــن المواطنين، ما يفسر أن هناك مليونــي وظيفة شاغرة في البلد قد استغلها الوافدون، فلم لم يقبل بها العماني الباحث عن عمل أو على الأقل اختار من بينها ما يناسبه.
إن اتهام وزارة القوى العاملة على أنها سبب كثرة الباحثين عن عمل في البلاد اتهام في غير محله، فالوزارة جهة تنسيقية بين الباحث عن عمل ومصدر الوظيفة، ناهيك عن وظائف أخرى استقل بها سجل القوى العاملة، واتهام مؤسسة حكومية بعينها ليس من الحقيقة في شيء، وعلى الباحث عن عمل أن يبحث عن عمل أكثر من التذمر وإلقاء اللوم على جهة حكومية معينة.
الحكومة مسؤولة مسؤولية تامة عن إيجاد حلول للباحثين عن عمل بالتنسيق مع مؤسساتها الحكومية ومع مؤسسات القطاع الخاص، وكذلك فتح باب الاستثمار الذي سيجلب مزيدًا من الوظائف، وقد يكون الاستثمار حلًا من الحلول القوية إن جرى تسهيل الإجراءات على المستثمر وفتح المجال أمامه في السلطنة ودعوته للاستثمار، هذا الحل لابد من أن تلجأ الحكومة إليه، كذلك تأسيس لجنة أو مركز للباحثين عن عمل ونقل صلاحيات سجل القوى العاملة إليه يستقبل الباحثين عن عمل ويكون نقطة التقاء بين المؤسسة والباحث عن عمل وفيه ممثل عن الشركة أو الجهة الباحثة عن موظفين وتوفير الوظيفة له قد يكون جزءًا من الحل.
الباحثون عن عمل في النهاية يبحثون عن أمل، ولابد من مساعدتهم في الحصول على العيش الكريم، إذ إن هذه المشكلة من أخطر المشاكل التي تعاني منها السلطنة، وازدياد أعداد الباحثين عن عمل سيؤدي إلى تفاقم خطر أمني كبير من ناحية نسب ارتفاع معدلات الجريمة. الأمن والأمان في عمان شعار يجب أن يبقى ونحن نفتخر به بين دول العالم.