اللطف.. الوقاحة.. والصراحة

مزاج الاثنين ٢٢/فبراير/٢٠١٦ ٢٣:٣٥ م
اللطف.. الوقاحة.. والصراحة

لميس ضيف

يروى أن ملكا حلم في منامه بأن "كل أسنانه تكسرت وسقطت"
فأقلقه الأمر وأتى بأحد مفسري الأحلام وقص عليه رؤياه
فقال المفسر:
لا حول ولا قوة إلا بالله العلي العظيم, تفسير رؤياك أن كل اهلك يموتون أمامك، فانزعج الملك وصب جام غضبه على المفسر آمرا بسجنه على الفور.
أرسل في طلب مفسر آخر وقص الملك عليه رؤياه
فقال المفسر: أمتأكد أيها الملك؟
.. فأومأ بالإيجاب..
مبارك لك أيها الملك مبارك، تأويل رؤياك انك ستكون أطول اهلك عمرا..
سرّ الملك وأجزل له العطاء..
*****
عمليا وصل الرجلان للتفسير ذاته، وما قاله المفسر الثاني هو ذاته ما قاله الأول، لكن أسلوب توصيل الفكرة كان مختلفا..
ومن حكم الإمام علي كرم الله وجهه أن قال "ما دخل اللين في شيء إلا زانه" ونصف مشاكلنا اليوم -أو يزيد- سببها رعونة الكلم والاستخفاف بمشاعر الآخر، والوقاحة التي تعنون "بالصراحة".
الطريف أن معسول اللسان في زمننا هذا يسمى منافقا وإن كان طرف لسانه يجزل عذب الكلام على من هم دونه قيمة ومكانا!
نعم لا يقدر الناس اللطف وهو ما خلق نمطا يبلغ مداه المدمر مداه بين الزوجين.. فالزوجان يريان من بعضهما ما يخفى على الآخرين وقد تتراكم الملاحظات لدى أحدهما على هيئة الآخر وعوضا عن أن يوجهه لإنقاص وزنه مثلا أو العناية بهندامه، تراه ينتقص منه بعبارات غالبا ما تأتي بمردود عكسي، والأمر ذاته ينسحب على الأبناء فالتلطف في تربيتهم صدقة فيما يخلف تجريحهم والانتقاص منهم ندوبا وجروحا نفسية لا تلتئم.. لذا يقول المصريون بخفة ظلهم المعهودة "الملافظ سعد" وهي كذلك لمن يزن الأمور بقسطاسها..
تلطفوا يا جماعة، اختاروا قوالب سكرية لترياقكم المرّ ولا تقسوا إلا للضرورة، فالحياة صعبة -كما هي- ولسنا بحاجة لأن نكون سياطا على بعضنا بعضا جهلا أو عدوانا.