العودة إلى المدارس.. تحديد الميزانية ومقارنة الأسعار

مؤشر الأربعاء ١٦/أغسطس/٢٠١٧ ٠٤:٤٠ ص
العودة إلى المدارس.. تحديد الميزانية ومقارنة الأسعار

مسقط -

تُمثّل العودة إلى المدارس إحدى المناسبات المهمة ضمن الروزنامة الاستهلاكية للأسر على مدار العام؛ بما تتضمنه من احتياجات يجب على رب الأسرة توفيرها لأبنائه الدارسين في المؤسسات التعليمية، والتي تختلف باختلاف عدد الأفراد ومستوياتهم الدراسية، وقد تتوافق هذه المناسبة -أحيانا- مع مناسبات أخرى كالأعياد مثلًا، بحيث تشكل ضغطًا على الموارد المالية للأسر، مما يتطلب معها اتخاذ استراتيجية استهلاكية مناسبة تساعد على منع الشراء غير الضروري، وتُبعِد رب الأسرة عن الضغوط المادية التي قد تضطره أحيانًا إلى الاستدانة والوقوع في فخ الاقتراض والديون.

كفاءة الاستهلاك

تطرح مسألة الوعي في معادلة كفاءة الاستهلاك للمستلزمات المدرسية، مدخلا مهما في التقليل من الهدر والاستنزاف الناتج عنها، عبر الالتزام بالشروط والمواصفات الموضوعة لنوعية الأدوات التي يحتاجها الطالب، في ظل اقتراب السنة الدراسية الجديدة من الأبواب، والتي تشكّل مرحلة مهمة لها قيمتها في فقه الطالب وسلوكه، والقناعات التي يولّدها لبدء عام دراسي جديد تعلوه الفرحة بجديد الثياب، وأنواع المستلزمات الدراسية الأخرى، لتضيف وقعًا خاصًا في نفسه، على أن كفاءة التعامل مع هذا الواقع، هو الكفيل بالإبقاء على معادلة التوازن المطلوبة، وتوجيهها لصالح بناء مناخات تواصلية أسرية، قادرة على صناعة التحول في السلوك الاستهلاكي للطالب نفسه، والتي ترتكز أولًا، على القيمة المترتبة على شراء هذه المستلزمات على قناعات الطالب ومزاجيته ورغبته في التعلم، وما تثيره في نفسه من شغف الانتظار، وحب المدرسة والاستعداد الإيجابي لها، إذ إنّ هذا الدافع سوف يُبقي رابط التواصل مع المدرسة ممدودًا، وحس الرغبة والدافع لها مشدودًا.

الالتزام بالمواصفات

أما الركيزة الأخرى من معادلة التوازن في الكفاءة الاستهلاكية، فيكمن في التزامها بالمواصفات التي وضعتها لوائح وزارة التربية والتعليم وأنظمتها، سواءً في نوعية الأدوات المستخدمة، ونوع الدفاتر وحجمها وعدد صفحاتها، أو نوعية الحقائب، ومراعاتها للمرحلة العمرية للطالب، وتحقيقها لمعايير السلامة والأمان، بما لا تثقل كاهل الطالب، أو تؤثر سلبا عليه.
ويجب خلال العملية تحديد احتياجات الطالب وأولوياته الأساسية، ومراجعة تأجيل المستلزمات المدرسية الثانوية لأوقات أخرى، بالشكل الذي يُبقي معادلة كفاءة الاستهلاك، نافذة بين جاهزية واستعداد، يتبعه رغبة وشعور ودافعية للتعلم، وبين تحديد للاحتياج، وتقنين للمتطلبات، وتعميق لشعور المسؤولية والتعاون والتكامل بين الأبناء في المحافظة على الممتلكات الشخصية، والحرص على عدم تضييعها أو العبث بها، بما يضمن لها الاستدامة والاستمرارية في أداء مهمتها في برنامج التعلم اليومي للطالب، هذا التناغم بين هذه الموجهات، بحاجة إلى مزيد من الوعي الأبوي والمجتمعي، والفهم الناتج عن القيمة المتحققة من استكمال هذه الأدوات واختيارها وفق مواصفات التقنين والجودة، ويضع الطلبة أمام مسؤولية استشعار القيمة المتحققة منها في نجاحهم التعليمي، بحيث يؤدي تحقيق حوار تواصلي ونقاش تفاعلي حولها، إلى وجود إطار مشترك يتفق عليه الجميع في عملية توفير المستلزمات المدرسية، وفي المقابل يمكن أن يؤدي هذا التناغم على المستوى الأسري، وفهم الضوابط والشروط التي وضعتها الوزارة، إلى التقليل في مستوى الهدر، وضبط مسار ثقافة الاستهلاك، بحيث تصبح عملية موجّهة ومؤطرة وفق الأولويات، لتتسع مساحة المسؤولية والشعور بقيمة الهدف. كما أن المكتبات ودور النشر ومراكز التسويق والتسوّق، عبر التزامها معايير الأدوات المدرسية المسموح بها، والمقررة وفق مواصفات الجودة والنوعية، تعالج حالات الاستنزاف في المستلزمات الناتج عن رداءة نوعيتها وسرعة تلفها.

دور المستهلك

ويقول هلال بن سعود الإسماعيلي مدير دائرة تنظيم ومراقبة الأسواق بأن الهيئة وجميع إدارتها بمختلف محافظات السلطنة تعمل على متابعة توفر جميع المستلزمات المدرسية في الأسواق خلال هذه الفترة نظراً لقرب العودة إلى المدارس، كما تحرص على التأكد من توافرها بأسعار مناسبة، وخيارات منوعة، الأمر الذي يتيح للمستهلك وجود البدائل أثناء عملية الشراء، مشيراً إلى أن الزيارات الميدانية لمأموري الضبط القضائي للأسواق مستمرة دون توقف، سواء أكان في موسم العودة إلى المدارس أو غيرها من المواسم الأخرى التي تستوجب تكثيف الحملات.
ويضيف الإسماعيلي: كما هو معلوم أن وعي المستهلك هو خط الدفاع الأول عن حقوقه، لذا فإن المستهلك الواعي بطرق الشراء السليم المبني على التخطيط المسبق والمقارنة قبل الشراء، والتأكد من السعر، ومدى ملائمة السلعة لاحتياجاته تعمل على تحقيق عملية تسوق سليمة، مع التأكيد على ضرورة عدم الاستعجال في عملية الشراء، وضرورة شراء الدفاتر المدرسية المعتمدة من جهات الاختصاص ممثلة في وزارة التربية والتعليم، بالإضافة إلى عدم الاندفاع لشراء الأدوات المدرسية التي لا حاجة لها، والتي قد تشكل عبئاً على الميزانية المخصصة لموسم المدارس.

التركيز على الأساسيات

تقول ردينة بنت عامر الحجرية- معلمة سابقة ومديرة متحف المدرسة السعيدية حاليًا- بأنه على أولياء الأمور التركيز على الأساسيات عند قيامهم بشراء المستلزمات الدراسية لأبنائهم، وأن يبتعدوا عن شراء الأدوات غير الضرورية، كما يجب عليهم تخصيص ميزانية قبل الذهاب للشراء، بحيث تعرف الأسرة مقدار ما تنفقه في هذا الجانب. وأوضحت أن الأسعار تشهد ارتفاعًا ملحوظًا دون أن يكون هناك تحرك ملموس لكبح جماحها، مما يشكل ضغطًا على من لديه أكثر من طالب يذهب إلى المدرسة. ودعت الحجرية الجهات المختصة إلى التدخل لضبط الأسعار، ومراعاة الأسر خصوصًا أصحاب الدخل المحدود.

ميزانية خاصة

ويرى أحمد بن حسن البلوشي -معلم- أن على كل ولي أمر توفير ميزانية خاصة لشراء الأدوات المدرسية في بداية العام الدراسي وجعل هذا الأمر نصب عينيه، بحيث يحاول قدر الإمكان توفير جميع مستلزمات الحقيبة المدرسية ذات الجودة لتبقى أطول مدة قدر الإمكان ابتداءً من الحقيبة المدرسية وانتهاء بالمساحة (الممحاة).

ويضيف: «بعض التجار ينتظرون موسم المدارس بفارغ الصبر حتى يبيعوا بضاعتهم بأغلى الأسعار ويحققوا أرباحًا خيالية، ولذلك يلاحظ في بعض الأحيان وجود ارتفاع في الأسعار، حيث يصبح سعر بيع الحبة الواحدة مُعادلًا لسعر بيع خمس أو ست حبات من النوع نفسه والجودة نفسها قبل الموسم أو في الأسواق المجاورة، وحتى لا يجبر بعض أولياء الأمور الذهاب إلى الأسواق في الدول المجاورة لشراء الأدوات المدرسية كحل بديل لمواجهة هذه الظاهرة يمكن للجهات المختصة العمل على محورين: الأول تثقيف ولي الأمر بعدم شراء جميع الأدوات المدرسية مرة واحدة أو قبل بداية العام الدراسي بأسبوع، وإنما شراء الاحتياجات الأساسية أولا ثم شراء بقية الأدوات بناءً على حاجة المادة لتلك الأدوات، فقد تقوم بعض المدارس بتوفير بعض الأدوات كالأدوات الهندسية أو أوراق الرسم البياني مما يوفر بعض المبالغ لدى ولي الأمر، أو الشراء على مراحل أو أماكن مختلفة بعد مقارنة الأسعار مما يدفع التاجر إلى تخفيض الأسعار حتى يجلب أكبر قدر من الزبائن.

عدم الشراء مرة واحدة

ويشاركنا إسحاق بن سلطان الأغبري برأيه قائلا إنه يلجأ إلى المراكز الكبيرة للتسوّق للمدارس بسبب وجود العروض الجيدة والتنوع والوفرة، ويضيف: أقوم بشراء احتياجات الفصل الدراسي الأول فقط لأبنائي لتخفيف الكلفة وتوزيعها لدفعتين، وفِي الفصل الثاني أقوم بالتسوق والشراء من جديد. كما أنني أخصص ميزانية خاصة لاحتياجات المدارس ولا بد من ذلك، لأن المتطلبات كثيرة وتستنزف جزءًا كبيرًا من دخل الأسرة، لهذا أضع التسوق للمدرسة من الأولويات. ويتمنى الأغبري من الجهات المختصة رصد جودة السلع وأسعارها لأن مجال الغش في سلع المواد القرطاسية واسع وسهل، بالإضافة إلى وضع سقف لارتفاع الأسعار المبالغ فيها.

معرض موحّد

ويذكر المستهلك سالم بن عبدالله الكندي أنه اعتاد على شراء الأشياء المهمة فقط والتركيز على الأوليات مما يحتاجها أبناؤه في المدارس، ويوضح: غالباً لا أقوم بشراء الأشياء غير الضرورية، ورغم توفر الخيارات المتنوعة إلا أن الأسعار ما تزال مرتفعة، وبالنسبة إليّ فإنني عادة أبحث عن الجودة في شراء المستلزمات مثل الحقائب والقرطاسيات. ويشير الكندي إلى أنه يخصص سنويًا مبلغًا بحوالي 200 ريال من أجل الاستعداد للمدرسة، وهو مبلغ ليس بالقليل خصوصاً وأن المتطلبات تستمر طوال فترة العام الدراسي، مؤكدا أن الشراء دفعة واحدة أفضل للاستعداد مُسبقًا، ولضبط الميزانية، كما يطالب الجهات المختصة بتكثيف مراقبة السوق من ناحية، وينشد توفير الجودة والأسعار المناسبة من قبل المراكز التجارية، ويقترح إقامة معرض خاص للعودة إلى المدارس، على سبيل المثال في مركز عمان الدولي للمؤتمرات والمعارض، للحصول على كل المتطلبات وبخيارات أكثر، كما أن التجار سيتنافسون من خلال المعرض في تقديم الجودة والسعر المناسب، بالإضافة إلى أن إقامة مثل هذه المعارض تختصر جهود حماية المستهلك في الرقابة.