مسقط – محمد فهمي رجب
حذر قانونيون وخبراء استثمار مالي من انزلاق البعض في مستنقع تمويل الجماعات المتطرفة أو عمليات غسيل الأموال من خلال اشتراكهم في عمليات التسويق الشبكي التي تقوم بها بعض الشركات المجهولة من خارج السلطنة.
وكان فيديو لأحد الأشخاص في السلطنة يدعى «س» قد انتشر خلال الفترة الفائتة عبر موقع اليوتيوب يقوم بالترويج للاستثمار في إحدى الشركات الأجنبية التي تقوم ببيع منصات مواقع إلكترونية يحصل المستثمر من خلالها دون عناء أو أي مجهود على أرباح تصل إلى 4 أضعاف المبلغ المستثمر، ما استرعى انتباه «الشبيبة» التي قامت بالتواصل مع الشخص المذكور للاطلاع على كافة التفاصيل والتثبت من حقيقة الشركة.
وقد أكد «س» خلال حوار مع «الشبيبة» عبر الهاتف أنه يحصل على أرباح بانتظام من خلال الاستثمار في شركة تعمل في مجال الاستثمار الشبكي متجاهلاً مخاطر ذلك النوع من الاستثمار حيث قال «أنا شخص مجازف وأتعامل مع برامج التسويق الشبكي منذ 3 سنوات ولم تتوقف أرباحي خلالها وتعرفت على الشركة عن طريق مجموعة من الأصدقاء من دولة خليجية وعلمت أنها تتعامل في بيع المنصات للمواقع الإلكترونية ومؤسسها برازيلي ومقرها الرئيسي في هونج كونج».
وأضاف: يتم شراء منتجات الشركة «المنصات الإلكترونية» من خلال طريقتين الأولى هي التحويلات البنكية عبر البنوك المحلية في السلطنة إلى حساب الشركة في بنك بهونج كونج. أما الطريقة الثانية فهي خصم من الأرباح بحيث يمكن للمستثمر أن يترك أرباحه في حسابه الخاص دون سحبها ويقوم بتسجيل اشتراكات لأشخاص آخرين تخصم اشتراكاتهم من أرباحه ويقوم هو باستلام أمواله من المشتركين الجدد نقداً.
وقال «س» إن منتجات الشركة من منصات لمواقع إلكترونية ومنصات لتطبيقات الهواتف ومنصات للمتاجر الإلكترونية لا يخلو منها أي هاتف نقال وبالتالي فهي منتجات مطلوبة ويمكن بيعها بسهولة وسرعة.
وأضاف أن الشركة لديها ثلاثة أنواع من الاشتراكات يمكن من خلالها تحقيق أرباح للمستثمرين وقيمه الاشتراك اﻷول الماستر (1525 يورو) أي ما يعادل 680 ريالا عمانيا تقريباً تدفع مرة واحدة فقط يحصل من خلالها المستثمر على 24 منصة لموقع إلكتروني و24 منصة لتطبيق الهواتف النقالة و8 منصات للمتاجر الإلكترونية بإمكانه بيعها وربح 6 أضعاف المبلغ الذي تم شراؤها به.
شبكة واسعة
كما تقوم الشركة بعقد اتفاقية مع المستثمرين لتفويض الشركة ببيع 70 % من المنتجات التي قام المستثمر بشرائها بحيث تودِع الشركة في حساب المستثمر أسبوعياً 110.77 يورو أو ما يعادل 45 ريالا عمانيا تقريباً بحيث تصل الأرباح إلى 2340 ريالا عمانيا سنويا. أما قيمة الاشتراك الثاني «السينيور» فهي 525 يورو ما يعادل 230 ريالا عمانيا تقريباً تدفع كذلك مرة واحدة. وفي هذا النوع من الاشتراكات تمنح الشركة المشترك أو المستثمر 8 مواقع و8 تطبيقات و3 متاجر وبنفس الطريقة تكون هناك اتفاقية بين المستثمر والشركة يحصل المشترك بمقتضاها أسبوعياً على 34.62 يورو أو 15 ريالا تقريباً ولمدة 52 أسبوعا بحيث تصل الأرباح خلال العام إلى 780 ريالا عمانيا. وأما الاشتراك الثالث «الجونيور» فتبلغ قيمته 175 يورو أو 80 ريالا عمانيا تقريباً وتدفع كذلك مرة واحدة ويحصل المشترك بمقتضاها على 3 مواقع و3 تطبيقات وتصل أرباح بيعها أسبوعياً إلى 8.08 يورو ما يعادل تقريبا 3.5 ريال عماني لمدة 52 أسبوعا ويكون مبلغ الربح السنوي 180 ريالا عمانيا.
تســـــاؤلات
وتجاهل «س» أثناء الحوار سؤالا منطقيا حول نظام الشركة التي تقوم ببيع 70 % من المنتجات لحساب المستثمرين التي باعت المنتجات لهم، فإذا كانت قادرة على تصريف منتجاتها فلماذا تبيعها للمستثمرين ثم تقوم بإيداع أرباح في حساباتهم البنكية؟ كما أنه عندما سئل عن سندات الملكية الخاصة بالمنتجات التي يشتريها المستثمر أو المشترك دافع بشدة عن مصداقية الشركة ولكنه لم ينكر عدم وجود سندات ملكية بل إنه أقر باحتمالية كون الشركة إحدى واجهات غسيل الأموال في العالم حيث قال «هذا وارد ولكنني أعرف أين تذهب أموال الشركة»، دون توضيح منه حول هذه الوجهة التي تذهب إليها أموال الشركة أو من أين تأتي الأرباح. وقال إن هناك منظمة دولية في واشنطن هي الضامن لحقوق المشتركين.
وعن عدد المشتركين في الشركة من السلطنة قال «س»: وصلنا حاليا إلى ما يقارب 5500 مشترك ولدينا حوالي 25 جروباً في الواتس آب.
غسيل أموال
وفي متابعة لـ «الشبيبة» لآراء خبراء الاستثمار المالي، قال الرئيس التنفيذي لشركة المدينة للاستثمار عبد الصمد بن محمد المسكري «العقد شريعة المتعاقدين، وبالتالي يجب توافر أوراق ومستندات ملكية للشركة في البداية ومن ثم يمكن لها أن تبرم عقود استثمار مع الأفراد وما دون ذلك فهي معاملات حولها علامات استفهام كبرى لأنها تندرج تحت بند المعاملات عالية الخطورة، فقد تغلق الشركة في أي وقت وبالتالي لا يمكن لأي مساهم أو مستثمر أن يسترد أمواله لأنه ليس لديه ما يثبت امتلاكه لأسهم في تلك الشركة».
وأضاف المسكري: لا تتوقف المخاطر عند حد خسارة الأموال بل إن الأمر قد يصل إلى التورط في عمليات غسيل الأموال ودعم الجماعات الإرهابية المتطرفة في العالم. لذلك فأنا أحذر المواطنين والمقيمين من خطورة الانزلاق في ذلك المستنقع الذي تدور حوله الكثير من الشكوك وعلامات الاستفهام. وأنصح راغبي الاستثمار في توجيه أموالهم إلى الأماكن الموثوق فيها والتي يمكن من خلالها ضمان حقوقهم المالية سواء أكانوا أحياء أو حتى حقوق الورثة بعد الوفاة.
عملية احتيال
وعن الرؤية القانونية لهذا النوع من الاستثمار قال المحامي والمستشار القانوني خليفة الرحبي إن التسويق الشبكي مجرد عملية احتيال في شكل شركات تحمل شعارات توهم الناس بتحقيق الثراء السريع وأكل أموال الناس بالباطل. وقد لاحظنا في السنوات الأخيرة أن عمليات التسويق الشبكي مستمرة في اصطياد المغرر بهم من الشباب والفئات التي تحلم بدخل مرتفع دون تعب، وفي المقابل تستمر معظم الأجهزة المعنية في الحكومات في مختلف دول العالم بتضييق الخناق على هذه الأنشطة التي لا تمت إلى التجارة بصلة ولا أساس لها في القانون.
وعن ضمان القانون في السلطنة لحقوق المستهلك في حال شرائهم منتجات عبر الإنترنت قال الرحبي «الشراء عبر الإنترنت أصبح الآن تجارة رائجة في ظل ثورة الاتصالات في العالم، حيث لجأت معظم الشركات وبخاصة في الدول الصناعية والمتقدمة إلى بيع منتجاتها عبر مواقع إلكترونية بشبكة الإنترنت، وهنا يكمن الفرق بين هذه الشركات التي تبيع منتجات حقيقية بطريقة قانونية وبين عمليات التسويق الشبكي التي يعتمد دخل المشترك فيها على عدد الزبائن الذين يشتركون تحت اسمه لتكوين شبكة عنقودية من المشتركين. ففي حالة شراء منتجات حقيقية عبر شركات قانونية معروفة فإن القانون يضمن للمستهلك حقوقه كاملة مثله مثل الشراء من المحلات التقليدية المعتادة، فقد أفردت معظم دول العالم قانونا خاصا للتجارة الإلكترونية، أما هنا في السلطنة فإن قانون المعاملات الإلكترونية، وقانون مكافحة جرائم تقنية المعلومات بالإضافة إلى القوانين الأخرى كقانون التجارة وقانون حماية المستهلك كفيلة بضمان حقوق المستهلكين.
وعن قيام بعض المواقع بعرض بيع أسهم عبر الإنترنت يحصل بمقتضاها العميل على أرباح مقابل شراء الأسهم وغالباً ما تكون تلك المواقع من خارج السلطنة قال: نحن ننصح المواطنين والمقيمين قبل عمليات شراء مثل تلك الأسهم أن يتحروا الدقة بالبحث والتحري عن مدى قانونية ومشروعية تلك الشركات، والبحث عن المقر الرئيس للشركة وفيما إذا كانت مسجلة رسمياً لدى الجهات الحكومية الرسمية في تلك الدولة، لأنه من خلال عملنا في المحاماة فقد تلاحظ لدينا أن هناك العديد من الشركات الوهمية التي تستغل البسطاء من الناس الباحثين عن الثراء السريع ليقعوا في عمليات نصب تأتي من خلف الحدود، وبالتالي فإن الملاحقة القانونية تواجه شيئا من الصعوبة بخاصة في بعض الدول التي تعد ملاذا لمثل هذه النشاطات المشبوهة.