هل حصلت إنفراجه للإطفال اللاجئين ؟

مقالات رأي و تحليلات الأحد ٢١/فبراير/٢٠١٦ ٢٣:٢٥ م
هل حصلت إنفراجه للإطفال اللاجئين ؟

جوردن براون

لقد كان هناك في البيان الختامي لمؤتمر الأمم المتحدة الرابع للمانحين من أجل سوريا في لندن والذي أختتم مؤخرا وعد مهم وإن لم يتلقى الكثير من الدعاية وهو أنه بحلول العام المقبل سوف يحصل كل طفل من اللاجئين السوريين على مقعد دراسي.

وأخيرا بدأ العالم يأخذ على محمل الجد الحاجة لتوفير التعليم للإطفال المتأثرين بالصراع وحتى هذه اللحظة كانت المساعدات الإنسانية العالمية التي تستهدف التعليم تشكل أقل من 2% من الأموال التي تم التعهد بتقديمها وعلى الرغم من أن هذا التحول لم يتم تمويله بالكامل ،إلا إنه يعكس الإعتراف المتأخر من قبل الحكومات ووكالات المساعدات بإن الإزمات الإنسانية لا تنتهي خلال أسابيع أو أشهر وبإن اللاجئين يحتاجون إلى ما هو أكثر من الطعام والمأوى.

إن المآسي التي لا تعد ولا تحصى التي تواجه ملايين الأطفال خارج المدارس يجب أن تعطينا الإرادة السياسية للوفاء بهذا التعهد. يقضي اللاجئون عشر سنوات بالمعدل بعيدين عن منازلهم وبدون التدخل فإن العديد من الأطفال الذين شردوا بسبب الحرب الأهلية السورية-ناهيك عن 24 مليون طفل آخر في أنحاء العالم والذين هم خارج المدارس بسبب الصراع- لن يتمكنوا من دخول صف دراسي خلال سنوات سن الدراسة وكبالغين سوف يتذكرون طفولتهم والتي قضوها في الأكواخ أو الشوارع وهم محرومون من الشعور بالرضا والأمل الذي يرتبط عادة بالتعليم.

لكن تكلفة ضياع التعليم تتجاوز المشاعر والعواطف فعندما يتوقف التعليم –أو يسرق- فإن الأطفال يفقدون حماية المدارس بحيث يتم استغلال العديد منهم .يتم إستهداف الفتيات من قبل المتاجرين بالبشر بحيث يختفين في غياهب الحرمان الذي لا يمكن تصوره. أما الفتيان فيجبرون على العمل بالمصانع أو يذهبون للخطوط الأمامية للحروب .

نظرا لإن البالغين عادة ما يتم منعهم من العمل في بلد اللجوء ، فإن الأطفال المحظوظين بما فيه الكفاية لأن يكون لهم أباء أحياء عادة ما يتم دفعهم للعمل- في أي مكان يعثرون فيه على العمل –من أجل توفير بعض الدخل الضيئل لعائلاتهم ولكن أي قدر من أعمال الخياطة أو الحفريات أو القتال لا يمكنه تأمين المستقبل بالطريقة التي يحققها التعليم .

نحن نرى التكلفة في سوريا فبدون القدرة على مساعدة الأطفال فإن العائلات تفقد الأمل بأي مستقبل في المنطقة وتنطلق في رحلات بحرية خطرة –وعادة ما تكون قاتلة-لإوروبا.إن الأطفال الذين يبقون والخائفون من المستقبل المجهول يتم تجنيدهم بسهولة من قبل المتطرفين. لو كنا مخلصين في رغبتنا بإبطاء الهجرة الجماعية لإوروبا وتجنب جعل الأطفال أكثر راديكالية والإعداد من أجل إعادة بناء سوريا ، يتوجب علينا أن ننظر للتعليم وليس الهجرة (ناهيك عن التطرف ) كجواز سفر الطفل للمستقبل.

إن الفشل في تمويل التعليم للاجئين ليس مصادفة فهو نتيجة مباشرة لنظام معيب من الناحية الهيكيلية وهو نظام يترك إحتاجات أطفال المدارس معلقة بين موازنات المساعدات الأنسانية
(98% من تلك المساعدات تذهب للطعام والمأوى والرعاية الصحية) والمساعدة التنموية (والتي هي بالضرورة طويلة المدى).

والان وبعد أن تم الإقرار بإن تعليم الأطفال اللاجئين السوريين هو ضمن مسؤولية نظام المساعدات الإنسانية فإنه يتوجب علينا أن نجد الوسائل لتمويله. لقد ذكر البيان الختامي فقط بإن المشاركين "لاحظوا" الحاجة لمبلغ 1،4 مليار دولار أمريكي على الأقل كتمويل سنوي وبينما تم تقديم الكثير من الوعود، يجب علينا أن نتحقق من الوفاء بتلك الوعود وحتى لو تم ذلك فإن هناك حاجة لما هو أكثر من ذلك بكثير بينما يشرد المزيد من الأطفال بشكل يومي.

لا يوجد مكان من أجل البناء على البيان الختامي لمؤتمر لندن أفضل من القمة الإنسانية العالمية في اسطنبول في مايو وكبؤرة لأكبر أزمة لاجئين ، يتوجب علينا أن نخطو خطوة أخرى للإمام وذلك عن طريق تأسيس "صندوق الأمل" وهو عبارة عن عملية إنسانية لتوفير التعليم في الحالات الطارئة وهو أول صندوق دائم لضمان التعليم في مناطق النزاع.

لا أحد يحتاج للأمل أكثر من أحمد والذي يبلغ من العمر 12 عاما والذي إلتقيت فيه في مركز لإستقبال اللاجئين في بيروت ومثل معظم اللاجئين السوريين فلقد كان خارج المدرسة وهو يريد بشدة العودة إليها وعندما سالته ماذا يريد أن يصبح عندما يكبر أجاب وبدون تردد "مهندس". أنا معتاد على أن يخبرني الأطفال عن أحلامهم وذلك من طيارين تجاريين إلى فنانيين في مجال موسيقى الراب ولكن ليس مهندسين وعندما أخبرته لماذا تريد أن تصبح مهندسا ؟ أجاب " للعودة للوطن وإعادة بناء سوريا".

لو قامت المؤسسات والحكومات والشركات بالتعهد بالمساهمة فإن صندوق الأمل الذي أتصوره يمكن أن يبدء العمل بحلول نهاية العام ومع وجود التزام فعلي من 50 شركة بدفع مبلغ 70 مليون دولار أمريكي للاجئين السوريين نكون قد أظهرنا أن الشركات الأكثر ريادية وإبتكارا يمكن أن تكون شريكة في السلام .

إن أحد أهدافنا هو حرية الوصول الرقمية ودورات على الانترنت للأطفال في مخيمات اللجوء. إن هولاء السحرة في مجال التكنولوجيا والذين جعلونا نضيء مصابيحنا الكهربائية من مكان في النصف الآخر من العالم ، بإمكانهم كذلك عمل الكثير للتعليم في الحالات الطارئة. لقد عرضت فايسبوك وجوجل وأبل وغيرها من الشركات المساعدة والآن يجب أن نقنعها بتنسيق جهودها فيما يتعلق بتقديم دروس على الإنترنت للمعلمين والأطفال اللاجئين .

لحسن الحظ لدينا قصة نجاح لتلهم جهودنا القادمة ففي السنة الماضية قامت لبنان بإخراج الأطفال السوريين الضعفاء من الشارع وذلك عن طريق خلق 207000 مقعد دراسي وطبقا لترتيبات أوقات الدوام المزدوجة ، كان اللاجئون السوريون يتلقون التعليم في فترة ما بعد الظهر وأول المساء في نفس الغرف الصفية التي يذهب اليها الطلبة اللبنانيون المحليون في الصباح.

إن هذه التجربة الناجحة تثبت أنه من الممكن تقديم التعليم لمليون طفل سوري سنة 2016 ولجميعهم سنة 2017 . يبدو أن تركيا والأردن تتبع خطى لبنان حيث أعلنتا عن خطط من أجل مضاعفة عدد المقاعد الدراسية للاجئين .

لو أستطعنا النجاح في واحدة من أكثر المناطق التي دمرتها الحرب في العالم فإن تحقيق تقدم في أماكن أخرى سيصبح أكثر إحتمالية بدرجة كبيرة . إن الأطفال اللاجئين المنسيين في جنوب السودان واليمن سوف يتم إخراجهم من الظل وسوف تحصل الأقليات المضطهدة في ماينمار على فرصة المساعدة في تشكيل ديمقراطية بلادهم الوليده. والفتيان والفتيات واللذين عانوا طويلا على طول الحدود الأفغانية/الباكستانية سوف يتم إعطاءهم الأدوات من أجل بناء المستقبل.

لقد إتحد العالم مرارا وتكرارا من أجل محاربة الأمراض والكوارث ولقد إحتشدنا ضد المستبدين والطغاة وأطحنا بهم والان دعونا نكون أول جيل يضع كل طفل في المدرسة.

رئيس وزراء ووزير مالية سابق في المملكة المتحدة