د حامد المرجان
فى خطوه توكد بان دور الصحافه الورقيه قارب على الانتهاء، اعلنت احدى كبري الصحف اليوميه البريطانيه "الانديبندنت الاسبوع الفائت ايقاف الطبعه الورقيه والاعتماد فقط على النسخه الالكترونيه على الانترنت وتعتبر الانديبندنت واحده من اكبر اربعه صحف يوميه تصدر فى بريطانيا هى الانديبدنت، الجارديان، والتيمس، والفيننشال تيمس . تعتبر هذه الاربع الصحف من الصحف المهمه فى بريطانيا وعلى مستوى العالم وتوزع ملايين النسخ اليوميه هذا بالاظافه الى كونها بيوت خبره ومراكز بحث سياسيه واقتصاديه عالميه يعمل لديها صحفيين واكاديميين عالميين من حيث الخبره والسمعه والتخصصواذا كانت الصحافه البريطانيه تصنع وتشكل الراى العام البريطانى حول القضايا المحليه والعالميه، هى ايضا ذات تاثير على صناع القرار البريطانى والعالمى و كان لها دور فى تغيير سياسات وقرارات صناع القرار السياسي والاقتصادى العالمى منذ الحرب العالميه الاولى وحتى الان . يعتبر توقف صحيفه الانديبندنت عن الطباعه الورقيه جرس انذار لعصر المطبوعات التى تتراجع امام هيمنه تكنولوجيا المعرفه والمعلومات التى حولت العالم فى اقل من 30 سنه الى قريه الكترونيه عالميه ذات تاثير بعيدة الابعاد. يعتقد خبراء الاعلام والمعلومات بان هناك صحف عريقه مماثله على مستوى العالم سوف تتوقف وتتحول الى ساحه الانترنت العالميه لا يعنى ذلك بان هذا سيلغى دور الصحفى فالمحتوى الصحفى الالكترونى يحتاج الى صحفيين ومحلليين سياسيين واقتصاديين واقلام جاده ومبدعه من امثال روبرت فيسك الكاتب المعروف المتخصص فى الشرق الاوسط الذى يكتب فى صحيفه الانديبندنت ولكن سيتم الاستغناء عن بعض الوظائف التقليديه والاداريه التى لا يحتاج اليها فى عالم الرقميه. الجدير بالذكر بان العدد الاول لصحيفه الانديبندنت صدر فى اكتوبر عام 1986 وحسب الاعلان سوف يكون اخر عدد للانديبندنت يوم 26 مارس 2016 والذى ساحرص على اقتنائه. اذا كان هذا مصير الصحافه هل يمكننا القول بان عصر القراءه من الورق فى طريقه الى الانتهاء وذلك استناداً على تطور وسائل الإتصال والمعلومات. ولا شك أن الإلمام بالتطور التكنولوجي مهم، لكن البعض يعتقد بانه لا يمكن يقضى على الطرق التقليدية في التعلم والقراءة، كما أنه لا يمكن لوسيلة إعلامية أن تقضي على أخرى، فالبعض يقول ايضا أن "المطبوعات الإلكترونيه" لا تغني عن الورق، ولن يكون بديلاً عن "المطبوعات"، فيما تظل "المقولة " عن نهاية عصر القراءة بكلا نوعيها، تطن في آذان البعض.
**
"قراءة المطبوعات" بشكلها التقليدي "ورق وحبر" مازالت مهمة لدى الكثير ولكن الاتجاه نحو المطبوعات الالكترونىه موجود. ويعتقد البعض بانه مهماً بلغت التكنولوجيا من تطور ومهما أصبحت المطبوعات الإلكترونيه متاحه على الانترنت، صحيح أن المطبوعات وسيلة "عتيقة"، لكن الشعوب لم تكف يوماً عن قراءتها، ما حفز المخترعين عبر العصور، لتطوير آلات الطباعة وابتكار الجديد منها، وكذا العديد من نوعيات الورق المختلفة ؛ لذلك لن ينجح طغيان المادة الالكترونية المتوفرة على الشبكة الدولية للمعلومات "الإنترنت"، على إبعاد الشعوب عن قراءة المطبوعات، بدليل أن الإنترنت يزخر بالكثير من المواقع التى تروج لكثير من المطبوعات.
وللحقيقة فقد أدى الإنترنت إلى تراجع الإهتمام بشراء الكتب أو قراءتها، لأنها توفر المعلومة بكل سهولة ويسر، لكنها لا تغني عن قراءة المطبوعات لأنها باقية وحية دائماً، ولأنها كانت ومازالت وسيلة أكثر أماناً لحفظ المعلومات سواء على مخطوطات أو وثائق قديمة، كما أنها تعد الأفضل في مجالات التعليم. لكن هناك "التباس" بين القراءة ووسيلتها، ليس مهما ما هي الوسيلة، لكن المهم أن نقرأ، فهل نقرأ فعلاً، كتاباً تقليدياً أم "سايبيريا"..؟ هذا هو السؤال..!
ومايهمنا فى مقالنا هذا هو مدى اهتمام المواطن العربي بالقرأة وهل القرأه فى الانترنت ستكون افضل من المطبوعات التقليدي.وفي إجابة السؤال، ورد في تقرير لمنظمة الأمم المتحدة للعلوم والثقافة والتربية "اليونسكو" أن معدل نشر الكتاب في العالم العربي، لا يتجاوز نسبة سبعة بالمائة، وإن نصيب كل مليون عربي من الكتب لا يتجاوز ثلاثين كتاباً، مقابل (584) كتاب لكل مليون أوروبي، و(212) لكل مليون أمريكي.كما ورد في تقرير التنمية البشرية الأخير أن أعداد النسخ المطبوعة من الكتاب العربي في المعدل العام تتراوح بين ألف إلى ثلاثة آلاف، بينما يبلغ عدد النسخ المطبوعة للكتاب في أوروبا وأمريكا عشرات الآلاف، إذن فالمقارنة تكشف لنا أن وضع القراءة في العالم العربي مزرٍ للغاية.
**
يلعب عامل الثقافه السياسيه دوراً كبيراً في التأثير على إهتمامات المواطنين وتوجيهها بعيداً عن القراءة، لضمان عدم بلوغهم مرحلة وعي وثقافة تجعلهم يطالبون بحقوقهم السياسية والإجتماعية والثقافية.ولعبت هذه السياسات دورا أساسياً في تراجع حركة النشر والطباعة والتوزيع العربية، ولم تستطع التحول إلى "صناعة الكتاب" كما هو الحال في العالم الأوروبي. ولكن ما نلاحظه هناك تغير فى عادات القرأه لدى الشباب العربى فى الانترنت والذى قد يخلق مفاجأت لدى دراسات اليونسكو فى المستقبل القريب.
إذا كانت الأوضاع الإقصادية والسياسية وتراجع حركة النشر عواملاً تقليدية لا تساعد على القراءة وانتشار المطبوعات، فإن الثورة التقنية والتطور الهائل في مجال الإتصالات ووسائل الإعلام المختلفة، وسيطرة الوسائط الرقمية الجديدة، أضاف جديداًللقراء الشباب فى الوطن العربي، وساعد على تفشي العزوف عن القراءة التقليديه والإكتفاء بالثقافة عبر وسائل الاعلام الحديثه التي توفرها الوسائط الالكترونيه.لقد لعب "الفيس بوك" أو في أحد ترجماته "كتاب الوجوه" دوراً مهماً خلال موجة الربيع العربى واستجاب لمتابعته كأهم كتاب عصري أعداد كبيرة من الشباب العربي.ومع الفيس بوك ومواقع التواصل الإجتماعية ظهر مصطلح الـ"إي ـ بوك" او الكتاب الالكترونى، وجاء معه مصطلح "القراءة الالكترونية"، وهي قراءة لكتب يمكن شراءها واستعارتها وقراءتها على جهاز الكمبيوتر أو شاشة الهاتف الجوال. نهايه المطبوعات التقليديه هى بدايه لقأرى عربي ينافس شعوب العالم فى التزود بالمعلومات.
باحث ومستشار تنموى
**