واشنطن حريصة على عدم التدخل في ليبيا رغم عملية القصف

الحدث الأحد ٢١/فبراير/٢٠١٦ ٢٣:٢٠ م

واشنطن - ش - وكالات

أثبت القصف الأمريكي لمعسكر تدريب تابع لتنظيم داعش في ليبيا أن واشنطن مصممة على مطاردة المتطرفين حتى خارج معاقلهم في سوريا والعراق، غير أنه لا يشير بالضرورة إلى رغبة في التدخل في بلد غارق في الفوضى.
وخلال هذه الغارة الأمريكية التي كانت الثانية على اهداف لتنظيم داعش في ليبيا، قامت طائرات وطائرات بدون طيار أمريكية باكرا صباح أمس الأول بتدمير معسكر تدريب للتنظيم الجهادي قرب صبراتة غرب العاصمة الليبية طرابلس، ما ادى إلى مقتل 49 شخصا.
واوضحت وزارة الدفاع الأمريكية (البنتاجون) التي لم تصدر اي حصيلة، انه بعد اسابيع من عمليات المراقبة تم احصاء ستين جهاديا يتدربون في هذا المعسكر وبينهم الجهادي الذي شكل الهدف الاول للغارة: نور الدين شوشان الزعيم الميداني لتنظيم داعش التي قتل "على الارجح".
وجاءت هذه الغارة الثانية بعد تعهد الرئيس الأمريكي باراك أوباما الثلاثاء بمنع تنظيم داعش من تثبيت مواقعه وتشكيل قاعدة له في ليبيا، مؤكدا ان بلاده ستتحرك اينما وجد "هدف واضح".
ويقدر البنتاجون بخمسة الاف عدد مقاتلي تنظيم داعش في هذا البلد الذي تعمه الفوضى منذ سقوط نظام معمر القذافي عام 2011. لكن قبل اقل من سنة على انتهاء ولايته الاخيرة، فان الرئيس اوباما الذي يواجه انتقادات تاخذ عليه نتائج الحملة ضد المتطرفين التي تخوضها الولايات المتحدة في سوريا، لا يعتزم ارسال قوات برية إلى النزاع في هذا البلد الذي يهدد بالتحول إلى مستنقع.
وقال السفير الأمريكي السابق في العراق كريستوفر هيل الذي يدرس حاليا في جامعة دنفر "لا ارى اي رغبة لدى الولايات المتحدة في العودة إلى ليبيا بصورة دائمة" مشيرا إلى ان الراي العام غير مؤيد لذلك في مطلق الاحوال، بعد حملة قصف مستمرة منذ 18 شهرا لم تنجح في طرد المتطرفين من سوريا والعراق.
وقال "سنشهد عمليات القصف الجوي هذه بين الحين والاخر حين تسنح الفرصة، لكنني لا اظن ان ذلك يؤشر إلى اي تعهد بعيد الامد في ليبيا مستقبلا".
ومن المحتمل ان تترافق عمليات القصف مع بعض المهمات الموضعية المحدودة تنفذها فرق كومندوس أمريكية بالتعاون مع شركاء محليين. وفي ديسمبر اقر البنتاجون بان مجموعة من عناصر القوات الخاصة الأمريكية ارسلت إلى ليبيا من اجل "تطوير العلاقات" مع القوات الوطنية الليبية، طردت فور وصولها.
وعلق رئيس لجنة الاستخبارات في مجلس النواب الجمهوري ديفين نانز "نامل ان تشكل عمليات القصف اليوم بداية التزام جديد من ادارة اوباما بوضع ليبيا في صلب استراتيجية شاملة لهزم الحركة الجهادية الدولية".
في وقت يحقق التحالف الدولي نجاحا في سوريا والعراق، ينضم العديد من المقاتلين إلى صفوف تنظيم داعش في ليبيا، ومعظمهم قادم من تونس المجاورة. ويشتبه بان نور الدين شوشان يقف خلف الاعتداءين الكبيرين اللذين تبنتاهما تنظيم داعش في تونس عام 2015 واثار صدمة كبيرة في الراي العام الدولي وقد استهدفا متحف باردو في العاصمة في مارس (22 قتيلا) وفندقا قرب مدينة سوسة في يونيو (38 قتيلا).
وقال المتحدث باسم البنتاجون بيتر كوك انه تم استهداف هذا القيادي في تنظيم داعش لانه كان يخطط مع المقاتلين الاخرين في المعسكر "لهجمات خارجية ضد الولايات المتحدة ومصالح غربية اخرى في المنطقة".
وراى مدير برامج الشرق الاوسط في مركز الدراسات الاستراتيجية والدولية جون الترمان ان شن عمليات قصف في ليبيا لا يشكل تغييرا جوهريا في الاستراتيجية العسكرية اذ يبقى المطلوب توجيه رسالة إلى المتطرفين مفادها انه "لا يمكنهم الفوز" باي شكل من الاشكال وانه يجدر بهم التخلي عن تنظيم داعش.
ويعتبر الخبير ان على الولايات المتحدة ان تركز جهودها من اجل التوصل إلى حل دبلوماسي للازمة العميقة التي تواجهها ليبيا والتي تشكل تربة خصبة لترسخ المتطرفين.
وفي حال لم يتحقق ذلك حذر بان واشنطن "ستكون لها في نهاية المطاف استراتيجية عسكرية بدل مجهود دبلوماسي فعال لان المجهود الدبلوماسي يبدو في غاية الصعوبة (بينما) المجهود العسكري اسهل نسبيا". واوضح الترمان ان "الخطر المتزايد هو ان تشكل عمليات القصف ذريعة لعدم تطبيق السياسات القوية الضرورية".