التسجيل المبكر في عيادات رعاية الحوامل يقلل من وفيات الأمهات

بلادنا الأربعاء ٠٩/أغسطس/٢٠١٧ ٠٤:٢٠ ص
التسجيل المبكر 

في عيادات رعاية الحوامل يقلل من وفيات الأمهات

مسقط –

قالت طبيبة اختصاصية طب المجتمع دائرة صحة المرأة والطفل د.سلوى جبار الشهابي إن العائلة تنتظر الخبر الجميل السعيد بولادة فرد جديد فيها، أشهر تمضي والترتيبات مستمرة باستقبال الأم وهي تحمل طفلها لتخطي عتبة البيت، ولكن ينتهي هذا الحلم الجديد بمأساة، لقد توفيت الأم وتركت بعدها غصة وألمًا لكل مَن حولها، نعم تلك إرادة الله سبحانه وتعالى، ولكن يأتي السؤال كيف حصل هذا ومن السبب؟

وأوضحت الشهابي أن منظمة الصحة العالمية تعرِّف مصطلح وفيات الأمهات على أنه «الوفاة التي تحدث للمرأة أثناء حملها، أو خلال 42 يومًا بعد انتهاء الحمل، بغض النظر عن فترة أو مكان الحمل، وعن أي سبب ناتج عن الحمل ذاته، أو من جراء تفاقم سبب آخر بسبب الحمل، أو نتيجة العناية الطبية التي تتلقاها المرأة أثناء الحمل، مع استثناء الوفيات الناتجة عن الحوادث وعن الأسباب العرضية». وتشير إحصائيات المنظمة إلى أنه لا يمرّ يوم واحد إلّا ويشهد وفاة نحو 830 امرأة جرّاء أسباب يمكن توقيها لها علاقة بالحمل والولادة. وأن البلدان النامية تشهد وقوع 99 % من مجموع وفيات الأمومة، ومن الملاحظ ارتفاع معدلات وفيات الأمومة في المناطق الريفية وبين الفئات الفقيرة.

ومن الجدير بالذكر أن فئة المراهقات تواجه، أكثر من النساء الأكبر سنًا، خطر التعرّض للمضاعفات والوفاة بسبب الحمل. كما أشار المسؤولون في المنظمة إلى أن الرعاية الماهرة، التي تُقدَّم قبل الولادة وخلالها وبعدها تسهم في إنقاذ أرواح الأمهات وولدانهن.
وأضافت: لقد شهدت معدلات وفيات الأمومة على المستوى الوطني انخفاضًا بنسبة 44 % في الفترة بين عامي 1990 و2015. وتسعى السلطنة في الفترة الواقعة بين عامي 2016 و2030 وفي إطار تنفيذ أهداف التنمية المستدامة إلى بلوغ الغاية المُحدّدة لتخفيض معدل وفيات الأمومة في العالم إلى أقل من 70 وفاة لكل 100000 ولادة حية.وتبيّن إحصائيات وزارة الصحة في السلطنة انخفاض معدل الوفيات من (37.5) وفاة لكل 100000 ولادة حية في العام (2002) ليصل إلى (13.4) في العام 2016. ولغرض التحري عن أسباب الوفيات قبل وأثناء وبعد الولادة لاتخاذ الإجراءات اللازمة وصياغة السياسات التي من شأنها التقليل من حدوث هذه الحالات، تم تشكيل لجنة وفيات الأمهات على المستوى المركزي في وزارة الصحة في العام 1991 وفي المحافظات في العام 1996، إذ يتم الإبلاغ الفوري عن جميع حالات وفيات الأمهات وإرسال التقارير الخاصة بها لتتم مراجعتها من قِبل أعضاء اللجان للوقوف على أسباب الوفاة واتخاذ الإجراءات الخاصة بتحسين الخدمات الصحية على جميع المستويات الصحية بعد الاطلاع على التقارير الخاصة بجميع الحالات المبلّغ عنها، ويستمر العمل الحثيث لهذه اللجان إلى الوقت الحالي.
وأوضحت: للإحاطة بأسباب المراضة في الحالات الحرجة للنساء خلال فترة الحمل والتي يمكن أن تؤدي إلى الوفاة، ولغرض تفاديها من خلال تعزيز الخدمات الصحية، تقوم وزارة الصحة حاليًا ممثلة بدائرة صحة المرأة والطفل وبالتعاون مع منظمة الصحة العالمية ومركز الأمومة والطفولة في جامعة ليفربول البريطانية بإعداد نظام وأسس تقييم مراضة الأمهات خلال فترة الحمل والنفاس. وبالحديث عن أسباب وفيات الأمهات هنالك أسباب تتعلق بجودة الخدمات الصحية المقدمة للمرأة أثناء فترة الحمل والنفاس وأسباب أخرى متعلقة بالأوضاع الاجتماعية والاقتصادية للمرأة وأفراد أسرتها. تجدر الإشارة إلى أن التقارير والدراسات التي نفذت في هذا الموضوع كشفت عن الدور المهم للمجتمع في التقليل من وفيات الأمهات، فمثلًا كلما ارتفع الوعي الصحي لأفراد الأسرة وبخاصة المرأة وزوجها ازداد الاهتمام بالمحافظة على صحة الأم الحامل من خلال التسجيل المبكر في عيادات رعاية الحوامل خلال الثلث الأول من الحمل (أي خلال الـ13 أسبوعًا الأولى من الحمل) إذ يتم التقصي عن الأمراض التي من شأنها أن تؤثر على صحة الأم والجنين ومن الممكن أن تتسبب بوفاة الأم في حال إهمال معالجتها سواء الأسباب المتعلقة بالحمل أو غيرها. ومن المهم الإشارة إلى أن تكرار الحمل على فترات قريبة وبأعداد كبيرة، وصغر سن الأم أو كبر السن من المحددات الخطرة لوفيات الأمهات.فهناك أمراض تكون بسبب الحمل ومن ممكن أن تؤدي للوفاة مثل ارتفاع ضغط الدم وسكري الحمل وهي تعتبر من أسباب الوفاة التي يمكن تفاديها من خلال التشخيص المبكر والعلاج والمراجعة المنتظمة، وهناك أسباب للوفاة ليست بسبب الحمل أي إن المرأة تكون مصابة بها قبل الحمل والتي يتبيّن فيما بعد أنها قد تسببت بحدوث الوفاة لعدم اكتشافها إلا في المراحل الأخيرة من الحمل أو الولادة لعدم مراجعة المرأة لعيادات رعاية الحوامل خلال فترة الحمل مثل مرض فقر الدم المنجلي واعتلال عضلة القلب.
وأشارت د.سلوى إلى أنه خلال الزيارات الدورية للحامل يتم التقصي عن علامات وأعراض الاختطار التي يمكن أن تحدث للحامل والتي من شأنها أن تعطي الطبيب إشارة حمراء لوجود ضرورة ملحة على متابعة حالة الحامل بشكل حثيث لمعرفة السبب وعلاجه لمنع تدهور الحالة الصحية للأم. فالصداع مثلًا قد يكون عارضًا مهمًا لارتفاع ضغط الدم والذي يحتاج إلى معالجة فورية اعتمادًا على درجة الارتفاع بالضغط. لذا يعتبر تضافر الجهود بين المختصين في وزارة الصحة على جميع المستويات وكافة فئات المجتمع من العوامل المهمة لتقليل حدوث وفيات الأمهات التي يمكن تفاديها من خلال مساندة الأم الحامل في الالتزام بالتسجيل المبكر في عيادات رعاية الحامل والمراجعة المنتظمة طوال فترة الحمل واتباع جميع التعليمات التي يوجه بها الأطباء للتقصي المبكر عن أي علامات للخطورة أو الأمراض التي من الممكن أن تودي بحياة المرأة التي تعتبر من الأركان الأساسية في العائلة والمجتمع.