كاميرون يدعو للبقاء في الاتحاد الأوروبي

الحدث الأحد ٢١/فبراير/٢٠١٦ ٢٣:٠٥ م
كاميرون يدعو للبقاء في الاتحاد الأوروبي

بروكسل – ش – وكالات

قال رئيس الوزراء البريطاني ديفيد كاميرون إنه مستعد للتوصية أن تبقى بلاده في الاتحاد الأوروبي، وذلك في أعقاب التوصل إلى اتفاق إصلاح الاتحاد الأوروبي .
وتابع "ستكون هناك قيود جديدة صارمة على الوصول إلى نظام الرعاية الاجتماعية بالنسبة للمهاجرين من الاتحاد الاوروبي"، مشيرا إلى أن بريطانيا قد ضمنت وجود "فرامل طوارئ" والتي، بمجرد تفعيلها، يمكن أن تطبق لمدة سبع سنوات لتقييد الوصول إلى مزايا العمل في بريطانيا.
وأكد كاميرون أن "بريطانيا لن تنضم أبدا إلى اليورو، وقد قمنا بتأمين حماية حيوية لاقتصادنا"، مشيرا إلى أن معاهدات الاتحاد الأوروبي ستتغير لتوضيح أن مفهوم "اتحاد أوثق من أي وقت مضى" لا ينطبق على بريطانيا.
وأضاف رئيس الوزراء البريطاني "أعتقد أن هذا يكفي بالنسبة لي لأن أوصي ببقاء المملكة المتحدة في الاتحاد الأوروبي، من أجل الاستفادة من أفضل ما في العالمين.. بريطانيا ستكون أقوى إذا استمرت في أوروبا التي تم إصلاحها مقارنة بوجودها بمفردها ".

الاتفاق مع شركائه
وحصل كاميرون مساء امس الاول الجمعة على اتفاق مع نظرائه الاوروبيين ال 27 حول الاصلاحات التي طلبها ليتمكن من اقناع البريطانيين بالبقاء في الاتحاد الاوروبي في الاستفتاء التاريخي المقبل.
وهو يواجه خصوصا تيارا قويا معارضا للفكرة الاوروبية داخل حزبه حزب المحافظين.
وقال رئيس المجلس الاوروبي دونالد توسك ان الاتفاق الذي تم تبنيه بعد عملية تبادل لوجهات النظر مساء الخميس ثم مشاورات مكثفة الجمعة، "يعزز الوضع الخاص لبريطانيا في الاتحاد الاوروبي".
غير ان ذلك لا يعني حصول بريطانيا "على استثناءات من القواعد" الاوروبية بحسب تاكيد الرئيس الفرنسي فرنسوا هولاند.
كما لا يتضمن تمكين البريطانيين من اي حق نقض لقرارات منطقة اليورو التي لا تنتمي اليها بريطانيا. وهذا "خط احمر" لا يمكن تخطيه بالنسبة لفرنسا وبلجيكا واللوكسمبورغ.
واعتبرت المستشارة الالمانية انجيلا ميركل ان الاتفاق مثل "تسوية عادلة، لم يكن التوصل اليها سهلا بالنسبة لاي من المشاكل"، مشيرة الى ان شركاء كاميرون "لم يقدموا الكثير من التنازلات".
واكتفى رئيس الوزراء الايطالي ماتيو رينزي بتعليق خال من الحماسة معتبرا انه من الضروري الحديث عن مستقبل اوروبا وليس فقط عن مكانة بريطانيا فيها "لانه هناك خطر ان نفقد التركيز على الحلم الاوروبي الاصلي".

-"مقترح منصف"-
وانهت تغريدة لتوسك يومين من التوتر الشديد. وجاء في التغريدة "اتفاق. دعم بالاجماع لاتفاق جديد لبقاء المملكة المتحدة في الاتحاد الاوروبي".
وقالت رئيسة ليتوانيا داليا غريبوسكايت بشيء من السخرية "انها نهاية المسلسل".
وجاء التعليق بعيد اجتماع قادة دول الاتحاد الاوروبي ال 28 حول مشروع تسوية جديد.
واعتبر مسؤول اوروبي ان المقترح "منصف جدا ومتوازن" و"يقترح حلا لكل مشكلة".
ومنذ الثاني من فبراير يحاول توسك من جهة وكاميرون من جهة ثانية اقناع كافة قادة دول الاتحاد الاوروبي بالقبول بقواعد جديدة لانضمام بريطانيا للاتحاد الاوروبي تشمل اصلاحات تتعلق بالسيادة والهجرة.

- قائد شرس-
وفي فترة بعد ظهر الجمعة "كان لا يزال هناك الكثير من المشاكل غير محسومة" بحسب مسؤول بريطاني.
وكان التوتر احيانا مبالغا فيه بسبب توجه القادة من جهة الى الراي العام المحلي في بلدانهم ومن جهة اخرى الى نظرائهم في القمة.
وشدد كاميرون الذي رسم لنفسه صورة القائد الشرس امام نظرائه الاوروبيين اللهجة قائلا "لن ابرم اتفاقا اذا لم نحصل على ما تحتاجه بريطانيا".
من جهتها غذت اليونان التوتر في منتصف نهار الجمعة حين هددت بتعطيل اي اتفاق مع كاميرون اذا اغلق شركاؤها الاوروبيون حدودهم امام المهاجرين قبل قمة مقررة بداية آذار/مارس بين الاتحاد الاوروبي وتركيا مخصصة لازمة الهجرة.
وادى وصول اكثر من مليون مهاجر الى اوروبا في 2015 الى رد فعل من بعض دول وسط اوروبا التي فرضت قيودا على حدودها معتبرة ان اثينا عاجزة عن ادارة تدفق المهاجرين.
وكان احتمال خروج بريطانيا من الاتحاد الاوروبي يثير مزيدا من القلق في اوروبا خصوصا انها تعاني اصلا من ازمة هجرة لا سابق لها منذ 1945.
وسيكون على كاميرون الان اقناع البريطانيين بمزايا هذه التسوية. والامر لن يكون سهلا.
وبحسب استطلاع لمعهد "سورفايشن" في يناير فان 53 بالمئة من البريطانيين يؤيدون خروج بريطانيا من الاتحاد الاوروبي مقابل 47 بالمئة يؤيدون بقاءها في الاتحاد.
ولدى استعراضه النقاط التي تم التفاوض بشانها مع شركائه الاوروبيين، بدا كاميرون بالخصوص مزهوا مساء الجمعة بالحصول على قيود جديدة للتمتع بالمساعدات المدرسية للمهاجرين الاوروبيين وهذه النقطة تثير غضب دول وسط اوروبا وشرقها التي يعيش الكثير من مواطنيها في بريطانيا.

اتفاق عادل
من جانبها قالت المستشارة الألمانية أنجيلا ميركل في ختام اجتماع قمة للاتحاد الأوروبي يوم الجمعة إن الزعماء الأوروبيين وافقوا على اتفاق يمثل "تسوية عادلة " مع رئيس الوزراء البريطاني ديفيد كاميرون يمكن أن يقوم على أساسه بحملة لإبقاء بريطانيا في الاتحاد الأوروبي.
وقالت ميركل للصحفيين في ختام اجتماع القمة الذي استمر يومين وهيمنت عليه مسألة التعديل البريطاني "نعتقد أننا بذلك أعطينا ديفيد كاميرون حزمة يمكن أن يقوم على أساسها بحملة في بريطانيا لبقاء بريطانيا في الاتحاد الأوروبي."
وأضافت أن عضوية الاتحاد الأوروبي "شيء له قيمة كبيرة" ولاسيما في وقت يشهد فيه العالم اضطرابات وغموض قائلة " أتمنى لديفيد كاميرون كل التوفيق خلال الأيام والشهور المقبلة."

رفض
من جانبهم رفض قادة في حملة خروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبي الاتفاق الذي توصل إليه رئيس الوزراء البريطاني ديفيد كاميرون مع الاتحاد ووصفوه بأنه وثيقة ضعيفة "لا تزيد عن كونها مجرد عقد غير موقع."
وقال نايجل فاراج، زعيم حزب استقلال المملكة المتحدة المعارض للاتحاد الأوروبي في مؤتمر حزبي على المستوى الشعبي في لندن " اتفاق ديف (ديفيد كاميرون) لا يساوى الورق الذي كتب عليه".
وتابع فاراج "إنه يطلب منا البقاء في اتحاد يشبه الآن مبنى يحترق.. وهناك باب خروج. أقترح أن نخرج منه".
وقال ماثيو إليوت، الرئيس التنفيذي لمجموعة "صوت للخروج" الداعية إلى خروج بريطانيا من الاتحاد إن كاميرون "كان دائما يريد الدعوة إلى البقاء في الاتحاد الأوروبي ولذلك فقد طلب تغييرات طفيفة للغاية."
وتابع اليوت "سيعلن الآن النصر، لكنه نصر أجوف تماما: لا تزال محاكم الاتحاد الأوروبي تسيطر على حدودنا وقوانيننا، مازلنا نرسل 350 مليون جنيه استرليني في الاسبوع إلى الاتحاد الاوروبي بدلا من إنفاقها هنا على أولوياتنا، لم نستعد السيطرة على أي شيء".
وأضاف "بشكل حاسم، هذا الاتفاق غير ملزم قانونا ويمكن أن يمزقه ساسة الاتحاد الأوروبي وقضاة الاتحاد غير المنتخبين، لذلك لن يزيد عن مجرد عقد غير موقع".
وذكرت صحيفة "انديبندنت" ان خمسة وزراء آخرين يستعدون للدعوة الى تأييد خروج بريطانيا من الاتحاد الاوروبي بعد اجتماع للحكومة امس السبت.
وقال بيل كاش العضو في البرلمان والمعارض بشدة للاتحاد الاوروبي في حزب المحافظين الذي ينتمي اليه كاميرون "انها لحظة تاريخية. انها اللحظة التي علينا ان نرد فيها".
واضاف في التجمع نفسه "ذهبنا بعيدا جدا وعميقا جدا في هذا المستنقع التشريعي وهذا النظام الهجومي المتصاعد الذي يجب علينا مغادرته الآن".
واكد ديفيس ديفيس العضو في البرلمان المحافظ هو ايضا انه حان الوقت لتتولى بريطانيا "ادارة مصيرها بنفسها".
ونظمت التجمع حركة "غراسروتس آوت" التي تضم عددا من المجموعات المناهضة للاتحاد الاوروبي.
لكن وسائل الاعلام تركز اهتمامها على رئيس بلدية لندن بوريس جونسون السياسي الذي يتمتع بشعبية كبيرة والمشكك في جدوى الوحدة الاوروبية. وقد التقى جونسون كاميرون الاربعاء في مقر رئاسة الحكومة، لكنه صرح في نهاية اللقاء "ساعود. لا اتفاق".
واكد كاميرون في مؤتمره الصحافي في بروكسل ان "الاتحاد الاوروبي لا يتسم بالكمال ويحتاج الى اصلاحات اضافية ومتواصلة، لكن المملكة المتحدة في وضع افضل لتقوم بذلك من الداخل".
وحول النقاط التي تفاوض حولها مع شركائه الاوروبيين، اكد كاميرون ان بلاده "لن تكون ابدا جزءا من دولة اوروبية كبرى" وستبقى بعيدة عن "اتحاد اكثر تقاربا". كما عبر عن ارتياحه لانتزاعه قيودا جديدة على نظام المساعدات الاجتماعية.

....................
الاتفاق الاورربي بين رؤية بريطانيا وواقع بنود التسويات لافعلية
في ما يلي ابرز النقاط التي تلخص مطالب كاميرون كما قدمها في رسالة تعود الى نوفمبر 2015 الى رئيس المجلس الاوروبي دونالد توسك، وما حصل عليه من تسويات تم صياغة معظمها بلغة دبلوماسية ملتبسة.

- الهجرة -
تحت الضغط الهائل من مواطنيه وحزب المحافظين ضد زيادة الهجرة، طلب كاميرون تعليقا لمدة اربع سنوات للمساعدات والسكن الاجتماعي التي تمنح لمواطني الاتحاد الاوروبي في المملكة المتحدة. وكان يرغب ايضا في منع هؤلاء المهاجرين من الاستفادة من المساعدات العائلية لابنائهم الذين بقوا في الخارج.
وفي مواجهة معارضة دول اوروبا الشرقية، حصل كاميرون على بند يسمح بـ"تعليق طارئ" لبعض المساعدات الاجتماعية للمهاجرين الجدد على مدى سبع سنوات بصورة تدريجية. وسيوضع نظام ايضا لربط الاعانات العائلية بمستوى المعيشة في البلد الذي يعيش فيه الابناء. وينطبق هذا على طالبي اللجوء الجدد لكن يمكن ان يوسع ليشمل المستفيدين الحاليين من المساعدات اعتبارا من 2020.

- السيادة -
لتهدئة مخاوف المعارضين لهيمنة بروكسل على المؤسسات البريطانية، طالب كاميرون باعفائه من الالتزام "باتحاد يزداد تقاربا" يعد من اسس البناء الاوروبي، بشكل "ملزم قانونيا ولا رجوع عنه". عمليا، كان كاميرون يدعو الى نظام يسمح لمجموعات برلمانات وطنية بتعطيل اي تشريع اوروبي، او ما يسمى "البطاقة الحمراء".
حصل كاميرون على استثناء للمملكة البريطانية من هذا المبدأ الذي سيدرج في المعاهدات اذا سنحت فرصة تعديلها. وسيكون نظام "البطاقة الحمراء" نافذا بشرط موافقة 55 بالمئة من اصوات البرلمانات الوطنية الـ28، مما يجعل الامر معقدا عمليا. ووعد كاميرون باتخاذ اجراءات جديدة قريبا لحماية السيادة البريطانية.

- الحوكمة الاقتصادية -
لم يكن كاميرون يريد ان يتم اضعاف موقع المملكة المتحدة بسبب عدم اعتمادها اليورو. وهذه النقطة بالغة الحساسية لبريطانيا التي تضم عاصمتها حي المال والاعمال، احد المراكز المالية الاساسية في العالم. وقد طلب سلسلة "مبادئ ملزمة قانونيا" مثل الاعتراف بامتلاك الاتحاد الاوروبي عدة عملات وبان الدول غير الاعضاء في منطقة اليورو يجب الا تكون ضحية تمييز والا يدفع مكلفو الضرائب البريطانيون ثمن الازمات في منطقة اليورو.
ويؤكد كاميرون انه حصل على اجراءات لحماية مركز المال من اي تمييز في اي بلد يستخدم اليورو، معتبرا انها "المرة الاولى" التي يعترف يها الاتحاد الاوروبي بان لديه عدة عملات. لكن مفردات النص مبهمة. فمؤسسات الاتحاد "ستسهل التعايش بين آفاق عدة". واكد رئيس المفوضية الاوروبية جان كلود يونكر ان الاتفاق لا يمنح لندن اي سلطة تعطيل في مجال القرارات.

- القدرة التنافسية -
تتلخص طلبات كاميرون في هذا المجال بتقليص الاجراءات الادارية والتنقل الحر لرؤوس الاموال والممتلكات والخدمات.
هذه النقطة لم تكن موضع خلاف اذ ان مسألة القدرة التنافسية من اولويات رئيس المفوضية. واتفق الاتحاد على "تحسين القدرة التنافسية" واتخاذ "اجراءات عملية" لدفعها قدما.