قد تبدو مسألة بسيطة جدا، الحديث عن دورة مياه، بينما العالم منشغل في حرائقه، إقليم مشتعل، ويكاد ما يحدث الآن مجرد «بروفة» بسيطة لما هو متوقع، والدلالة على ذلك أن ما كنا نحسبه كارثيا على أمّتنا قبل خمس سنوات نتمنى مستواه الآن لهول ما تضخم ووصل إلى حالته الراهنة من فتنة تأكل الأخضر واليابس.
لكن عندما نتحدث عن الاستقرار السياسي نشير إلى مستوى الاقتصاد الوطني، وعندما نقول الاقتصاد فحتما نعني أهمية تنويع مصادر الدخل، وإذا اشرنا لهذه المفردة فمؤكد أن السياحة تأتي حاضرة كواحدة من أولويات البلدان، أيا كانت درجتها على سلم المؤشر الاقتصادي العالمي، وببساطة متناهية يبدو أهم معلم في الكون لا قيمة له مقابل حاجة الإنسان لدورة مياه، وسط «الزنقة».
تقول إحدى القارئات، وقد كتبت سابقا عن جمال شاطئ القرم وخلوه من هذا الصرح الحيوي الإنساني المهم جدا، والمسمى بدورة المياه، تقول إنها انتظرت المشروع الذي أعلن عنه ليتمكن السائح من الاستمتاع بالشاطئ الجميل دون قلق، بخاصة للعائلات مصطحبي الأطفال، وجدت «دورة مياه وحيدة مزروعة في زاوية من شاطئ مترامي الأطراف.. وأنت تعلم مدى امتداد شاطئ القرم، بالإضافة إلى أني كعمانية أتعجب من الفكرة التي شيدت على أساسها دورة المياه تلك!! إنها فعلاً لا تتناسب والشخصية العمانية المحافظة التي تربينا عليها» حيث هناك أمكنة خاصة للرجال وأخرى للنساء».
تضيف: «إن دورة المياه تلك مصممة بتصميم وفكر غربي بحت برغم ما فيها من مميزات مزعومة لأني لم أرها من الداخل فأنا كعمانية أستحي من مجرد التفكير في دخول دورة مياه قد يدخلها من بعدي رجل، علاوة على أن دورة المياه تلك مزروعة في وسط الشاطئ بالضبط وليس كما تعودنا أن تكون دورة المياه في مكان موارب قليلا وبعيدة شيئا ما عن الممشى المباشر للعابرين».
والأهم هو أنه عليك أن تكون في جيبك عملات معدنية نادرا ما نحملها، فـ»المكظوظ» ومن في بطنه مغص لن يبحث في جيبه، أو عبر الساحل أو البحر، عن خردة، ترى القارئة أن وقت الحاجة لن يهمنا سوى وجود «دورات مياه عادية ولا يشترط أن تكون تبعاً للمقاييس العالمية فالمهم هو النظافة»، وأن تكون في «مكان موارب قليلا ووضع لافتات تشير إلى مكان دورات المياه ليتسنى للراغبين قصدها»، فالأهم ليس التشييد بحسب «الطراز الأوروبي» الأنيق الذي لا يحتاج إلى وعي وعناية بالعادات، و»في دورات المياه بالذات الإنسان لا يريد سوى قضاء حاجته ولا يهمه الطراز والمبنى، كما أن المبالغة هذه في التكاليف سيجعلهم يتأخرون بحجة الميزانية».
وتختتم رسالتها بالقول، وأشاركها في ذلك «عـــــــليهم لو أرادوا تشجيع السياحة فعلا لا قـــولا، وضع دورات مياه في كل مكان تقصده العائلات والسياح، في كل ولاية وبخاصة في الأماكن التي تعتبر مزارات معروفة».