سبعون عاماً للاكتفاء من الدجاج

مقالات رأي و تحليلات الأحد ٢١/فبراير/٢٠١٦ ٢٢:٣٠ م
سبعون عاماً للاكتفاء من الدجاج

على بن راشد المطاعني

مما يثير الاستغراب والدهشة عندما تقرأ أو تعلم بأن السلطنة قد تكتفي من الدواجن العام 2040، بعد أكثر من 23 سنة من الآن، أي بعد 70 سنة من النهضة سوف لن نستورد الدجاج إذا تحقق ذلك طبعا، فهل يعقل ننتظر سبعين عاما كي نحقق الاكتفاء الذاتي من إنتاج الدجاج، في حين إنتاج الدجاجة يستغرق أقل من أسبوعين لكي تصبح صالحة للاستخدام الآدمي؟؟!!

ألا نستطيع إنتاج الدجاج لموائدنا وإشباع بطوننا، ولا نستطيع أن نسرع وتيرة الاستثمار في مشروعات تفريخ الدجاج التي تعد من أسهل مشروعات الاستثمار التي لا تحتاج سوى حظائر وبعض المستلزمات والإمكانيات البسيطة التي يمكن عملها في البيوت قبل المصانع والشركات.

ومن المؤسف أننا مازلنا نستورد أكثر 70 في المئة من الدجاج من خارج السلطنة إلى اليوم، ولا ننتج إلا 30 في المئة فقط من احتياجات السوق المحلي، فإذا كنا لا نستطيع أن نحقق الاكتفاء الذاتي من الدجاج، فما هي المجالات التي يمكن أن نكتفي منها ذاتيا ؟!

أنا لست متشائما من طرح هذا الموضوع بهذه الصورة القاتمة لكنها حقيقة يجب أن تقال ونصارح انفسنا اكثر حول إخفافاتنا في هذه المجالات.

فبلاشك أن تحقيق الاكتفاء الذاتي من اللحوم البيضاء المتمثلة في الدجاج والبيض كأحد أهم مكونات الأمن الغذائي ذو أهمية كبيرة لبلادنا، فلا تكاد تخلو الموائد في السلطنة كغيرها من الدول من هذه المنتجات يوميا، فهل من المناسب أن نظل نستورد ثلثي احتياجاتنا من الدجاج وأكثر من 55 في المئة من بيض المائدة إلى هذا اليوم بدون أن نحرك ساكنا، أو نمشي كالسلحفاة في هذه المجالات الاستراتيجية التي يتوجب أن تحظى باهتمام كبير من جانب الجهات المختصة والمستثمرين على السواء للعديد من الاعتبارات، منها الحاجة الملحة للدواجن ووجود جدوى في ولايات السلطنة في ظل العجز الكبير الذي يزيد عن 70 في المئة من احتياجاتنا. فالإحصائيات تشير إلى وجود 2500 حيازة فقط، مخصصة لإنتاج اللحوم الداجنة وبيض المائدة في السلطنة، ربما الفاعلة منها لا تزيد عن 2000 حيازة إذا جاز لنا التقدير.

فالإنتاج من اللحوم البيضاء حسب التقديرات العام 2014 بلغ 45.8 ألف طن من الدجاج بزيادة تقدر 12 في المئة سنوياً و14.7 أطنان من بيض المائدة بنسبة أيضا تزيد عن 12 في المئة وبمعدل اكتفاء الذاتي من البيض يصل إلى 45 في المئة، وهي كلها معدلات متواضعة جدا، في ظل توافر كل المقومات والإمكانيات التي يمكن أن تغنينا عن استيراد الدجاج، إلا أن غياب الرؤية الاستراتيجية للأمن الغذائي وعدم التركيز على الاستثمار في هذه المجالات من شأنه أن يوجد هذا الخلل المشين وأن نظل أن نستورد كل شئ حتى الدجاج.

إلا أن هناك أمال معقودة على إنشاء شركة النماء للدواجن ‏باستثمار مائة مليون ريال عماني التي ربما ترمي بالحجر في المياه الراكدة كأحد مشاريع الشركة العُمانية للاستثمار الغذائي، وأن يصل إنتاجها إلى 60 ألف طن سنوياً، وترفع الاكتفاء الذاتي من اللحوم البيضاء إلى 70 في المئة في العام 2030 و100 في المئة العام 2040، إذا كتب لها النجاح في هذا الجانب إلا أن تأخر المشروعات الاستراتيجية الهامة ومشروعات الحظائر الصغيرة والمتوسطة في الولايات في مجال الدواجن ليس مبررا للجهات المختصة التي يبدو أنها فشلت في إيجاد مثل هذه المشاريع التي كان لها أن تسد العجز في سلعة كالدجاج.
بالطبع التحديات ماثلة في كل مشروعات سواء كانت زراعية أو غيرها ولكن الأهم هو التغلب على هذه التحديات، والعمل الدؤوب للنهوض بالقطاعات الإنتاجية من الجهات المعنية التي عليها مسؤولية كبيرة في تقديم مقترحات و تطوير آليات العمل، وليس الوقوف كمتفرجين على مجالات استثمار كهذه، وذات أهمية للأمن الغذائي والعمل على الاكتفاء من المنتجات، إلى هذا الوقت وتعلن بانها ستكتفي من الدجاج 2040 إن شاءالله. نأمل من الجهات المختصة أن تسرع وتيرة العمل في الاستثمار في المجالات الإنتاجية والتي تحقق لنا الاكتفاء الذاتي من منتجات كالدجاج الذي يجب أن يكون في أقصر فترة ممكن وليس بعد سنوات طويلة مثلما أعلن وتعيد النظر في الإنتاج الزراعي ليس باعتباره تجارة وربح وخسارة أكثر منه وإنما أمن غذائي.