مسقط - ش
ذكرت الشرطة السويسرية أن المئات من جثث المتسلقين الذين فُقدوا في جبال الألب، في القرن الفائت، يمكن أن تظهر في السنوات المقبلة، لأن ارتفاع درجة حرارة الأرض يتسبب في ذوبان الأنهار الجليدية لتفصح عما بداخلها من أسرار.
فقد سجلت سلطات جبال الألب زيادة كبيرة في عدد الرفات البشرية المكتشفة في الشهر الفائت، وكانت جثة رجل مفقود لمدة 30 عاما أحدث ما تم العثور عليه. فقد تم استدعاء فرق الانقاذ في "ساس فالي" في "كانتون فاليس" يوم الثلاثاء الفائت بعد أن تم العثور على رفات متسلق في نهر "هوهلوب" الجليدي. حيث قضى رجال الانقاذ ساعتين في جمع بقايا وأشلاء المتسلق المفقود، وعثروا على ساعة يد فضية وخاتم وحذاء. ونقلت طائرة هليكوبتر الرفات إلى "برن"، حيث كان خبراء الطب الشرعي يقومون بمطابقة الرفات مع الحمض النووي لمواطن ألماني، ولد في عام 1943، وفُقد على ارتفاع كبير بسلسلة جبال الألب في 11 أغسطس 1987.
وقال أحد عمال الانقاذ أن الرجل كان يرتدي حذاء "غير مناسب" للمشي على الجليد، مما يشير إلى أنه قد تراجع بعد المشي على بعد أمتار قليلة على النهر الجليدي وسقط في شق. وقد أصبح كلا القدمين منفصلين عن الجسم، مما يدل على قوة السقوط.
ويأتي هذا الاكتشاف بعد أقل من أسبوع من العثور على جثث زوجين مفقودين لمدة 75 عاما في نهر "تسانفلورون" الجليدي في نفس المكان. وفي يوم الخميس الفائت، عٌثر على جثة شخص يٌعتقد أنه لقي مصرعه في تحطم طائرة تابعة لشركة طيران الهند قبل أكثر من 50 عاما في جبال الألب.
وقد تعرضت الأنهار الجليدية في سويسرا للذوبان بمعدل لم يسبق له مثيل، إذ فقدت ما يقرب من كيلومتر مكعب من حجم الجليد أو حوالي 900 مليار لتر من المياه خلال العام الفائت.
ومنذ العام 1850، غطت الأنهار الجليدية 1735 كيلومترا مربعا (670 ميل مربع) من الأراضي السويسرية، حيث تقلصت المساحة الإجمالية بمقدار النصف، إلى حوالي 890 كيلومترا مربعا.
وتتوقع الشرطة في "فاليس" ظهور جثث العديد من الأشخاص المفقودين في الأيام والأشهر المقبلة، وقالت إن الخريطة التي تضم أسماء المفقودين منذ العام 1925 وحتى يومنا هذا تحتوي على 306 أسماء، ولا يزال 160 شخصا على الأقل مفقودين في منطقة "مونت بلانك" الفرنسية، ويعتقد أن الجبال الجليدية في "مورتيراتش" في "جراوبوندن" تحتوي على جثث 40 من المتسلقين.
ومن جانبه قال "رولف تراشيل"، رئيس الإنقاذ الجبلي في "ساس" والذي قاد عملية استعادة جثة الرجل الألماني أنه "تم اكتشافه في منطقة شعبية مع المتنزهين، كانت هناك ثلوج قليلة جدا، ولم تكن شديدة الانحدار. كان ذلك على بعد حوالي نصف ساعة من محطة التلفريك الجبلية".
وقال تراشيل: "إذا فقد شخص ما، فإن المنطق يخبرك أن جسده سيعود مرة أخرى يوما واحدا، ومن الواضح أنه من الجيد أن نضع جهودنا لاستعادة شخص ما، وخاصة بعد 30 عاما، ومعرفة مدى شعور الأسرة لمعرفة ما حدث".
وقال "كريستيان جاكسوفي"، وهو أحد الباحثين: إن اكتشاف الرفات البشرية يعد الآن سمة منتظمة لموسم العطلة الصيفية السويسري، وعادة ما تظهر جثث في الجليد في الجزء العلوي من النهر الجليدي. ويعتمد مدى احتفاظ الجثث بسلامتها على ظروف وفاة الشخص، إذ إن بعض الرفات البشرية قد تعرض لأشعة الشمس والرياح الجافة قبل أن تغرق في الجليد، في حين أن البعض الآخر قد تم تحلله بشكل كامل وتحوله إلى هياكل عظمية.
وغالبية الجثث محاصرة في الجليد أو الشقوق أو المجاري المائية بعد وقوع حادث ما أو انتحار، على الرغم من أن بعض الحالات يتم التعامل معها كقضايا جنائية.
ويمكن أن يكون بعض المفقودين ضحايا مناوشات عسكرية. على الرغم من أن سويسرا ظلت محايدة في الحربين العالميتين الأولى والثانية، وقد أصبحت كتلة "مونت بلانك" خط المواجهة أثناء نهاية الحرب العالمية الثانية وسط قتال مكثف بين الجيش الألماني ومقاتلي المقاومة الفرنسية.
وفي معظم الحالات، يواجه خبراء الطب الشرعي سباقا مع الزمن بعد إزالة الجثث من الجليد. ويتم فحص سجلات الأسنان وعينات الحمض النووي ومطابقتها بقاعدة بيانات المفقودين لتحديد هوية الجثة. ومنذ العام 2000، أخذت السلطات السويسرية عينات من الحمض النووي لأفراد من أسر المفقودين فور اختفائهم لتسهيل العملية.