حاوره - سعيد الهنداسي
المدرّب حمد العزاني من الأسماء الشابة الرائعة التي تعمل بصمت بعيداً عن الضجيج والصخب لأنه يعشق الهدوء ويؤمن أن النتائج الحقيقية تكمن في تحقيق إنجاز هو الأهم بعد كل عمل يُقدم.
العزاني أثبت نجاحه وتميّزه في كل عمل تولاه سواء مع ناديه النهضة الذي من خلاله عُرف وحقق معه إنجازات ليواصل مسيرة النجاح والتميّز مع منتخباتنا الوطنية وكان آخرها الوصول إلى نهائيات كأس آسيا للمنتخبات الأولمبية والتي ستُقام في الصين.
بعد كل ما تقدم كان لزاماً علينا الوقوف مع تجربة ثرية لمدرّب يعرف ماذا يريد من كل عمل يقوم به مدرّب محترف بمعنى الكلمة، نفّذ الاحتراف في ناديه النهضة قبل أن يتولى مهمات تدريب المنتخبات الوطنية، حازم في عمله، يعشق النظام عند الانتصار، سروره مع الفرح لا يتجاوز دقائق معدودة بعدها يبدأ التفكير في القادم، وعند عدم التوفيق والخسارة فإنه يتقبلها ويقوم بمراجعة حساباته والتعلم من الأخطاء لتجاوزها وعدم تكرارها.
الإعداد للمشاركة
تحدّث العزاني في بداية اللقاء عن مرحلة الإعداد التي سبقت المشاركة الرسمية للتصفيات وأشاد بالتجاوب الكبير من أعضاء مجلس إدارة اتحاد الكرة ممثلاً في رئيس الاتحاد الشيخ سالم الوهيبي، والنائب الثاني د.جاسم الشكيلي، مضيفاً: "نُفّذ البرنامج الذي جرى إعداده بشكل جيّد لله الحمد وكان المردود إيجابياً بعد ذلك في التأهل والوصول للنهائيات"، وعن المباريات التي خاضها الفريق في مرحلة الإعداد تطرّق العزاني إليها بقوله: "كانت من خلال مباريات مع المنتخب القطري والسعودي بالإضافة إلى معسكر خارجي في تركيا، ولعبنا أكثر من 10 مباريات قبل الدخول في التصفيات".
مرحلة التصفيات
وعن مرحلة التصفيات والفرق التي واجهها المنتخب قال العزاني: "في هذه التصفيات أخذنا في الاعتبار أمرين مهمين، الأول أنك ستلعب مباراتين فترة الراحة بينهما لا تتجاوز 24 ساعة فقط، الأمر الثاني أن لاعبينا لم يأخذوا قسطاً من الراحة بعد موسم طويل بالدوري والبطولات المحلية والخارجية للأندية المشاركة خارجياً؛ فكان لزاماً علينا توزيع الجهد بشكل جيّد وفي الوقت نفسه وخلال المعسكرات الداخلية أو الخارجية كنا نلعب مباريات ودية في نفس ظروف التصفيات بحيث يكون الفاصل بين المباراة والتي تليها في تقريباً 24 ساعة لنتعوّد على هذه الظروف".
مرحلة النضج
وحول وجود مجموعة من اللاعبين في مرحلة عمرية لا تتجاوز 23 عاماً وهل وصل اللاعب لمرحلة النضج فعلاً، علّق العزاني على الموضوع قائلاً: "الحديث عن النضج يقودنا للحديث عن الاستمرارية التي يجب أن تكون حاضرة مع هؤلاء اللاعبين، وأعطيك مثالاً، مجموعة اللاعبين الذين شاركوا في أولمبياد لندن وصلت لمرحلة جيّدة جداً من النضج وكانت هناك إشادة بالفريق ليس من الخليج فقط بل أيضاً من آسيا ولكن ذلك الجيل لم يُستثمر بشكل جيّد ولم يستمر، والملاحظ الآن في الخليج أن المنتخبات التي بنت على إستراتيجية الاستمرار لمثل هؤلاء اللاعبين في هذه المرحلة العمرية هم الأشقاء في دولة الإمارات والسعودية وهم اليوم يحققوا نتائج جيّدة ويصلوا بمنتخباتهم إلى البطولات العالمية"، وأكد العزاني أن الجيل الحالي للمنتخب الأولمبي ينتظرهم مستقبل واعد ومشرق.
تحقيق الهدف
وحول تحقيق هدف الوصول لنهائيات كأس العالم قطر 2022 ومدى توفر الأجواء والظروف المساعدة لتحقيقه تحدّث العزاني قائلاً: "من أجل تحقيق هدف كهذا لا بد لك من العمل في مدة لا تقل عن 10 سنوات إلى 12 سنة ويبقى الأهم استثمار اللاعبين الذين هم من مواليد 1995 إذ من المفترض أن يكون عطاؤهم مستمراً حتى العام 2026، ولتحقيق هدف الوصول لا بد لك من التخطيط السليم والصحيح، وكان من المفترض أن يكون التخطيط للوصول إلى 2022 قبل أربع سنوات".
المرحلة المقبلة
وعن المرحلة المقبلة التي تعقب التصفيات وتحقيقنا الوصول للنهائي أوضح العزاني بقوله: "إلى الآن لم نجلس مع الإخوة في إدارة الاتحاد إذ ستكون لنا جلسة بإذن الله، وبحسب البرنامج ستكون هناك عودة للاعبين مع أنديتهم في دوري عمانتل، وسنلعب مباريات ونقيم تجمعات خلال أيام الفيفا حتى ديسمبر المقبل، وستكون لدينا 3 أيام للفيفا ثم ستكون لنا مشاركة في بطولة غرب آسيا في شهر ديسمبر قبل الدخول لنهائيات آسيا".
تعاون الأندية
وعن تعاون الأندية مع المنتخب الأولمبي خاصة في المراحل السابقة من خلال تفريغ مشاركة لاعبيها أشاد العزاني بهذا التعاون و"الموقف الوحيد في تخلّف بعض اللاعبين في بطولة التضامن الإسلامي، وكنا مقدّرين وضعهم في تلك الفترة خاصة في نهاية الدوري، ولم يكن هناك تجمع إلا في تلك الفترة بسبب أيام الفيفا، وستكون الأمور واضحة بإذن الله في المرحلة المقبلة، ويجب علينا ألا ننظر إلى أن المنتخب هو الذي من واجبه تجهيز اللاعبين بل اللاعب يتم جاهزيته من قِبل ناديه الذي يقضي فيه فترة أطول عكس فترة وجوده مع المنتخب ولكن وضع الأندية لا يساعد على ذلك، ويجب أن يكون هناك عمل في النادي وكذلك استقرار اللاعب في ناديه".
تجربة النهضة
وحول تجربته في نادي النهضة تحدّث العزاني عنها قائلاً: "كانت لي تجربتي في نادي النهضة وكانت إيجابية وكنا نقوم بتدريب اللاعبين على فترتين صباحية ومسائية وكانت بيئة العمل مناسبة ومساعدة وتوفر كل مستلزمات النجاح للمدرّب. وكبيئة عمل فرق كبير بين العمل في نادٍ عن العمل مع منتخب الذي تكون من خلاله تحت ضغوطات ومطالب بتحقيق نتائج في مساحة عمل أقل، عكس العمل في الأندية لأنك من خلاله لديك الفرصة للتعويض من خلال وجود دوري طويل وتشاهد عملك بشكل أكبر وتختار اللاعبين الأجانب وفق منهجيتك وتصحيح الأخطاء، والعمل".
كلمة "محترفين"
وحول إلغاء كلمة المحترفين هل سيكون الوضع أفضل فنياً؟ أجاب العزاني عن هذا الموضوع قائلاً: "لن تغني كلمة المحترفين شيئاً إذا لم يكن لديك مستوى جيد. بالنسبة لي كلمة محترفين في الدرجة الأولى تكمن في أنك لا تهضم حقوق اللاعبين؛ لأن اللاعب هو الأساس متى ما حصل على حقوقه كاملة سنشاهد بالفعل مستوى جيداً".
المدرّب الوطني
وحول المدرّب الوطني تحدّث العزاني عن مقولة إن المدرّب العُماني مدرّب عاطفي ونفسي، فقال: "لا يعيب المدرّب الوطني أن يكون عاطفياً أو نفسياً، وأرى أن المدرّب الناجح هو الذي يستطيع التعامل مع لاعبيه بشكل جيّد وفي الوقت نفسه يكون فنياً بشكل جيّد، واحترف عمله نفسياً وفنياً".
مدارس تدريبية
وحول المدارس التدريبية والفنية التي يعشقها العزاني لم يخفِ أبو سعيد إعجابه بفكر المدرّب جوارديولا والمدرّب مارسيلو بيلسا فقال: "لكل مدرّب شخصية خاصة به، فهناك الكل يتحدّث عن فكر جوارديولا وأنا أحدهم، وكذلك المدرّب مارسيلو بيلسا، وعلم التدريب بحر وليس هناك شيء ثابت، وهذان المدرّبان هما اللذان أشعر بأن فكرهما التدريبي يشدني كثيراً، وبيلسا هو الأقرب للفكر الذي أفضّله ويشدني، ويبقى المدرّب الناجح هو الذي يستطيع إيصال فكره التدريبي للاعبين، وتبقى إدارة عقول اللاعبين من أصعب الأمور التكتيكية".
مواقف صعبة
عن أصعب المواقف التي واجهته في مسيرته التدريبية تحدّث العزاني عنها واصفاً إياها أنها أصبحت من البديهيات، وأضاف: "تبقى نشوة الفوز بالنسبة لي لا تتجاوز دقائق معدودة ربما 5 دقائق فقط ولكن عند الخسارة يبدأ تفكيري كمدرّب، لماذا خسرت؟ وماذا كان يجب أن أقوم به لأتجنب الخسارة؟ وهذا من طبيعة البشر، وأتحدث عن ذلك مع اللاعبين. عند الفوز لا تتم ملاحظات السلبيات ويغطي على العيوب ولكن عند الخسارة تبدأ مرحلة التقييم والتحليل، ومع الخبرة نتجاوز مثل هذه المواقف".
مرحلة التقييم
وحول مرحلة التقييم تحدّث العزاني قائلاً: "الشخص الذي لا يقيّم نفسه لن يتطوّر؛ لأن المدرّب بعد كل مرحلة لا بد أن يعرف ماذا قدّم فيها؟ وهل طوّر من قدراته ومداركه؟ وتجديد الأفكار والعلم يتجدد ويتطوّر في كل يوم".
مدرب طوارئ
وعن وصف المدرّب الوطني بأنه مدرّب طوارئ وهل يستحق هذا الوصف، رمى العزاني هذا الوصف على المدرّبين الوطنيين أنفسهم قائلاً: "تبقى هذه قناعات المدرّبين والإدارات معنا ومسيرو كرة القدم ولكن تبقى للمدرّب الوطني شخصيته، والمدرّب الوطني نفسه هو الذي يجب أن يغيّر هذا الوصف ولكن نحتاج لعامل الوقت وقناعة المسؤولين بقدراتنا كمدرّبين وطنيين وإعطائنا الثقة ونحتاج إلى تقييم العمل بشكل جيّد، ولكن مَن الذي يقيّم عمل المدرّب للأسف لا يوجد!"، مضيفاً: تحدث معي أحد الإداريين في أحد المعسكرات وأشاد بالعمل الذي أقوم به وطلب مني أن أقوم بالعمل الإداري وابتعد عن الجانب التدريبي فأبلغته بأني ما زلت صغيراً على العمل الإداري والجلوس في المكاتب، ولا أفضّل ذلك لأن ميولي في الملعب وفي الميدان الذي أجد فيه نفسي".
إشادة كبيرة
وعاد العزاني بذاكرته إلى الحديث عن موقف حدث معه في إحدى المشاركات الخارجية قائلاً: "أمانة حصلت على إشادة من مدرّب منتخب الصين بورا في العام 1990 في مشاركاتنا الخارجية في بطولة آسيوية، إذ جاءنا في التمرين صديق المدرّب بورا وقال لي بالحرف الواحد (أنا موجود هنا بناءً على توصية من بورا، قال لي إذا أردت أن تشاهد منتخباً يمتعك في لعب كرة القدم فعليك بمشاهدة منتخب عُمان)".
تقارب الأجهزة الفنية
وحول أهمية أن يكون هناك تقارب بين المدرّبين للمنتخبات الوطنية وخاصة بين المنتخب الأولمبي والمنتخب الأول أشاد العزاني بمدرّب المنتخب الأول بيم فيربيك وقال: "هناك تواصل لأن هدفنا واحد وهو أن يصل اللاعب إلى المنتخب الأول في كامل الجاهزية ولكن أيضاً يحتاج هذا الوصول لتنسيق بشكل أكبر وهذه الأمور بحاجة إلى خريطة طريق وتحديد الأولويات بناءً على الاستحقاقات المقبلة ونوعية المباراة التي سيخوضها المنتخب ثم استحقاقات المنتخب الأولمبي للوصول لجاهزية تامة إلى الصين، وقد جلست مع مدرّب المنتخب الأول وكان متابعاً لنا وحضر مشاركتنا الأخيرة في التصفيات، وليس هناك تضارب بين المنتخبين، وهناك اتفاق أن يكون لدى المنتخب الأول 5 لاعبين من الأولمبي سيلتحقون بالمنتخب الأول والأهم أن يحصل اللاعب الأولمبي على فرصته مع المنتخب الأول".
عتب على الإعلام
وختم العزاني حديثه عن الدور الذي يجب أن يلعبه الإعلام وحضوره مع المنتخبات قائلاً: "الإعلام هو الداعم لنا بشكل كبير وأتمنى منه أن يكون أكثر قرباً من اللاعبين، وتخيّل أننا في معسكرات ومشاركات ولا نجد إعلامياً واحداً معنا وهذا الأمر لا يتحمّله الاتحاد بالدرجة الأولى بل يجب على الجهات الإعلامية أن تقوم بدور أكبر وأن يكون لها تفاعل أكثر".