طارق الخابوري.. كرّس حياته لجمع التبرعات ومساعدة المعوقين

بلادنا الاثنين ٣١/يوليو/٢٠١٧ ١٩:١٦ م
طارق الخابوري.. كرّس حياته لجمع التبرعات ومساعدة المعوقين

مسقط - ديبا حسن
بالنسبة لطارق الخابوري، الإنسانية والعمل الخيري يأتيان دائمًا أولًا. وبدءًا من تلك المبادرات التي بدأها في أواخر ثمانينيات القرن الفائت، لم يلتفت طارق إلى الوراء منذ ذلك الحين، ويهدف إلى أن يرى المعوقين في يوم من الأيام يُعاملون كأفراد عاديين وفعالين ومنتجين في المجتمع.
وكان من ضمن أوائل مبادراته لجمع التبرعات للمعوقين إصدار مجلة وجمع المال لشراء كراسي متحركة لهم. "في ثمانينات القرن الفائت، لم يكن لدى كثير من الناس فكرة عن كيفية جمع الأموال، لذلك اقترحت أن نُصدر مجلة، وقد كان الجميع متشككين هل ستدفع الشركات للإعلانات أم لا. وقد انضممت رسميًا إلى المجلة العام 1986 برئاسة الشيخ سعود الرواحي الذي كان رئيسًا سابقًا للاتحاد العماني لكرة القدم والاتحاد العماني لألعاب القوى". يقول الخابوري.

ويضيف: "حصلت هذه المجلة على الموافقة العام 1986، وجمعنا ستة آلاف ريال عماني من الإعلانات، وقد كان هذا بمثابة إحدى "عجائب الدنيا" في ذلك الوقت. وبهذه الأموال، اشترى الرواحي وباقي أعضاء اللجنة كراسي متحركة للمعوقين، وقد كانت هذه هي الطريقة التي بدأنا بها." وفي وقت لاحق في العام 1991، بدأ طارق الخابوري ارتباطًا مع "جمعية رعاية المعوقين".

وعن ذلك يقول: "في العام 1991 التقيت ببركة البكرية التي طلبت مني الانضمام إلى الجمعية، وقد كانت أول جمعية معترف بها رسميًا للأطفال المعوقين في ذلك الوقت. ومرة أخرى عندما توليت منصب أمين الصندوق لم يكن لدي سوى ألف ريال عماني ثم بدأنا بعد ذلك برامج صغيرة لجمع التبرعات للوفاء بالتزاماتنا المالية، مثل الإيجار والكهرباء وغيرها من النفقات".

وبما أنه كان يميل إلى المبادرات التطوعية، ظلت الأفكار الجديدة تتدفق إليه، وفي يوم من الأيام عندما كان يجلس طارق في الجمعية قفزت إلى ذهنه فكرة، وعن ذلك يقول: "جلست أتأمل هؤلاء الأطفال، فرأيت أنهم في الغالب يعانون من متلازمة داون وهم معاقون ذهنيًا؛ ففكرت إن أعطيناهم ألوانًا ماذا سيفعلون بها؟ قالت مسؤولة بإحدى المنظمات الأهلية من نيوزيلندا واسمها شيري ليس لدينا ما يكفي من المال للقيام بذلك...

وهكذا كانت أول مصاريف أدفعها هي مبلغ 30 ريالًا عمانيًا، واشترينا الألوان والمواد وأعطيناها للأطفال وقاموا بالرسم والتلوين، ثم قمنا بعد ذلك بتنظيم معرض صغير يعرض هذه الأعمال الفنية وكان من بين أكبر المشترين لها شركة الزبير وشركة محسن حيدر درويش والبنك الأهلي (الذي هو الآن بنك مسقط) وشركة كي بي إم جي وشركة الطاووس".

وعندما كانت الجمعية في حاجة ماسة إلى أموال لبناء مقر لها كان الخابوري حاضرًا للمساعدة، فيقول: "كانت لدينا هذه المهمة الكبيرة المتمثلة في تحسين مركز مدرسة المعوقين في قريات، إذ لم يكن لدينا مكان يجلس فيه الأطفال، وقد بدأ المركز تحت شجرة في أواخر ثمانينيات القرن الفائت، ولذلك فقد تحدثت بركة البكرية معي والتقينا بسمو السيد برغش آل سعيد الذي كان نائبًا لحاكم العاصمة، وقد كنا ممتنين كثيرًا لشركة الحسن وشركة أسمنت عمان ودهانات سادولين. هذه الشركات قدمت لنا مواد البناء مجانًا، ثم التقينا برجل فاضل اسمه جمان العاشور وشركته اسمها أبو هاني، وقد قام بإرسال فريق الإنشاء الخاص بشركته إلينا فقاموا ببناء المركز". حدث هذا في أوائل تسعينيات القرن الفائت، ويواصل الخابوري: "كنت قد التقيت للتو برئيسة المركز وقالت إنها فخورة جدًا برؤيتي والتحدث معي، وقالت أيضًا إن النساء في قريات -اللاتي كن يعملن معنا- ما زلن يسألن عني".

خلال مشاريعه الخيرية التقى الخابوري ذات مرة بامرأة ألمانية كانت تفكر في تنظيم أنشطة رياضية في عمان ولذلك تواصلت معه: "ساعدتهم في تنظيم الأنشطة الرياضية وكانت من مسقط إلى رمال الشرقية، وكان جميع المشاركين من ألمانيا ومن أوروبا بصفة عامة. وعندما انتهت هذه الفعالية سألتني هذه المرأة إن كان بوسعنا أن نفعل شيئًا يتعلق بالغوص للمعوقين، ولم يكن لديّ فكرة كيف يمكن أن يتم هذا".

أعطى طارق هذه الفكرة كثيرًا من تفكيره ثم التقى بالدكتور علي السنيدي، الذي كان وقتها وزيرًا للرياضة، ويقول: "اتصل بي بعد ثلاثة أشهر وأعطاني الضوء الأخضر، ثم بعد ذلك للمرة الأولى في الخليج، وفقًا للرابطة الدولية للغواصين المعوقين، قمنا بمشروع أخذنا فيه الأطفال المعاقين جسديًا إلى المياه المفتوحة".

كان المشاركون في غاية السعادة. "كانوا جميعا مبتهجين، فقد كان هذا ترفيهًا لهم وأيضًا ممارسة لرياضة بدنية، ولذلك من العام 2009 إلى اليوم باستثناء العام 2015 بسبب مشاكل الطقس، قمنا بتنظيم هذا النشاط أربع مرات في مسقط وثلاث مرات في صحار، كما ذهبنا أيضًا إلى نزوى وصلالة. وفي كل مكان كنا نذهب إليه ونمارس هذا النشاط كان الناس يشعرون بسعادة غامرة. وهذا أيضًا مفيد جدًا للمعوقين إذ إنه يساعدهم على تحريك عضلاتهم".

وقد ناشد الخابوري مدربين محليين للسباحة والغوص أن يأتوا ويساعدوا في هذه الأنشطة قائلًا: "ليس من السهل تنظيم هذه الأنشطة وحدها، ونحن لدينا مدربون يأتون من الخارج في كل مرة نقوم فيها بتنظيم هذه الفعاليات، لذلك كنت أناشد المدربين المحليين أن يأتوا ويتطوعوا في هذه الأنشطة".

وبالإضافة إلى ذلك، يرى الخابوري أيضًا أن جميع جمعيات الرعاية الاجتماعية والمنظمات غير الحكومية تحتاج إلى الاجتماع تحت مظلة واحدة والعمل جنبًا إلى جنب مع بعضها البعض، فيقول: "إنني أطلب من وزارة التنمية الاجتماعية المساعدة في جمع هذه المنظمات التطوعية؛ ربما يمكنهم عقد اجتماعات شهرية لمعرفة التقدم الذي جرى إحرازه واقتراح مشاريع والعمل على بناء عمان".

الجدير بالذكر أن طارق الخابوري هو جد لطفل جميل اسمه نوح، وعن ذلك يقول: "أنا أحب قضاء الوقت مع حفيدي الصغير، وهو يحبني كثيرًا ويحب الخروج معي، لذلك فإن كل وقت فراغي له". ويحلم طارق أن يرى المعوق يعامَل كعضو فعال نشط في المجتمع، فيوضِّح: "الشيء الأساسي هو أنه ينبغي النظر إليهم على أنهم أناس عاديون طبيعيون، يجب احترام الأماكن المخصصة لوقوف سياراتهم كأبسط مثال، كما أنهم يحتاجون إلى التعامل معهم كأناس منتجين".