«قبـرص الشمالية».. 10 آلاف سنة من الآثار الإنسانية والكنوز الحضارية

مزاج الاثنين ٣١/يوليو/٢٠١٧ ٠٤:٥٠ ص
«قبـرص الشمالية».. 10 آلاف سنة من الآثار الإنسانية والكنوز الحضارية

نيقوسيا - خالد عرابي

تقع جمهورية شمال قبرص التركية في شرق حوض البحر الأبيض المتوسط، وتحديداً في الجزء الشمالي من جزيرة قبرص، وتتميّز بالتنوع الثقافي والسياحي لوقوعها بين تركيا ودول الاتحاد الأوروبي، كما تتميّز بالقرب من الشرق الأوسط والدول العربية وشمال إفريقيا.

وقد وُصفت بأن آثارها الإنسانية تعود إلى قبل 8 آلاف سنة قبل الميلاد، وأن كنوزها الأثرية والحضارية والتاريخية تعود إلى مستوطنات العصر الحجري الجديد وممالك المدن القديمة وهي تعكس عظمة الفترة الرومانية، كما أنه يمكن للزائر لها أن يرى بها آثاراً للفراعنة والإغريق والبيزنطيين والفينيقيين والآشوريين والرومان والفارسيين واللوزيانيين والبندقيين والإمبراطورية العثمانية وإدارة بريطانيا، وكلها فترات تركت آثاراً بها على مر القرون.
زرت جمهورية شمال قبرص التركية مؤخراً، وذلك بدعوة رسمية من وزارة خارجيتها للمشاركة في احتفالها بمناسبة الذكرى الثالثة والأربعين على يوم «20 يوليو» الذي يوصف عندهم بيوم السلام والحرية، وقد شهد هذا الاحتفال استعراضاً عسكرياً وعروضاً للطيران واحتفالاً رسمياً بحضور رئيس الوزراء التركي بن علي يلدرم، وشهد تقديم كلمة من رئيس الدولة مصطفى أكنجي.
وعلى هامش حضوري تلك الاحتفالات قمت بجولة سياحية في مدن عدة بالدولة، ولكن قبل الحديث عن المعالم السياحية وما يمكن أن تزوره من أماكن أو تقوم به من أنشطة هناك، نقول إن البلد سياحي من طراز فريد ومتميّز، كما نؤكد على أنها دولة لا تحتاج تأشيرة لمعظم بلدان العالم عدا 3: 4 دول فقط تحتاج لتأشيرة، والطيران التركي هو الذي يطير إليها من مدينة إسطنبول بالإضافة إلى عدد من شركات الطيران التركية الأخرى، والطيران إليها من إسطنبول يستغرق حوالي ساعة، ويمكن فيها استخدام جميع بطاقات الائتمان، كما أن العملة المستعملة بها هي الليرة التركية والدولار يوازي نحو 3.5 ليرة تركية تقريباً، كما يمكن استخدام الدولار واليورو، أما بالنسبة للطعام فيها فهناك تنوع ثري ورائع من أطعمة محلية ودولية، غير أن الأطعمة المحلية تعدّ الأفضل وهي لا تختلف كثيراً عن المطعم التركي، غير أن أهم ما يميّزه كثرة أنواع المقبلات التي يطلق عليها عندهم «المزة».

العاصمة نيقوسيا

أما أهم المدن السياحية التي زرناها ونبدأ بها فهي مدينة «لفكوشا» وتُسمى نيقوسيا وهي عاصمة «قبرص الشمالية» أو «قبرص التركية»، وتشتهر نيقوسيا بشارع عثمان باشا الرئيسي في العاصمة، والذي يضم أشهر المطاعم والمقاهي والمحلات التركية، وتوجد في آخره منطقة الخط الأخضر التي تفصل بين قبرص التركية واليونانية. وأثناء تجوّلك في تلك المنطقة يمكنك زيارة جامع السليمانية، بجوار أسواق الخان، كما توجد بها أسواق شعبية، تقام كل يوم أحد، وتُباع فيها الخضراوات والفاكهة، والأدوات المنزلية، والسلع المحلية والمنتجات الحرفية.
وتأتي في الأهمية السياحية وربما الأولى بعد نيقوسيا مدينة جيرنة، وتُعرف بكيرينيا، وهي المدينة السياحية الأجمل والأكثر زيارة من قِبل السياح، إذ تبلغ مساحتها 150 كم، فيما لا يتجاوز عدد سكانها 8 آلاف نسمة. وتحتوي على عدد من القلاع الأثرية والحصون القديمة، فبالقرب من الطريق الواصل بين لفكوشا العاصمة وجيرنة، توجد 3 من قلاع الصليبيين الشهيرة بها، وهي: «كنتارا، وبوفي فينتو، وسانت هيلاريون»، والأخيرة أشهرها إذ تقع أعلى مئات الأمتار على سلسلة جبال كيرينيا، وكانت قلعة القديس هيلاريون في الأصل دير، سُميت باسم الراهب الذي اختار الموقع كصومعة له، وبُنيت الدير والكنيسة في القرن الـ10، والكنيسة تقع على جناح الوسط في القلعة. وشكّلت قلعة القديس هيلاريون للدفاع عن الجزيرة، كما أنها القلعة التي ألهمت والت ديزني مبتكر شخصيات الأفلام المتحركة المشهورة حديثاً، إذ استُنسخت في فيلم «الجميلة النائمة».
كما يقصد السياح في جيرنة أيضاً قلعة بيلابايس التي تعدّ في الأصل ديراً أيضاً، وتقع على بعد 4 أميال من جيرنة، فضلاً عن احتوائها على الشواطئ الرملية الساحرة. وتمثل دير بيلابايس نموذجاً رائعاً للبراعة الفنية في شرق البحر المتوسط والمباني القوطية.
ويأتي من بعدها مدينة «فاماجوستا» وتُسمى غازي ماجوستا، وهي مدينة حدودية مع قبرص اليونانية، ومن أهم معالمها المسجد الذي كـان كاتدرائية وتحوّل إلى مسجد آيا صوفيا، ثم تغيّر اسمه إلى جامع لالا مصطفى باشا، إضافة إلى متحف نامق كامل، وفيها أيضاً «قلـعة الميناء» التي ألهمت الكاتب البريطاني ويليام شكسبير خلال كتابة تراجيـديا «عطيل» المشهورة، -وقد زرنا كـل تلك المعالم- كما تحتوي المدينة عـلى شـاطئ جميل هادئ في أقصى الشمال، وتتميّز بوجود سلسلة جـبال ومرتفعات لمحبي ممارسة هـواية التسلّق، كـما تضم قـبرص الشمالية مـدناً أخـرى مثل: جزاليوت وإسكله وكارباز التي تتميّز بشـواطئها الصـافية الجـميلة.