«أوباما كير» على قيد الحياة

مقالات رأي و تحليلات الأحد ٣٠/يوليو/٢٠١٧ ٠٤:١٥ ص

جيفري فرانكل

منذ إصدار قانون الرعاية الصحية بأسعار معقولة في الولايات المتحدة (ACA) -أو ما يسمى بـ«أوباما كير»- في العام 2010، وعد الجمهوريون بـ«إلغائه واستبداله». وبعدما سلّمت انتخابات الرئاسة والكونجرس في العام 2016 جميع فروع الحكومة الأمريكية الثلاثة إلى الحزب، فمن المؤكد أن هذا الوعد سيتحقق الآن. ومع ذلك، فقد تعرّضت حملة مكافحة أوباما كير لتوها لضربة ساحقة، بسبب رفض بعض أعضاء مجلس الشيوخ الجمهوريين التصويت لصالح تشريعات الاستبدال.

وبعد فشلهم، يلوم الجمهوريون الديمقراطيين لرفضهم التعاون على ذلك. لكن لماذا يجب أن يساعد الديمقراطيون على تفكيك أكبر إنجاز تشريعي لهم في العقد الفائت (إن لم يكن لمدة أطول)؟ إن العيوب الرئيسية في أوباما كير ليست، كما قيل، عواقب غير مقصودة لسياسة سيئة التصميم، وبالتالي يجب استبدالها؛ بل إنها تنبع من المطالب الجمهورية.

وعلى أية حال، فالجمهوريون لديهم أغلبية في كلا المجلسين، لذلك هم في الواقع بحاجة إلى دعم الديمقراطيين لتمرير التشريعات. وبالمثل، فإنه لا يمكن لوم غياب خبرة مسبوقة للرئيس دونالد ترامب وعدم كفاءته العامة؛ لأنه لا غنى عنه لإلغاء العملية واستبدالها.
والحقيقة هي أن اللوم يقع على عاتق الجمهوريين في الكونجرس. فمنذ العام 2010، صوّتوا أكثر من 50 مرة لإلغاء قانون الرعاية الصحية. وقد تكون هذه الأصوات رمزية فقط؛ نظراً لحق الفيتو لدى أوباما، ومع ذلك، فإن الحقيقة المذهلة هي أن الجمهوريين لم يحاولوا قط إيجاد بديل في حال أصبح واحد منهم رئيساً يوماً ما.
وفي الواقع، لم يتمكنوا من صياغة بديل عملي لأوباما كير؛ لأن بعضاً منهم يرفضون قبول القوانين الأساسية للحساب. ووفقاً للتقديرات التي أصدرها مكتب الميزانية في الكونجرس، الذي يحظى بسجل مسار إيجابي، فإن التشريع المقترح للرعاية الصحية للجمهوريين قد تسبب في فقدان أكثر من 20 مليون أمريكي للتغطية الصحية. لكن العديد من الجمهوريين ما زالوا يصرّون على أنهم يستطيعون تقليص الإنفاق بشكل ما والقضاء على القواعد والمتطلبات، بما في ذلك «التفويض الفردي» (شرط أن يكون لجميع الأمريكيين تأمين صحي) الذي يدعم أوباما كير دون التأثير على مستويات التغطية الحالية.
ومن المؤكد أن هناك جمهوريين يقرون بالوقائع. فالدعم يلغي ويستبدل على أي حال: السيناتور المتحرر راند بول من كنتاكي، على سبيل المثال، يعتقد أن فوائد تقليل دور الحكومة في الرعاية الصحية تفوق بطريقة أو بأخرى تكاليف الأمريكيين من ذوي الدخل المنخفض والمتوسط. ويدرك آخرون أن التكاليف غير مقبولة -وهذا هو السبب في رفض الاستبدال المقترح من الجمهوريين- ولكنهم لم يتمكنوا من تقديم أي بديل ذي مصداقية.
منطقياً، يجب أن تكون هناك مجموعة ثالثة من الجمهوريين المعتدلين الذين يعترفون بالحساب، ويجدونه غير مقبول، ويلتزمون سواء بإصلاح أوباما كير أو وضع بعض الخطط الواقعية الأخرى التي يمكن أن توفر تأميناً صحياً أفضل لعدد أكبر من الأمريكيين. ولسوء الحظ، لا يوجد أحد في هذه الفئة، ربما هناك السيناتور سوزان كولينز من ولاية ماين.
ولكن يوجد سبب آخر أهم يجعل الجمهوريين غير قادرين على إيجاد بديل لأوباما كير: إن قانون الرعاية بأسعار معقولة يرتكز بشكل كبير على أفكارهم الخاصة. وعلى سبيل المثال، فإن الولاية الفردية التي ينتقدونها الآن قد وضعت أصلاً من قِبل مؤسسات الفكر المحافظة التي تسعى إلى وضع نظام عملي للتأمين الصحي الوطني مع أصغر دور ممكن للحكومة. وكان هذا هو محور إصلاح الرعاية الصحية في ماساتشوستس الذي وقّعه ميت رومني في العام 2006، عندما كان حاكماً للولاية.
إن الولاية الفردية ضرورية لمنع شركات التأمين من التمييز بين أولئك الذين لديهم شروط مسبوقة -وهو بند حتى معارضو أوباما كير يريدون الاحتفاظ به. من غير الممكن من الناحية المالية لشركات التأمين الخاصة تأمين الأشخاص الذين هم بالفعل مرضى أو معرّضون لخطر كبير، إذا كان أولئك الذين ما يزالون في صحة جيّدة لا يحتاجون الرعاية على الفور.
هذا لا يعني أن الولايات المتحدة تحتاج إلى نظام كامل للرعاية الصحية الاجتماعية، إذ تقدّم الحكومة مباشرة الرعاية الصحية للجميع (رغم أن البريطانيين مرتبطين بالتأكيد بالخدمة الصحية الوطنية الخاصة بهم). وبالفعل، لا أحد في الولايات المتحدة يدعو إلى ذلك.
وقد اقترح بعض أعضاء مجلس الشيوخ -منهم فيرمونت بيرني ساندرز- نظام دفع واحد. وفي كندا، يوفّر نظام تأمين حكومي وتوفير خدمات خاصة مماثل نتائج صحية قوية في جزء صغير من تكلفة النظام الأمريكي. ومع ذلك، في حين أن عدداً كبيراً من الأمريكيين قد يدعمون مثل هذا النظام، فإن برنامج دفع واحد يواجه مقاومة قوية من ثلاث مجموعات قوية: صناعة التأمين، والمستهلكون الذين هم سعداء بخططهم الحالية المدفوعة من طرف مشغليهم، والجمهوريون بشكل عام.
ولكن النظام الذي يصفه الكثير من الجمهوريين -وهو مخطط يستند بالكامل على «المسؤولية الشخصية»- غير ممكن. إن النظام الذي كانت عليه الولايات المتحدة قبل أوباما كير لم يستوفِ هذا المعيار، إذ لم يفرض غير المؤمّن عليهم التكاليف فحسب، بل أيضاً فُرض على الأمريكيين الآخرين. ومن غير المرجح أن يعاني أولئك الذين ليس لديهم تأمين من أعراض مثل السمنة والإدمان، والسماح بتدهور صحتهم قبل التماس العناية الطبية. قبل أوباما كير، كانت المستشفيات تمرر التكاليف الباهظة لمعالجة للمرضى الآخرين.
ويقتضي نظام المسؤولية الشخصية الحقيقية ألا توفر مهنة الطب الرعاية وهي مجبرة أخلاقياً على تقديمها. ولكنني لم أقابل بعد محافظاً في السوق الحرة يحبذ حقاً قانوناً اتحادياً جديداً يلزم سيارات الإسعاف بترك ضحايا الحوادث على جانب الطريق ما لم يتمكنوا من إثبات التأمين لديهم.
ويكمن الحل لمشاكل الرعاية الصحية في أمريكا في الطب الاجتماعي وعدم التدخل. لكن ليس هناك شك في أنه يجب أن يتضمن ركائز ثلاث مثل أوباما كير: الولاية الفردية، وحماية أولئك الذين يمرون بظروف صعبة، ووسيلة لدفع ثمن كل شيء. ورغم أن بعض الجمهوريين يظنون خلاف ذلك، فأي حل يقلل من دور الحكومة إلا ويزيد من صفوف غير المؤمّن عليهم -وبالتالي يرفع من إجمالي تكاليف الرعاية الصحية.

أستاذ تكوين رأس المال والنمو في جامعة هارفارد