الدوام من البيوت

مقالات رأي و تحليلات الأحد ٣٠/يوليو/٢٠١٧ ٠٤:١٥ ص
الدوام من البيوت

علي بن راشد المطاعني

يعدُّ إقرار نظام العمل عن بعد عبر بوابة «استثمر بسهولة» بوزارة التجارة والصناعة خطوة جديرة بالاهتمام في العمل الحكومي القائم افتراضًا إلكترونيًا على الإنتاجية أكثر من الدوام التقليدي الرسمي والتقليدي، والذي آن الأوان له أن يترجَّل مشكورًا، فقد ولى زمانه!

وهذا توجه جديد يعدُّ الأول من نوعه في السلطنة والمنطقة، فهو يتيح للموظفين العمل من منازلهم ومكاتبهم الخاصة، وفي الإجازات والعطلات الرسمية لإنجاز معاملات الناس إلكترونيًا وعن بعد.
الخطوة تشكِّل ثورة في العمل الحكومي تحتاج إلى تعميم في الكثير من القطاعات التي تتعامل إلكترونيًا مع الناس والمراجعين لها والمحتاجين لخدماتها.
بداية يجب علينا أن نعترف بأن القرار يشكِّل نقلة في مسار العمل الحكومي في السلطنة كأول قرار يتيح للموظفين العمل من منازلهم أو عن بعد، ومنعطفًا مهمًا من شأنه أن يؤسس للكثير من الأعمال المرتبطة بالتقنيات الحديثة وصولًا لصيغة حكومة إلكترونية كاملة العدة والعتاد.
فهذا القرار يكتسب أهمية كبيرة في تعزيز مفهوم الحكومة الإلكترونية والاستفادة من مقوماتها بشكل أفضل، فمن شأنه أن يعجِّل بالكثير من الخدمات التي تُنجز خارج مقار العمل الرسمية، فضلًا عن أنه سيسهم بإيجابية في التقليل من الاختناقات والحوادث المرورية ومن الازدحام في الشوارع ومن استهلاك الوقود ومن إصحاح البيئة وغيرها من الفوائد، فالموظف ومتلقي الخدمة كلاهما لم يتحرك من موضعه.
كما إنه سيسهم في إنجاز معاملات أكثر كونه يتيح للموظف أن يعمل على مدار الساعة وبدون الالتزام بعدد ساعات معينة، كما هو عليه الحال حاليًا، وبالتالي قد ينجز معاملات أكثر كون أن الإنتاجية هي الأساس هنا وليس الوجود الصوري القديم المفتقر للفاعلية الوظيفية، وهذا ما كنَّا نعاني منه في السنوات الفائتة.
من الطبيعي أن يعطي هذا القرار الثقة للموظف لينجز عمله من بيته أو من المقهى بدون أي مراقبة، وهذا كفيل برفع الروح المعنوية لدى العاملين انطلاقًا من حقيقة أنهم أصبحوا أخيرًا مديري أنفسهم.
إذن، فإن القرار يهتم بالإنتاجية أكثر من قضاء ساعات عمل طويلة بدون إنجاز عملي يذكر.
بالطبع أن وزارة التجارة والصناعة اختبرت العمل الإلكتروني قبل أن تطبقه رسميًا، لقياس معدل الأداء الذي يمكن أن ينجزه الموظف من بيته، ووجدت نجاحًا طيبًا دفعها لتقنينه واعتماده بشكل رسمي ليكون الأول من نوعه في السلطنة.
نأمل أن تُتخذ المزيد من الخطوات في هذا الاتجاه لبلورة وتأكيد عُمُد وأركان الحكومة الإلكترونية العُمانية واقعًا عمليًا، وتسخيرها في إنجاز معاملات الناس، فهذا خيار لابد منه وإن طال الزمن، فالسباق نحو التكنولوجيا يمضي بسرعة البرق ولابد من مواكبته.