إيران تنقذ اتفاق الدوحة وتؤيد تجميد حجم الإنتاج

مؤشر الخميس ١٨/فبراير/٢٠١٦ ٠٤:٣٠ ص
إيران تنقذ اتفاق الدوحة وتؤيد تجميد حجم الإنتاج

مسقط - ش

أنقذت إيران اتفاق الدوحة النفطي الذي يقضي بتجميد حجم إنتاج البترول عند سقف شهر يناير الفائت، بعد اجتماع رباعي لاجتماع الرباعي عقد في طهران وضم بالإضافة إلى إيران وزراء النفط من كل من فنزويلا والعراق وقطر. ومن شأن قرار غيران أن ينعش اسعار النفط، لاسيما انه يشكل باباً للحوار حول القضية التي هزّت الاقتصاد العالمي.

وأعلن وزير النفط الإيراني بيجان زنقنة إنه يدعم قرار أوبك والمنتجين المستقلين بتجميد "سقف" الإنتاج لإعادة الاستقرار للسوق والأسعار . لكنه اعتبر أن الاتفاق هو خطوة أولى وينبغي اتخاذ خطوات أخرى .
وكان قرار إيران مغايراً للتوقعات لا سيما بعد تصريحات لمسؤولين إيرانيين سبقت الاجتماع وأفادت عن إصرار إيران على رفع حجم إنتاجها ليصل إلى فترة ما قبل العقوبات الاقتصادية عليها، مطالبة الدول التي رفعت حجم صادراتها النفطية خلال فترة العقوبات بأن تخفّض إنتاجها للمساعدة على انتعاش الأسعار. وكان وزير النفط الإيراني أعلن قبل الاجتماع أن إيران مستعدة للنقاش ولبحث مسألة اسعار النفط، لكنها لن تجمّد حجم إنتاجها، مؤكداً أن بلاده تخطط لزيادة حجم إنتاجها نصف مليون برميل يومياً خلال ستهة أشهر. وكان قال مندوب إيران لدى اوبك مهدي عسلي صرّح بدوره إنه من غير المنطقي الطلب من إيران تجميد حجم إنتاجها، مؤكداً أن بلاده تنوي زيادة حجم إنتاجها من النفط لتصل إلى حجم إنتاجها اليومي قبل فرض العقوبات عليها وتأتي خطوة إيران هذه في إطار سعيها إلى استعادة حصتها من السوق العالمية التي تراجعت كثيراً بسبب العقوبات. ويأتي القرار الإيراني متوافقاً مع قرار العراق إذ قال مصدر في وزارة النفط العراقية إن العراق مستعد للالتزام بتجميد إنتاجه النفطي عند مستويات ينايرالفائت إذا التزم المنتجون داخل وخارج أوبك بالاتفاق.
ويمثّل إنتاج إيران والعراق مجتمعين نحو 12.7 في المئة من إجمالي إنتاج أوبك، ما يعني أن قرارهما يُعدّ اساسياً في تحديد أسعار السوق لا سيما إذا تراجع غيران عن رفع إنتاجها بحدود مليون برميل إضافي يوميّاً وهو القرار الذي أعلنت عنه في وقت سابق.

تحديات كبيرة
وقال الخبير الاقتصادي الجزائري عبد الرحمان عيّة لـ "الشبيبة" إن الاتفاق النفطي الذي اعلن في الدوحة لا يهدف إلى رفع الأسعار بل إلى المحافظة على سعر البترول عند مستواه الحالي أي بين 30 و 35 دولاراً للبرميل، لكنه لا ينفي أن ذلك "يشكّل مؤشراً إيجابياً لامكانية اتفاق الدول المنتجة للنفط، أكانت من دول الأعضاء في اوبك اوخارجها، على رفع السعر عن طريق تخفيض الإنتاج مستقبلاً".
وتشير الأرقام إلى أن القرار غير كاف ولا يمكن أن يساهم في رفع أسعار النفط الذي يعادي من فائض في الإنتاج امام انخفاض كبير في الطلب. فمجرد قراءة أرقام أوبك يظهر أن شهر يناير الماضي شهد ارتفاعاً دولياً في إنتاج النفط، إذ زادت معظم الدول حجم إنتاجها لتعوّض خسائر هبوط الأسعار، فالمملكة العربية السعودية رفعت إنتاجها اليومي من 10.15 مليون برميل في ديسمبر إلى 10.25 برميل في يناير، فيما رفعت إيران إنتاجها من 2.90 مليون برميل في ديسمبر إلى 3.05 مليون برميل في يناير. أما العراق فأعلن أن إنتاجه اليومي بلغ 4.77 مليون برميل في يناير مقابل 4.2 مليون برميل في ديسمبر. علماً أن روسيا التي تعتبر من أهم منتجي النفط من خارج أوبك فرفعت ايضاً إنتاجها من 10.8 في ديسمبر إلى 10.88 في يناير. لذلك فإن المحافظة على مستوى يناير من الإنتاج يعني الاستمرار بوفرة العرض مقابل تراجع الطلب. لكن د.عبد الرحمن عيّة يؤكد أنه "لا توجد إحصائيات دقيقة حول حجم الانتاج العالمي أو الحجم الحقيقي لإنتاج كل دولة لمعرفة إذا كان سيتم الالتزام بالاتفاق او لا، مشيراً إلى أن العراق أعلن أن انتاجه بلغ 4.7 مليون برميل يومياً غير ان إحصائيات شركة PB تظهر أن انتاجه لم يتجاوز في المتوسط 2 مليون برميل يوميا في العام 2015".

خلفيات الاتفاق
ويؤكد عيّة أن لكل طرف من الدول المنتجة للنفط أهدافه الاقتصادية والسياسية الخاصة". فإيران على سبيل المثال كانت "تعتزم رفع صادراتها نحو اوروبا بعدما تم رفع العقوبات عليها وبتالي مواجهة التخمة المتوقعة والتي يمكن ان تزيد من تدهور الاسعار، علما انه يصعب على ايران اعادة رفع قدراتها الانتاجية والعودة الى 4 مليون برميل يوميا من الناحية التقنية". بينما تحاول السعودية "التخفيف من حدة الانتقادات التي تتهمها بانها المسؤول المباشر على تدهور الاسعار" فلذلك اخذت المبادرة لتجميد حجم الإنتاج عند شهر يناير ليصبح القرار في يد إيران التي أعلنت سابقاً "أنها مستعدة للالتزام باتفاق بشرط ان تعود الى حصتها قبل العقوبات والتي كانت تبلغ 4 ملايين برميل يومياً مما يعني انها سترفع إنتاجها من النفط مقارنة بإنتاج يناير". لكنه اشار إلى أن موافقة إيران قد تكون بسبب الاتفاق على قضايا جانبية لا تنحصر بموضوع إنتاجها للنفط. واضاف عية إن فنزويلا هي المتضرر الأكبر من تراجع السعر وتحاول أن تؤدي دور الوسيط من أجل رفع السعر والتخفيف من حدة أزمتها، علماً بأن فنزويلا تمتلك ورقة قوية بأن لديها أكبر احتياطي نفطي إذا تم إدراج الغاز الصخري".
ويؤكد أن روسيا "تحاول أن تخفف من توجه إيران نحو الدول الاوروبية المتصارعة مع روسيا وتذكيرها بضرورة الأخذ في الحسبان تأثير مواقفها على حليفها التقليدي".

أبعاد سياسية
ولا ينفي عيّة الأبعاد السياسية التي تقف خلف أزمة النفط بل يقول إن الاتفاق "جاء بعد أن وصل النزاع في سوريا إلى مرحلة خطيرة قد يترجم إلى حرب برية لا يمكن تصور عواقبها على المنطقة وعلى العلاقات الدولية، وعليه من أجل تجنب الحرب الشاملة، تم الاتجاه إلى إيجاد مدخل اقتصادي للحوار، وما الاتفاق الشكلي بين السعودية وروسيا حول مسالة النفط إلا من أجل وضع حل نهائي للازمة".
ويشير إلى "دلالة أن يتم الاتفاق في قطر وهي الدولة التي في إمكانها أن تجمع روسيا والسعودية لأنها حافظت على مستوى متوازن من العلاقات مع كل دول ومن بينها الولايات المتحدة الغائبة شكلاً والحاضرة فعلاً في الاتفاق".