مسقط - تهاني الشكيلية
الكثير من النساء يخفن الحشرات ويتقززن منها ويبذلن كل ما بوسعهن للتخلص منها أو مكافحتها، إلا أن مصورة «الماكرو» غنية المجرفية عكسهن تماماً، فهي تعشق عالم الحشرات وأبدعت في تصويرها، وهي المتخصصة الوحيدة في السلطنة التي طرقت هذا الباب.
دخلت المجرفية مجال التصوير في العام 2015م، وكانت محاولاتها بسيطة، فكانت تلتقط صورا في كل محاور التصوير الضوئي، إلا أنها تخصصت بعد ذلك في تصوير الحشرات لعشقها الكبير لها ورغبتها في إبراز الحشرات التي توجد في بيئتنا العُمانية، فبدأت تكثف جهدها في مجال «الماكرو». وأوضحت المجرفية كيف أسهم ثراء البيئة العمانية في سبر أغوار هذا العالم قائلة: بما أن السلطنة ثاني أكبر دول الخليج العربي مساحة، فهي تضم تنوعا بيئيا فريداً من النظم البيئية ما نتج منه مناخات جيدة أسهمت في التنوع البيولوجي. فهذا سر ثراء بيئتنا بالحياة الفطرية؛ فبيئتنا زاخرة ومتكاملة ومتنوعة، ومن ضمنها الحشرات التي توجد حسب البيئة المتوفرة لتكاثرها واستقرارها. فتوجد في السلطنة أنواع كثيرة ومختلفة من الحشرات، ومن خلال تخصصي في الماكرو استطعت أن أتعرف على الكثير من الحشرات التي تعيش حولنا. وعند سؤالنا لها عن الذي استفادته من دخولها لعالم المخلوقات الصغيرة وتحديدا الحشرات أجابت: استطعت أن أُبين للناس أنواعا كثيرة من الحشرات وكيف تبدو عن قرب، ووجدت الكثير منهم يراها لأول مرة والبعض لا يصدق أنها تعيش في بيئتنا العُمانية، وأيضاً اكتسبت معلومات هائلة وتعرفت على سلوك الحشرات وغذائها ومراحل تطورها ومواسم تكاثرها. وقبل كل هذا شعرت بعظمة الخالق عز وجل ومعجزاته في خلق هذه المخلوقات الضعيفة وكيف أنها تمشي وفق نظام معين متقن نعجز نَحْن البشر عن تحقيقه.
وعن أهم المعدات التي تستخدمها في التصوير تقول: مع استمراري في هذا المجال أحببتُ أن أكون أكثر احترافية فبدأت أمتلك المعدات اللازمة الخاصة بالماكرو، ومعدات أستطيع من خلالها الحصول على نتائج ممتازة، فمن الأدوات التي أستخدمها حالياً في التصوير (عدسة 100mm macro.. أكستنشن تيوب.. رنج فلاش) وطبعاً كاميرتي المتواضعة 600D، وصنعت بنفسي أستوديو صغيرا لتصوير الحشرة داخله أستخدمه في عملية (تكديس الفوكسات للحشرة) بمعنى تصوير كل جزء من الحشرة بفتحة عدسة ضيقة، وفي النهاية يتم تجميع الصور الَتِي تصل أحياناً إلى (مئة صورة) عن طريق برنامج الفوتوشوب، لكنني أغلب الأحيان التقط الصور للحشرات وهي في مكانها الطبيعي، صحيح أن الأمر مرهق ومتعب لكن فيه متعة كبيرة، فالأهم أن يكون التكوين جيداً للخروج بصورة رائعة تشد عين المشاهد، ويمكن ذَلِك عبر أخذ جزء مهم مَن الحشرة كالرأس وزوايا أخرى تبرز جمالياتها. وأكدت أنها لا تجد كثيرا من المصورين العرب مهتمين بتصوير (الماكرو) حيث تقول: مصورون قلة اختاروا الماكرو تخصصاً لَهُم، لا أعلم الأسباب لكن نأمل مستقبلاً ومن خلال أعمالنا أن تجذب الكثير من المصورين ويكون لهذا التخصص شعبية كبيرة، وبخاصة حواء، فأنا الوحيدة المتخصصة هنا في هذا المجال لأنني لا أخاف من الحشرات ولا أعتبرها مقززة، لكن لو اقتربت النساء منها وعرفن سلوك جميع الحشرات ستتغير نظرتهن تماماً، الأهم كسر الخوف الداخلي، وستكون الحشرات صديقةً لهن. وتوضح عن أخلاقيات تصوير الحشرات قائلة: الحشرات مخلوقات رائعة منها نتأمل إبداع الخالق عز وجل، ونتعرف على أجزاء الحشرة الدقيقة وبشكل عام نكسب معلومات كثيرة عن نظام حياتها وأهم تفاصيل جسدها. فعلينا بقدر الإمكان التقليل من استخدام المبيدات الحشرية وإذا كان ممكنا البحث عن مبيدات تقضي فقط على الحشرات الضارة فعلا، فبهذه الحلول نستطيع الحفاظ على الحشرات غير الضارة وتستمر دورة حياتها. ونستفيد نحن منها أيضا لأن بعض الحشرات صديقة للنباتات وتعتبر أداة دفاع عنها، علينا أن نحاول بقدر الإمكان أن لا نجعل الحشرة تشعر بالإزعاج وأن لا نؤذيها وبقدر الاستطاعة نلتقط لها صور وهي في بيئتها .فبرأيي تبدو أجمل بكثير.
وتوجه المجرفية نصيحة للمصورين قائلة: ليس من الضروري أن يكون المصور قد التحق بأي دورة تدريبية ليكون محترفا، فهناك أشخاص أعرفهم حق المعرفة لم يلتحقوا بأي دورة تدريبية، ولكن مكانتهم عالية جدا في التصوير، فليس التصوير هو أن تعرف معنى الصورة بل التصوير هو كيف تحترم الصورة بداية ونهاية، وكيف تحترم قواعد التصوير من تكوين وتثليث وكادر وموازنة والإضاءة والظل، ونقصد به فيزياء التصوير وغيرها تكون في قلب المصور، ففي النهاية التصوير هو الإدراك بكل ما هو صغير وكبير في هذا العالم والتصوير يعلمنا القيم والصبر وعدم التكبر، واحترام ذوي الخبرة من أجل الوصول إلى الاحتراف الحقيقي.