مسقط - حنان العمدوني
أكدت وزيرة التربية والتعليم معالي د. مديحة بنت أحمد الشيبانية أن المشهد التربوي في السلطنة "يتطور".
وقالت وزيرة التربية والتعليم ردا على أسئلة "الشبيبة" عن مؤشر التعليم في السلطنة وجودته ومخرجاته إن تقارير "اليونسكو" والبنك الدولي والمنظمات الدولية الأخرى تشيد بما أنجز في السلطنة، إذ حققت السلطنة المستويات العالمية بحسب المعاير الدولية في العديد من المجالات التربوية كتوفر فرص التعليم (مؤشرات الالتحاق) وإتمام التعليم المدرسي وانخفاض نسب الإعادة والانقطاع عن الدراسة، والمساواة بين الجنسين وتخفيض نسبة محو الأمية والكفاية الداخلية للتعليم وغيرها من المجالات الأخرى وقد ورد ذلك في العديد من التقارير الدولية التي تصدرها هذه المنظمات التربوية العالمية، بل إن احد تقارير البنك الدولي وصف تطور التعليم في السلطنة بأنه "ضخم" وغير مسبوق وان السلطنة تسير بخطى حثيثة نحو تحقيق الأهداف المرسومة.
وأشارت إلى أن الوزارة تسعى إلى تحقيق مزيد من الجودة في التعليم، وعلى هذا الأساس فإن الاهتمام في المرحلة الحالية ينصب على بناء معايير المناهج الدراسية، كما يتم حاليا مراجعة تقييم الأداء وأساليب التقويم وآليات الإشراف التربوي الذي يعتمد عليه النظام التعليمي في الإشراف على المعلم ورفع مستوى الأداء داخل الصف الدراسي.
وكشفت وزيرة التربية والتعليم أنه انطلاقا من توجيهات مولانا حضرة صاحب الجلالة السلطان قابوس بن سعيد المعظم – حفظه الله ورعاه – بضرورة إجراء تقييم شامل للمنظومة التعليمية، فقد صدر المرسوم السلطاني الذي تم بموجبه إنشاء مجلس التعليم، ليصبح المرجعية الأساسية الأولى في السلطنة، لوضع سياسات التعليم ومواءمة جهود كافة الوزارات المعنية بقطاع التعليم، وفي أكتوبر 2014 عقد مجلس التعليم الندوة الوطنية "التعليم في سلطنة عمان: الطريق إلى المستقبل" هدفت إلى إشراك كافة قطاعات المجتمع من أولياء الأمور والمعلمين والطلاب، للاطلاع على أهم المشاريع التربوية التطويرية ومنها: فلسفة التعليم، وقانون التعليم المدرسي، ودراسة التقويم الشامل والدراسات الأخرى التي أجريت في هذا الجانب، وتم الانتهاء من بعضها، وما زال العمل جاريا في بعضها الآخر.
مركز تقييم الأداء المدرسي
وكشفت وزير التربية والتعليم أن مجلس التعليم أقر في جلسته رقم 5/4/2015 المنعقدة بتاريخ21/9/2015م إنشاء "مركز تقييم الأداء المدرسي" الذي يهدف إلى وضع استراتيجية لتنفيذ تقييم داخلي وخارجي دقيق وشفاف يتمتع بالمصداقية وفق معايير وطنية للأداء، وتحديد آليات الارتقاء بالعمل التربوي، والقيام بعمليات المتابعة وتقديم الدعم لتتمكن المدارس من تحسين أدائها، ويتيح للجهات المعنية والمجتمع متابعة أداء النظام التعليمي في السلطنة.
كما تقوم الوزارة حاليا ببناء المعايير الوطنية للمناهج تواكب المعايير الدولية الحديثة من أجل حصول الطلاب على تعليم ذي جودة عالية، تنطلق من فلسفة التربية وأهدافها في السلطنة، ومتطلبات خطط التنمية الوطنية، واحتياجات سوق العمل الوطنية، وحاجات الطلاب وقدراتهم، هذا إلى جانب العديد من البرامج والجهود التي تهدف للارتقاء بجودة التعليم.
ودعت معالي د. الشيبانية كل المهتمين والمتابعين للشأن التربوي في السلطنة إلى عدم النظر إلى أي مؤشر أو تقرير عن التعليم من زاوية أحادية فقط بل لابد أن يكون وفق رؤية تحليلية واقعية، فالهدف من التقارير التي تستهدف قطاع التعليم هو الوقوف على مكامن الصعوبات، فلو تتبعنا التصنيف فسنجد أن الدول التي تتصدر هذه القوائم هي الدول التي قطعت شوطا كبيرا في التعليم ولكن نظامها التعليمي مختلف من ناحية المدة الزمنية للتعلم الذي يتجاوز 220 يوما في العام الدراسي أو ساعات اليوم الدراسي التي تمتد إلى وقت متأخر من اليوم، ورغم أن هذه الأنظمة حصلت على درجات عالية في التصنيف إلا أنها تعاني من تحديات في بعض جوانبها لم يستطع النظام التربوي والتعليمي معالجتها، علما بأن هناك دولا كثيرة متقدمة لم تحصل على التصنيف المتقدم في هذه التقارير.
ووفقا للتوجيهات السامية لمولانا المعظم – أبقاه الله - بإنشاء المركز الوطني للتقويم التربوي والامتحانات الذي يهدف إلى إيجاد أدوات قياس وتقويم عالية الجودة لتقييم أداء النظام التعليمي بشكل عام ومخرجات التعليم المدرسي بشكل خاص، قامت الوزارة بإنشاء مكتب لإدارة مشروع المركز الوطني للتقويم التربوي الذي يختص بدراسة النماذج العالمية لمراكز التقويم التربوي والامتحانات والاستفادة منها في وضع هيكلية المركز وتحديد أهدافه، والتواصل مع المؤسسات العالمية المختصة للحصول على الاستشارات الفنية والعلمية وغيرها.
المركز التخصصي للتدريب
كما قامت الوزارة بإنشاء المركز التخصصي للتدريب المهني للمعلمين الذي جاء بمباركة سامية من مولانا المعظم – أبقاه الله - بهدف رفع أداء المعلم من خلال تجويد البرامج التدريبية التي تقدم للمعلم أثناء الخدمة وفق ما يتماشى مع المستجدات التربوية الحالية والسياسات التربوية لقطاع التعليم.
أما عن المستويات التحصيلية في بعض المواد كالعلوم والرياضيات للطلاب باعتبارها من المواد التي تحظى بمعيارية عالمية من خلال الدراسات الدولية، فقالت الوزيرة: ينبغي ان ندرك ان نظامنا التعليمي لا يعد الطلبة للنجاح والتفوق في الاختبارات فقط، وإلا لكان ذلك أمراً ميسورا فمهمة التربية والتعليم كما تعلمون تتجاوز ذلك إلى غاية أبعد تتعلق ببناء الإنسان ذاته وصقل قدراته وإمكانياته بصورة تكاملية في المجالات المختلفة من أجل إعداد هذا الانسان المتمكن والممتلك للمهارات الأساسية، والقادر على التفاعل مع المعطيات العالمية المختلفة.
وقالت وزيرة التربية والتعليم ان المستوى العلمي لمخرجات النظام التعليمي - والحمد لله - مرضية جداً بحسب ما تظهره نتائج الطلاب الذين يلتحقون بالجامعات ومؤسسات التعليم العالي خارج السلطنة، مشيرة الى إشادة كبيرة من بعض تلك الجامعات حول تفوق أبنائنا.
وتابعت الوزيرة: لذلك وجهت المختصين الوزارة إلى تقديم دراسة حول هذا الموضوع بالتنسيق مع نظرائهم في مؤسسات التعليم العالي وعليه ينبغي أن ندرك إن اشتراك الوزارة في الدراسات الدولية التي تتم على مستوى بعض الصفوف الدراسية وليس على مستوى النظام التعليمي بأكمله وفي مواد بعينها وليس كافة المواد إنما يهدف إلى الحصول على تغذية راجعة لتطوير بعض مجالات العمل المتصلة بالمناهج والمعلم ونظم التقويم وغيرها، وذلك لأن النمو المتسارع للعلوم المختلفة والتطور التكنولوجي المتلاحق يتطلب رفع مستوى كفايات المعارف والمهارات العقلية والعملية التي يجب أن يمتلكها الطالب حتى يستطيع التفاعل مع حاجات القرن الحادي والعشرين ومتطلبات سوق العمل.
وأكدت وزيرة التربية والتعليم أن الحديث عن التربية والتعليم هو حديث متكامل ولا ينبغي تجزئته فقالت: عندما نتحدث عن التربية والتعليم يجب أن نتحدث أيضا عن النمو المتكامل للطالب في الجوانب الاجتماعية والقيمية والأخلاقية وهذا أمر مهم جدا، فنحن نتحدث عن مواطن قادر على مواكبة العالمية انطلاقا من هويته وثقافته ومتزن نفسيا واجتماعيا لا أن ننظر فقط للجانب الأكاديمي.
رعاية سامية
وأكدت معاليها أن التعليم في السلطنة حظي باهتمام خاص من لدن المقام السامي لمولانا المعظم – حفظه الله ورعاه – وقد مر النظام التعليمي خلال الخمس والأربعين سنة الماضية بمراحل ومحطات لا يمكن تجزئتها، فالمرحلة الأولى (1970-1995) كانت مرحلة لنشر التعليم وتوفيره في مختلف أرجاء السلطنة، وقد حققت شوطا كبيرا لتحقيق هذا الهدف، تلاها بعد ذلك المرحلة الثانية (1995-2010) التي كانت استكمالا للمرحلة الأولى، مع التركيز التطوير النوعي للتعليم في السلطنة هدفا أساسيا، كما كانت توصيات مؤتمر" الرؤية المستقبلية للاقتصاد العماني 2020" التي عقدت في 1995 من موجهات التطوير في هذه المرحلة، إضافة إلى الدراسات التي أجريت في هذا الجانب كدراسة إصلاح التعليم وتقارير الندوات الوطنية وتوصيات مؤتمر التعليم الثانوي وغيرها من الموجهات التربوية التي تم الاعتماد على نتائجهما في بناء منظومة التعليم الأساسي، والتي كانت بداية النقلة النوعية للنظام التعليم، إذ أصبح الطالب محورا للعملية التعليمية لاستشراف المستقبل، إلى جانب التركيز على تدريس اللغة الانجليزية بشكل أفضل والاهتمام بمواد العلوم والرياضيات وادخال التقنية.
وقالت إنه رغم ما تحقق في تلك المراحل من تطوير للعملية التعليمية إلا أن الحاجة ما زالت قائمة لمخرجات أفضل في نظام التعليم بالسلطنة، لذلك جاءت المرحلة الثالثة(2011) كمرحلة للتقييم الشامل، وهي المرحلة التي وجه بها مولانا حضرة صاحب الجلالة السلطان المعظم –حفظه الله ورعاه – في مجلس عمان في أكتوبر 2011، بضرورة إجراء التقييم الشامل للمنظومة التعليمية.
وأضافت: نحن الآن في مرحلة تقييم المنظومة التعليمية وتطويرها نوعيا وفق السياسات التي ينتهجها مجلس التعليم الموقر ووفق ما افرزته رزه نتائج التقويم بشكل مرحلي وجزئي وصولا إلى مستوى التجويد المنشود استنادا إلى المعيارية الدولية التي تقوم عليها الأنظمة التعليمية العالمية، ومن خلال وجود نظام المؤشرات التربوية الذي دشنته الوزارة مؤخرا، ولتتمكن إدارات المدارس والمديريات التعليمية بالمحافظات والاشراف التربوي من تقييم أدائها ومن ثم اتخاذ الإجراءات المناسبة التي تستند على أحكام حقيقية، وهو دليل واضح لتوجه الوزارة نحو المعيارية الدولية.