نلجأ للتسوق عندما نشعر بالحزن؟ لمــــاذا

مزاج الأحد ٠٩/يوليو/٢٠١٧ ٠٤:٠١ ص

مسقط - وكالات

ربما يُحسّن التسوق من الحالة المزاجية السيئة للمرء لفترة من الوقت، ولكن الشعور بالندم الذي يتبع متعة إنفاق مبالغ كبيرة من المال سيزيد على الأرجح حالتك المزاجية سوءاً. وتوجد بعض الحيل التي قد تساعدك في مقاومة الرغبة في التبذير.

تقول دراسة بحثية نشرها موقع «بي بي سي عربي» لا شك أن التسوق يُحسّن الحالة المزاجية، وفقاً لدراسة نشرت في دورية «علم النفس والتسوق»، وقد يشعرنا بمتعة وسعادة تشبه حالة النشوة التي يشعر بها مدمنو المخدرات. وفي استطلاع للرأي أجراه موقع «إي بيتس دوت كوم» على ما يزيد على ألف مواطن أمريكي بالغ، قال 96 في المئة منهم إنهم اشتروا شيئاً لأنفسهم لمجرد رفع حالتهم المعنوية.
إلا أن المزايا التي نجنيها من الشراء من المحال هي مزايا زائلة في الغالب، وقد تترتب عليها آثار تضر بالحالة النفسية، وستدوم لفترة أطول. وقد تؤدي المشاعر السلبية والحزن إلى فقدان الثقة بالنفس، وهذا الشعور هو الذي يدفع الناس غالباً للجوء إلى التسوق عندما ينتابهم الحزن.
والمشكلة أن هذه المشاعر السلبية قد تراودك مجدداً في صورة رغبة في الانتقام من الذات، ووخز الضمير والندم، إذا كان المال الذي أنفقته مُبالغ فيه أو يتجاوز ما كنت تخطط لإنفاقه.
لكن ثمة طرقاً قد تولّد لديك نفس المشاعر الغامرة المصاحبة للاندفاع في الشراء من دون أن تستخدم بطاقة الائتمان، بالإضافة إلى أن حالتك المزاجية لن تسوء بعدها.

تحليل السلوك ودراسته

تقول جون كوريغان، أخصائية نفسية في مدينة سيدني بأستراليا، ومتخصصة في العلاج القائم على الرفق بالذات، وهو نوع من العلاج النفسي يهدف إلى مساعدة المرضى الذين يعانون من مشاكل نفسية ذات صلة بالخجل ونقد الذات: «عندما نعالج أنفسنا بالتسوق، نحن في الحقيقة نحاول جاهدين أن ننظم مشاعرنا. لا أحد يحب أن يشعر بالحزن أو غيره من المشاعر التي تنغص علينا حياتنا، ولهذا نلجأ إلى أشياء زائلة لتجعلنا نشعر بالسعادة اللحظية». وعندما ينتابنا الحزن أو القلق تضعف قدرتنا على ضبط النفس، ومن ثم ننزع إلى اتخاذ قرارات غير صائبة. إذ يبدو أن الحزن يجعلنا نشعر بالضيق والتسرع في اتخاذ القرارات، ويولد لدينا رغبة في المكافأة الفورية، حتى لو أدى الأمر إلى فقدان المكاسب التي قد نجنيها مستقبلا. وإذا فهمنا الأسباب التي تحملنا على الشراء عندما نشعر بالحزن، ولماذا يحسن الشراء من حالتنا المعنوية، فهل من الممكن أن نخدع أدمغتنا لتعزز المشاعر الإيجابية من دون أن ننفق الأموال؟

وتقول كاريغان: «إننا يمكننا ذلك، لو أستطعنا أن نحرك مشاعر الشفقة والترفق في الجزء المسؤول عن تخفيف مشاعر القلق من الدماغ، وعندئذ لن ننساق دون تريث وراء هذه المتع قصيرة الأجل».
ويقول روبرت فرانك، الخبير الاقتصادي بجامعة كورنيل الأمريكية: «إن ضبط النفس هو السبيل الوحيد للتغلب على الرغبة الجارفة التي تدفعنا للتسوق عندما ينتابنا الحزن.
وأشار فرانك إلى الاختبار الذي أجراه والتر ميشيل، أستاذ علم النفس بجامعة كولومبيا، في ستينيات القرن الماضي في جامعة ستانفورد، حول علم نفس الأطفال والمكافأة المؤجلة، وسميت التجربة باسم تجربة حلوى المارشمالو.
وفي هذه التجربة، اختبر ميشيل قدرة الأطفال على تمالك النفس، إذ خيّرهم بين الحصول على مكافأة صغيرة واحدة على الفور أو الحصول على مكافأتين شريطة الانتظار لفترة قصيرة.
وتوصلت الدراسات المكملة لهذه الدراسة إلى أن الأطفال الذين لم يمانعوا من الانتظار لفترات أطول للحصول على مكافأتين، أحرزوا درجات أعلى لاحقا سواء في امتحانات القبول في الجامعات (السات) في الولايات المتحدة الأمريكية، أو في التحصيل العلمي أو مؤشر كتلة الجسم (الذي يقيس العلاقة بين وزن الجسم والطول).
ويقول فرانك: «إننا سنشعر بالسعادة الدائمة إذا استطعنا أن نقاوم الرغبة التي تدفعنا للحصول على المكافأة الفورية».
ويضيف: «عليك أن تنظر لما ستجنيه من مكاسب على المدى الطويل، وهذه هي الصعوبة التي يواجهها الناس دائما، إذ ينبغي أن تولي أهمية كافية للأشياء التي ستحدث مستقبلا وليس الآن فقط».
يواجه أغلب الناس، عندما ينساقون وراء الدوافع، صعوبة في اتخاذ قرارات مدروسة ومنطقية والتحكم في المشاعر. لكن كوريغان تقول إن الإنسان لديه كل ما هو مطلوب للسيطرة على هذه الدوافع.
وتقول إن الدماغ مجهزة بكل ما نحتاجه لنشعر بالرضا والسعادة، إذا ركزنا على مشاعر الامتنان والشفقة، من دون أن نلجأ إلى شراء أي شيء.

ساهم في نشر الخير

إذا لم تساعدك هذه النصائح في التغلب على الرغبة في الشراء، فإن إيثار الغير على النفس، قد يجدي نفعاً.

تدرس إليزابيث دون، أستاذة علم النفس بجامعة بريتيش كولومبيا، العلاقة ما بين السعادة والمال. وأجرت دراسة في كندا وأوغندا، قدمت فيها للمشاركين مبلغاً زهيداً من المال وطلبت من نصف المشاركين أن ينفقوه على أنفسهم، في حين طلبت من النصف الآخر إنفاقه على الآخرين.
وأوضحت الدراسة أن الفريق الذي اشترى أشياء للآخرين شعر بسعادة دامت لفترة طويلة، على عكس الفريق الذي أنفق المال على مشتريات شخصية.
وقد تساعدك المزايا طويلة المدى التي ستجنيها من وراء هذه الأفعال في تحسين قدرتك على تمالك النفس والتحكم في المشاعر.
ويقول ديستينو: «كلما زاد شعورك بالامتنان في حياتك اليومية، أصبحت أكثر استعدادا لمقاومة الإغراءات التي تصادفها بين الحين والآخر».