موسى البلوشي
يتعلل الكثير من التربويين أن اليوم الدراسي بالكاد يكفي لشرح متطلبات المنهج المدرسي مع أنشطته التقليدية وبالتالي ليس كافيا لتصميم أنشطة تغرس مهارات حل المشكلات ومهارات التفكير النقدي التي ينادي بها خبراء التعليم كونها تمثل أبرز مهارات القرن الحادي والعشرين، ولا تجد وقتا لإشراك الطلاب في ترتيب الفصل وتزيينه، وعرض مواهبهم وإبداعاتهم، وتنفيذ زيارات المؤسسات القريبة من المدرسة كالحدائق والمختبرات والمصانع إذا لم تتوفر نسخ مصغرة منها في المدارس.
وفي الجانب الآخر تتعلل الأسر بانشغال أفرادها وزيادة أعباء الحياة، فمتى يجد المتعلم الاهتمام اللازم و تخصيص وقت لتنمية مهاراته؟!
الحل يكمن في كسر الرتابة في النظام التعليمي، كسر الروتين، وتجاوز الحدود: التعلّم الذاتي!
الطلاب اليوم يمتلكون الفضول وتساروهم الأسئلة والحل يكمن في توفير خيارات متنوعة ومفيدة من الموارد والمصادر وتوجيههم لتوظيفها للبحث والاطلاع والإجابة عن الأسئلة الكثيرة التي تثير انتباههم كل هذا يعد وقود التعلّم الذاتي.
التعلم الذاتي هو عنصر أساسي في عالم يضج بالمعرفة والجديد كل لحظة، وهو سلسلة تجارب وليس مجرد إتاحة كتاب أو جهاز لوحي، ومتى ما قدمنا للمتعلم المادة والمحتوى الذي يقدّر أهميته في حياته ودوره في مستقبله، وفي قالب من المتعة والترفيه فإنه سيحظى بقبول واهتمام أكبر.
التعلم الذاتي غير مرتبط بالدرجات التي تمثل هاجسا عند الكثير من الطلاب، ولا أحد يسيطر على طريقة تفكيرهم ويتحكم في مسار تعلمهم، وهذا ما يمنحهم راحة وتركيزا أكبر في جمع المعلومات وربطها، ولا حدود في هذا التعلم فهو رحلة ممتدة تعبر الزمان والمكان.
لا تنحصر حدود التعلم الذاتي على القراءة والكتابة فهو يفتح آفاق الطلاب في مجالات الاقتصاد، والرياضيات، والمحاسبة، والإلقاء، والتصميم، والبرمجة، واللغات، وغيرها.
ولعل اليوتيوب يعد الخيار الأهم في هذا المجال بما يوفره من تجارب وقصص تغرس المعرفة وتمكن الطلاب من الاستماع للملهمين وأصحاب النجاحات، كما يبرز “تيد” كتظاهرة ملهمة لعرض الأفكار الجديرة بالنشر ويركّز بالدرجة الأولى على الأفكار المبتكرة والجديدة في مختلف المجالات ويقوم بجمع أصحاب هذه الأفكار في مؤتمرات لعرض أفكارهم والتي تهدف إلى تغيير العالم، وركز أول مؤتمر على ثلاثة جوانب هي: التكنولوجيا والترفيه والتصميم، ومن الحروف الأولى لهذه الجوانب باللغة الإنجليزية جاء اسم المؤتمر (TED)، وعلى مدى أكثر من 30 عاما عرضت عبر “تيد” العديد من الأفكار المبتكرة ساهمت في تغيير نظرتنا للحياة والأشياء.