بلد واحد ونظام واحد

مقالات رأي و تحليلات الثلاثاء ٠٤/يوليو/٢٠١٧ ٠٤:٤٠ ص
بلد واحد ونظام واحد

مينشين بي

يصادف 1 يوليو الذكرى العشرين لتسليم المملكة المتحدة هونج كونج إلى الصين، في إطار نموذج يسمى «دولة واحدة ونظامان». لكن السؤال الذي لا يمكن تجنبه خلال الاحتفالات الرسمية هو: هل هناك حقا أي سبب للاحتفال؟

لو سألت دنغ شياو بينج، مهندس نموذج «دولة واحدة ونظامان»، حول حصيلة الذكرى السنوية العشرين لعملية التسليم، ربما كان جوابه أن سكان هونج كونج سوف يحتفلون بازدهارهم وحريتهم. ومن جانبهم، سيعرض قادة الصين مصداقيتهم وقدراتهم على الحكم، ويسكتون في النهاية مجموعة المعارضين الذين شككوا في الحزب الشيوعي الصيني، وشككوا في وعودهم تجاه هونج كونج. لكن الواقع مختلف تماما. فاليوم، أصبحت المشاهد التي لم يكن من الممكن تصورها في هونج كونج في العام 1997 روتينية - المظاهرات الجماهيرية المناهضة للصين، وانتخاب المتطرفين المناهضين للسلطة التشريعية في المدينة، والدعوة المفتوحة إلى الاستقلال.

ومما لا شك فيه أن القوى الاقتصادية القوية - بما في ذلك ظهور الصين والعولمة وارتفاع معدلات عدم المساواة وأسعار العقارات - قد ألحقت الأذى بهونج كونج منذ العام 1997، مما قوض القدرة التنافسية للمدينة والمساهمة في السخط الاجتماعي. لكن في حين أدت العوامل الاجتماعية والاقتصادية السلبية إلى تفاقم الإحباط الشعبي، فإن الاحتجاجات الجماهيرية التي أصبحت حقيقة من حقائق الحياة في المدينة هي احتجاجات سياسية أساسا تركز على حقوق شعب هونج كونج.
وفي ظل هذه الخلفية، يعتبر عدد قليل فقط أن نظام «دولة واحدة ونظامان» يعد نجاحا. والواقع أن النموذج ربما كان محكوما عليه بالفشل منذ البداية، وذلك بسبب العديد من العيوب القاتلة في هيكله.
بداية، فإن اللغة التي تلزم الصين باحترام الحقوق الديمقراطية لشعب هونج كونج لم تكن واضحة. وحتى الإعلان المشترك الذي وقعته الحكومتان البريطانية والصينية في العام 1984 والذي مهد الطريق لعملية التسليم العام 1997 عرض وعدا غير دقيق إلى حد ما، وذلك بأن الصين سوف تعين الرئيس التنفيذي «على أساس نتائج الانتخابات أو المشاورات التي ستجرى محليا».
وعلاوة على ذلك، فاٍن الحزب الوحيد الذي يتمتع بسلطة تطبيق بنود الإعلان المشترك، ناهيك عن الدستور المصغر لهونج كونج والمعروف باسم القانون الأساسي، هو الحكومة المركزية في بيجن. ونتيجة لذلك، فإن قادة الصين قد يفشلون في احترام روح أو حتى الشروط الصريحة لالتزاماتهم مع الإفلات من العقاب. ويعكس التطرف الحالي لمواطني هونج كونج، ولاسيما شبابها، الرغبة في تغيير ذلك، لجعل الصين تدفع ثمن التنازل عن وعدها «بالحكم الذاتي» والرد على المعارضة بالقمع.
وهناك سمة أخرى من سمات نظام «بلد واحد ونظامان» الذي حُكم عليه بالفشل: قرار الصين المتعمد بحكم هونج كونج من خلال الرأسماليين والمحسوبية. ومن المثير للسخرية أن ما يسمى بالشيوعيين الصينيين يثقون بزعماء هونج كونج أكثر من جماهيرها). لكن نظرا لأن ولاءهم يعتمد على مؤيديهم في بيجن، وليس سكان المدينة التي يحكمونها، فإن الرأسماليين الفاسدين في هونج كونج هم من السياسيين السيئين. وبموجب قانون الحزب الشيوعي الصيني، اكتسبوا السلطة والامتيازات التي كانت غير قابلة للتحقيق في ظل الحكم البريطاني. لكن ذلك جعلهم لا يستجيبون لدوائرهم الانتخابية إذ أصبحت هذه الأخيرة منفصلة بشكل متزايد عن منتخبيها. ونتيجة لذلك، فشل وكلاء الصين بشكل كبير في تأمين الشرعية الشعبية.
ومع الأخذ بعين الاعتبار مصير كبار المسؤولين التنفيذيين في هونج كونج الذين اختارهم حكام الصين لإدارة المدينة، واجه المسؤول الأول تونج تشي هوا نصف مليون متظاهر في العام 2003، وفي العام 2005، في منتصف فترة ولايته الثانية، دفعه تراجع شعبيته إلى الاستقالة. وقد أكمل خليفة تونج، دونالد تسانج فترتيه بالكاد، وسُجن بسبب الفساد (مع خليفته الثاني) بعد مغادرته منصبه.
في ذهنهم، سعى قادة الصين دائما إلى التحرك نحو نموذج «دولة واحدة ونظام واحد» لهونج كونج. واعتقد دنج شياو بينغ أن مثل هذا الانتقال سوف يستغرق 50 عاما، لكن خلفاءه نفذوه في 20 عام فقط، ولم يدركوا حتى ماذا كان يحدث على أرض الواقع. ومهما كانت السياسات التي تتبعها السلطات الصينية في هونج كونج من الآن وحتى العام 2047، فإن الهدف هو جعل الحاضر يبدو أكثر مثل المستقبل- ولاسيما مع غياب الحقوق السياسية.

أستاذ الحكم في كلية كليرمونت ماكينا ومؤلف كتاب بعنوان «رأسمالية المحسوبية في الصين».