وزير الخارجية الإيطالي: "اللجوء أصعب أزمة في تاريخ الاتحاد الأوروبي"

الحدث الخميس ١٨/فبراير/٢٠١٦ ٠٠:٠٥ ص
وزير الخارجية الإيطالي:
"اللجوء أصعب أزمة في تاريخ الاتحاد الأوروبي"

ترجمة: خالد طه
تصر إيطاليا على أنه يجب على بقية دول الاتحاد الأوروبي القيام بدورها لحل أزمة اللاجئين. وفي حوار مع صحيفة ديرشبيجل الألمانية، ناقش وزير الخارجية الإيطالي، باولو جينتيلوني، آماله في خطة إعادة توزيع اللاجئين ومخاوفه من فشل اتفاقية شنجن.

- هل حل كل من رئيس وزراء إيطاليا ماتيو رينزي والمستشارة الألمانية أنجيلا ميركل صراعا خطيرا بين البلدين خلال اجتماعهما في برلين مؤخرا؟
هناك اختلاف في وجهات النظر، وبخاصة عندما يتعلق الأمر بالسياسة الاقتصادية والمالية. ولكن عندما يتعلق الأمر بالسياسة الخارجية، وبخاصة الهجرة، فنحن متفقون. وليس هناك أي دول أخرى في أوروبا أقرب إلى بعضها البعض في هذا الصدد من إيطاليا وألمانيا.

- ولكن المستشارة غيرت لهجتها وتقول الآن إن اللاجئين لابد أن يعودوا إلى ديارهم بعد بضع سنوات. فهل هذا شيء مفاجئ لكم؟
إن حكومتنا في الحقيقة قدرت موقف المستشارة في صيف عام 2015، وذلك بصفة خاصة لأنها تدافع عن قواعد شنجن.

- كان سؤالنا عن التغير الأخير في توجه ميركل بشأن مسألة اللاجئين.
دعنا نضع الأمر على هذا النحو: أنا على ثقة أن اتفاقية شنجن سيظل الدفاع عنها مستمرا. وعندما يتعلق الأمر بعودة اللاجئين إلى أوطانهم، فنحن لدينا نفس وجهة النظر.

- هل أنتم أيضا تدفعون باتجاه عودة اللاجئين إلى ديارهم في أقرب وقت بمجرد انتهاء الصراعات في أوطانهم؟
ج: نعم، لأننا لا يمكننا التعامل مع الناس أصحاب الحق في اللجوء السياسي بنفس الطريقة التي نتعامل بها مع ناس من بلد آمنة. لابد أن يعودوا. وهذا من وجهة نظرنا واضح تماما. ومن ناحية أخرى، علينا التدقيق في المبدأ الذي عفا عليه الزمن الآن المتمثل في أن البلد الأول لوصول اللاجئ يجب أن يتحمل تسجيله وكذلك عملية فرز من يستحق الحصول على حق اللجوء ومن يبنغي ترحيله.

- إذن، أنت تدافع عن إلغاء اتفاقية دبلن؟
من المثير للسخرية أن نعتقد أن اليونان سوف تقوم بإدخال مليون مهاجر وتقوم بتسجيلهم ثم توفر المأوى لم لهم الحق في اللجوء وتعيد من ليس له الحق في اللجوء إلى وطنه. اليونان لا تفعل ذلك. نستطيع إلقاء اللوم على اليونانيين في هذا الشأن، ولكن في نفس الوقت يجب أن نغير اتفاقية دبلن. ونحن عندما نصر على هذا الإجراء غير الواقعي، فهذا لا يعني شيئا أكثر من أننا ندافع عن اتفاقية دبلن وفي نفس الوقت نتخلى عن اتفاقية شنجن.

- هل سيقوم الاتحاد الأوروبي بتغيير إجراء دبلن في مارس المقبل؟
أنا لست متفائلا بشكل خاص، ولكني آمل في أن عدم وجود بدائل سيؤدي إلى فعل ذلك. كما أود أن أذكرك بحقيقة أنه قبل مايو 2015 لم يكن هناك أجندة أوروبية شاملة عن الهجرة. لا شيء، صفر. لم يكن هناك أي أجندة إلا بعد حدوث مأساة أخرى في البحر المتوسط، واستجابة لمبادرة إيطاليا، بدأت أوروبا تفكر في وضع سياسات لتسجيل اللاجئين وتوزيعهم أو ترحيلهم.

- ولكن حتى الآن هذا لا يجدي سوى من الناحية النظرية فقط.
هذا صحيح. في الواقع العملي نحن متأخرون جدا فيما يتعلق بتنفيذ هذه المبادئ. ولكننا يمكن أن نحتاج إلى البدء في سياسة جديدة في وقت مبكر من أجل إنقاذ أحد الأركان الأساسية للسياسة الأوروبية وهو ركن حرية التنقل الشخصي.

- هل أنت في صف إعادة توزيع اللاجئين على كل دول الاتحاد الأوروبي؟
في عام 2015، جاء إلى اليونان تسعمائة ألف مهاجر. واتفاقية دبلن تنص على الآتي: كل من لديه حق اللجوء يجب أن يبقى في اليونان، بينما يجب ترحيل من ليس له حق اللجوء من هناك. مستحيل! إن هذا العبء يحتاج إلى التعاون على حمله. بمعنى: شرطة حدود مشتركة، وتوزيع للاجئين على نطاق الاتحاد الأوروبي، وإعادة من ليس لهم حق اللجوء إلى أوطانهم. يجب أن يكون الجميع مسؤولون عن الناحيتين اللوجستية والتمويلية.

- هناك العديد من دول الاتحاد الأوروبي تعارض هذا.
بلا شك. ولكن الضغط المشترك من دول مثل ألمانيا وإيطاليا وفرنسا يمكن أن يعني خطوة في هذا الاتجاه. لأن هناك شيئا أساسيا جدا على الخط: حرية التنقل. ولا أستطيع التفكير في أي سوق مشتركة يمكن أن تعمل بدون ذلك.

- هل ظل الألمان بعيدين عن هذه القضية لفترة أطول مما ينبغي؟ لقد ظل الإيطاليون يصيدون الناس الغرقى من الماء منذ عام 2013.
ليس الألمان فقط. لقد كانوا دائما حاضرين عندما ظهرت القضايا المتعلقة بحق اللجوء. ولكن بالتأكيد كل أوروبا استيقظت في وقت متأخر جدا.

- ما هو تأثير سياسات المستشارة الألمانية نحو اللاجئين على إيطاليا؟
كان التأثير هو اتفاقي معها. فأوروبا تستطيع التعامل مع مئات الآلاف من الناس كل عام ممن لديهم حق اللجوء.

- تم في برلين منذ بعض الوقت مناقشة وضع سقف يبلغ 500,000 فردا لهم حق اللجوء في السنة.
وإن كانت أوروبا موحدة فستكون أيضا قادرة على إعادة مئات الآلاف من المهاجرين الذين ليس لهم حق اللجوء إلى أوطانهم. رغم أن هذا، نظرا لعدد الرحلات اللازمة، سيكون على نطاق يذكرنا بجسر برلين الجوي.

- هل تحتاج أوروبا إلى أن تكون أكثر وضوحا أننا لا يمكننا إدخال كل من يبحث عن حياة أفضل؟
إن رسالة "أننا لا يمكننا إدخال الجميع" هي أمر حتمي. وفي نفس الوقت، فإن القرار الخاص بمن له الحق في الحصول على اللجوء يحتاج إلى أن يتم اتخاذه في بروكسل. من الواضح أن العديد من الدول، في البلقان على سبيل المثال، تحتاج إلى أن تكون دول ذات منشأ آمن. ولكن دولا أخرى مثل إريتريا، من وجهة نظري، تحتاج بلا شك إلى أن تعتبر دولة ذات منشأ صالح للمطالبة بحق اللجوء. ومع مجموعة ثالثة من الدول، مثل نيجيريا على سبيل المثال، تحتاج كل حالة فردية إلى تقييمها على حدة. ثم هناك أيضا حالات مثيرة للجدل مثل أفغانستان. وفي كل الحالات مطلوب عمل أوروبي موحد. إن هذه الأطروحة التي يمكن ن نسميها "الأوربة" قد تبدو خيالية، ولكن ليس هناك بديل آخر.

- حتى الوقت الحاضر، أنشأت إيطاليا ثلاثة من "النقاط الساخنة" الستة التي وعدت بإنشائها لتسجيل اللاجئين. وحتى الآن، فإن سمعة هذه النقاط هي أنها نقاط ترحيل للمهاجرين غير الشرعيين. هناك زيادة في أعداد اللاجئين ومشكلة في توزيعهم تنهمر على السلطات الإيطالية.
ج: نحن لسنا مثاليين. ولكننا بلا شك وفينا بالتزاماتنا تجاه الاتحاد الأوروبي بدرجة أكبر من وفاء الاتحاد الأوروبي نفسه بالتزاماته تجاه إيطاليا، عندما يتعلق الأمر بنقل وإعادة اللاجئين الذين في بلادنا. إن إيطاليا تقوم بواجبها بشكل أفضل من بقية أوروبا. وبدلا من عدد المهاجرين البالغ 160000 الذين كان مطلوب توزيعهم في أنحاء أوروبا، لدينا الآن 300.

س: هل تعتقد أن مستقبل الاتحاد الأوروبي معرض للخطر بسبب أزمة اللاجئين؟
ج: يمكنك وضع الأمر على هذا النحو. لأن هذه الأزمة لها تأثير على أمور أخرى: على استفتاء البريطانيين بشأن خروجهم من الاتحاد الأوروبي أو على المكاسب التي حققها الشعبويون في العديد من الدول. وهذا الخليط يعرض مستقبل أوروبا للخطر. إننا الآن نشهد ربما أصعب أزمة في تاريخ الاتحاد الأوروبي. والمحك ما إذا كنا سنستطيع التغلب عليها سيكون هو موضوع الهجرة.

- انتقد رئيس الوزراء الإيطالي رينزي كلا من ميركل والرئيس الفرنسي فرانسوا أولاند في تحديد الوجهة التي يتخذها الاتحاد الأوروبي. وأنت أيضا قلت إنك تأمل أن تستمر برلين في التأكيد على ألمانيا أوروبية وليس أوروبا ألمانية. أين تكمن المشكلة؟
إن كان هناك مشكلة فهي في وجهة النظر الاقتصادية المختلفة، النمو الاقتصادي. النمو أبطأ مما ينبغي، حتى بالنسبة لنا نحن. وهذا يتحتاج إلى تغيير: المزيد من الاستثمارات دور أقوى للبنك المركزي الأوروبي. وبخلاف ذلك فليس هناك أي توترات بين إيطاليا وألمانيا. ولكن في هذه النقطة، يجب التوصل إلى حلول وسط، وسنصل إليها.
- أكد ماتيو رينزي مؤخرا أنه لا يريد إملاءات من برلين وبروكسل. كيف ترى ذلك؟
في هذه النقطة، أعتقد أن رينزي محق.

- تحدثت مؤخرا مع وزير الخارجية الأمريكي عن مكافحة تنظيم داعش. والجهاديون الذين ينتمون إلى هذا التنظيم الإرهابي هم على بعد 600 كيلومترا فقط جنوب السواحل الإيطالية. فما هي استراتيجية حكومتكم؟
نحن لدينا انتشار عسكري قوي في العراق وأفغانستان. وفي دول مثل سوريا، نحتاج إلى تحقيق إنجاز دبلوماسي لإنهاء الحرب. وفي ليبيا، يجب في المقام الأول أن يحدث استقرار في هذا البلد حتى يتم إيقاف داعش. وهذا يعني دعم الحكومة الليبية، ويشمل ذلك الدعم الأمني. نحن لا نريد أن نكرر أخطاء الماضي في هذا البلد. الوضع خطير للغاية والأيام المقبلة يمكن أن تكون حاسمة.

خدمة نيويورك تايمز – ش
أجرى الحوار: وولتر ماير

..............................

غالبية مواطني الاتحاد الأوروبي يرغبون في توزيع عادل للاجئين
برلين – ش أعرب غالبية مواطني الاتحاد الأوروبي عن رغبتهم في إيجاد حل مشترك وتوزيع عادل للأعباء في أزمة اللاجئين.
وأظهر الاستطلاع الذي نشرت نتائجه امس الثلاثاء أن 87% من الذين شملهم الاستطلاع في كافة الدول الأعضاء بالاتحاد، وعددها 28 دولة، أعربوا عن تأييدهم لتأمين مشترك للحدود الخارجية للاتحاد الأوروبي.
وذكر 79% ممن تم استطلاع آرائهم أنهم يؤيدون إجراء توزيع عادل لطالبي اللجوء على كافة دول الاتحاد، كما دعم 69% من الأوروبيين مطالب بتقليص نصيب الدول التي تتنصل من مسؤولياتها تجاه قضية اللاجئين من مخصصاتها المالية في خزائن الاتحاد الأوروبي.
وأيدت نسبة 54% من الذين شملهم الاستطلاع في الدول المنضمة إلى الاتحاد الأوروبي خلال الفترة من 2004 حتى 2007، مثل بولندا والتشيك وبلغاريا ورومانيا، توزيع عادل لطالبي اللجوء على كافة دول الاتحاد، بينما ارتفعت نسبة التأييد في دول الأعضاء القديمة إلى 85%.
لكن النسب المرتفعة لتأييد توزيع عادل للاجئين لا تنم في الواقع عن ثقافة ترحيب بهم، حيث ذكر 50% من الذين شملهم الاستطلاع أنهم يشعرون أحيانا بالغربة في بلدهم بسبب اللاجئين، كما أعرب 58% عن مخاوفهم من أن يؤثر تدفق اللاجئين بالسلب على أنظمة الضمان الاجتماعي.
أجرت الاستطلاع مؤسسة "بيرتلسمان" الألمانية خلال كانون أول/ديسمبر الماضي. وشمل الاستطلاع 11410 مواطن في كافة دول الاتحاد الأوروبي.
من جهة اخرى تتوقع الحكومة الألمانية أن يصل إلى ألمانيا خلال العام الجاري نحو 500 ألف لاجئ.
وذكرت صحيفة "راينيشه بوست" الألمانية الصادرة امس الثلاثاء استنادا إلى مصادر إدارية حكومية أن رئيس الهيئة الاتحادية للهجرة وشؤون اللاجئين فرانك-يورجن فايزه تلقى من وزير الداخلية الألماني توماس دي ميزير توجيهات بإعداد هيئته لتدفق 500 ألف لاجئ إضافي خلال العام الجاري.
يذكر أن نحو مليون لاجئ وصلوا إلى ألمانيا العام الماضي.