تم الاتفاق خلاله على تجميد حجم إنتاج النفط.. اقتصاديون: اتفاق الدوحة رسالة قوية للسوق.. لكنه غير كاف

مؤشر الأربعاء ١٧/فبراير/٢٠١٦ ٢٣:٢٥ م
تم الاتفاق خلاله على تجميد حجم إنتاج النفط..


اقتصاديون: اتفاق الدوحة رسالة قوية للسوق.. لكنه غير كاف

مسقط-

اتفقت كل من السعودية وروسيا وقطر وفنزويلا على تجميد إنتاج النفط عند سقف يناير الفائت شرط التزام الدول الكبرى المنتجة للنفط بالقرار، وذلك بعد اجتماع عقد في الدوحة أمس. ويعد اللقاء الأول من نوعه الذي يجمع منتجين من داخل أوبك وخارجها. على أن تعقد اجتماعات اليوم مع كل من إيران والعراق لعرض الاتفاق عليهما.

اتفاق ناقص

ويقول الخبير الاقتصادي د.جمعة الغيلاني لـ«الشبيبة» إن الاتفاق الذي تم الإعلان عنه يبقى ناقصاً لأنه لا يرتقي إلى الاقتراح الذي طرحته السلطنة من خلال وزير النفط والغاز معالي د.محمد الرمحي، والذي أعلن عن استعداد السلطنة إلى خفض إنتاج النفط من 5 إلى 10 في المئة لوقف التدهور في الأسعار، داعياً الدول النفطية إلى اتخاذ الموقف نفسه لمعالجة مشكلة السوق التي باتت تعاني من تخمة في الإنتاج.
لكنه أضاف «أن اجتماع هذه الدول يوجه رسالة قوية إلى السوق النفطية العالمية. معتبراً أن من شأن الاتفاق أن يحقق انتعاشاً لأسواق النفط لا سيما أن تلك الدول هي من الأكثر تأثيراً على الساحة النفطية العالمية».
لكن الغيلاني اعرب عن خشيته ألا يحقق الاتفاق الارتفاع الكبير المرجو، بسبب وفرة العرض في السوق على حساب الطلب، خصوصاً وأن الدول عملت في الفترة السابقة بأقصى طاقاتها لزيادة الإنتاج لتعويض الخسائر التي منيت بها، بل أن دولاً من أوبك ساهمت وللمرة الأولى في إغراق السوق».

السلطنة مستفيدة

ويؤكد الغيلاني أن «السلطنة ستكون من الدول المستفيدة من هذا القرار لا سيما أنها كانت من الدول الأولى التي قدمت مبادرة لمعالجة الانخفاض الكبير في الأسعار، مؤكداً أن موقف السلطنة لم يكن استثنائياً فهي عملت في ثمانينيات وتسعينيات القرن الفائت على الجمع بين الدول المنتجة للنفط من داخل أوبك وخارجها لدعم أسعار النفط آنذاك، وذلك بالتنسيق مع دول المجلس التعاون الخليجي في أوبك أي الإمارات والكويت وقطر والسعودية». مشيراً إلى أن القرار لا يخدم السلطنة فقط بل كل الدول المصدرة للنفط لا سيما أنها تواجه أزمة كبيرة بسبب اعتمادها الكبير على إيرادات النفط لتمويل إنفاقها».

تأثير مباشر

وما أن تم الإعلان عن إقامة الاجتماع حتى أرتفع سعر خام برنت 6 في المئة، غير أنه خسر مكاسبه عندما تم الإعلان عن مضمون الاتفاق نفسه بسبب حذر الأسواق من عدم قدرة الاتفاق على تحقيق تأثير كبير في أوضاع السوق الحالية.
إذ يبقى أي تأثير محتمل للاتفاق رهناً بموقفي كل من إيران والعراق الذي من المفترض أن يتبلور اليوم.

لا حل جذرياً

لكن لا يمكن الحديث عن حل جذري لأزمة أسعار النفط إذا لم تتوصل الدول الأساسية المنتجة إلى قرار بخفض الإنتاج كما بادرت السلطنة، بدل الاكتفاء بتجميده عند حدود معينة.

وهذا ما زال مستبعداً لأسباب عدة، فالمملكة العربية السعودية تسعى إلى الحفاظ على حصتها في السوق وتعد ذلك أهم من رفع أسعار النفط رغم الضرر الذي يسببه انخفاض الأسعار على اقتصادها، فهي تحاول أن تخرج النفط الأمريكي عالي التكلفة من المنافسة، خصوصاً أن النفط المستخرج من الصخور يعد المنافس الأساسي لنفطها وأدى إلى استغناء الولايات المتحدة عن النفط العالمي.
وبعد اجتماع الدوحة أمس صرّح وزير النفط السعودي علي النعيمي عن أن الاقتصاد السعودي قادر على التأقلم مع أسعار النفط الحالية.
وكذلك فإن روسيا لم تكن متحمسة لخفض الإنتاج لا سيما أنها تعاني من تباطؤ اقتصادي تفاقم بعد وضع عقوبات اقتصادية عليها من قبل الاتحاد الأوروبي بسبب الأزمة الأوكرانية، وكانت روسيا قد صرحت أن نفطها قادر على المنافسة أياً كانت أسعار النفط العالمية.
شروط إيران

وكانت إيران قد استبقت لقاء اليوم عندما أعلن مسؤول رسمي أمس أن بلاده مستعدة لتجميد حجم الإنتاج لكن عند مستويات إنتاجها ما قبل وضع العقوبات عليها. ذلك بسبب سعيها إلى استعادة حصتها من السوق النفطية بعد رفع العقوبات عنها، وهي بدأت بالفعل بزيادة إنتاجها حتى أنها سلمت قبل أيام نحو 4 ملايين برميل من النفط لشركات أوروبية جديدة، خلال 24 ساعة فقط، وهو ما يعد تطوراً كبيراً في حجم إنتاجها. وتحتاج إيران إلى نحو ستة اشهر لتستطيع العودة إلى حجم إنتاجها قبل العقوبات وذلك لأسباب تقنية، وهي تقوم بتوقيع اتفاقات لتصدير كميات أكبر من النفط في الأشهر المقبلة.
وتعتمد إيران على خطة جديدة للاستثمار الأجنبي داخل بلادها لتتأقلم مع أسعار النفط العالمية.

العراق والأزمة الاقتصادية

وبدوره يعاني الاقتصاد العراقي من مشكلات عدة، بل يمر بأزمة هي الأشد منذ سنوات طويلة، إذ أد الانهيار الكبير بأسعار النفط إلى تحقيق عجز كبير ونقص في السيولة. لا سيما أن ذلك ترافق مع تكلفة الحرب المرتفعة وخروج عدد من حقول النفط عن سيطرة الحكومة، فضلاً عن أن حكومة العراق تحتاج إلى سيولة كبيرة لتستطيع إطلاق عملية إعادة الإعمار في مدن كبيرة كالرمادي بعد الحرب التي دمرت معظم أحيائها.

وعمد العراق في شهر ديسمبر الفائت إلى رفع إنتاجه من النفط إلى مستويات قياسية لتعويض الخســـائر الكبيرة التــــي مني بها الاقتصاد نتيــــجة تدهور أسعار النفط.

وبالإضافة إلى العراق وإيران ثمة الكثير من الدول التي لديها خطط لزيادة الإنتاج في الأشهر المقبلة، ومن بينها المكسيك ومجموعة الدول الإفريقية التي تعاني من مشكلات اقتصادية كبيرة.

الالتزام بالاتفاق

غير أن د.جمعة الغيلاني اعتبر أن من مصلحة «كل الدول الالتزام بالاتفاق ولو كان يضرها اقتصادياً وذلك لأسباب سياسية قبل أن أي شيء آخر، لأن النفط سلعة استراتيجية وليس من مصلحة أي الدولة الخروج على التوجهات الدولية الكبيرة في هذه القضية. موضحاً أن انخفاض أسعار النفط كانت له أسباب سياسية أيضاً وصراعات بين الدول المؤثرة من أوبك وخارجها، وما أن اجتمعت هذه الدول ومن بينها روسيا والسعودية على طاولة واحدة فإنها توجه رسالة لدول العالم لا يمكن تجاهلها».
يشار إلى أن السلطنة أطلقت مبادرتها الشهيرة لإعادة الاستقرار إلى أسعار النفط في الشهر الفائت بحسب تصريحات وزير النفط والغاز معالي الدكتور محمد الرمحي.