ستريف ماسييوا
ريتشارد برانسون
رغم تطورها الاقتصادي المثير للإعجاب في السنوات الأخيرة، لا تزال أفريقيا عاجزة عن إحراز التقدم المنشود في ما يخص الطاقة، إذ يفتقر ما يقرب من ثلثي مواطني القارة إلى الكهرباء. في حين يبقى الحصول على مزيد من الطاقة لفائدة السكان هدفا مهما، لكن توسيع شبكات الكهرباء مكلف وبطيء. وفي الوقت نفسه، قد لا تكون الخيارات خارج الشبكة كافية لتلبية احتياجات الناس. ولِحسن الحظ، هناك نهج ثالث يمكن أن يساعد على سد الثغرات: الشبكات الكهربائية الصغيرة.
الشبكات الكهربائية الصغيرة هي أساسا شبكات محلية تزود العديد من الناس بالكهرباء، سواء الأسر أو الشركات. ويمكن أن تكون متصلة بالشبكة الرئيسية، لكن ذلك ليس ضروريا. وكما يظهر تقرير جديد من فريق التقدم في أفريقيا (الذي كان أحد المؤلفين عضوا فيه) -وكما يؤكد تقرير آخر من معهد روكي ماونتن- الشبكات الكهربائية الصغيرة هي جزء مهم من إنتاج الطاقة في أفريقيا.
يمكن أن تكون للشبكات الصغيرة ميزة تنافسية كبيرة على امتداد الشبكة في المناطق الريفية والنائية، لأنها توفر الكهرباء بسرعة أكبر وبتكلفة أقل بكثير. ونظرا لأن الشبكات الصغيرة تتطلب استثمارات رأسمالية أقل من توسيع الشبكة، فمن الأسهل تأمين التمويل لها، مما يعني أنها تستطيع تزويد الأهالي بالكهرباء التي قد تضطر إلى الانتظار سنوات لولوج الشبكة الأساسية.
وللشبكات الصغيرة أيضا ميزة واضحة على أنظمة خارج الشبكة: توليد طاقة أكبر. فعلى سبيل المثال، تتطلب الآلات الزراعية المحسنة للإنتاجية على قدر أكبر من الطاقة مما يمكن أن توفره النظم المنزلية خارج الشبكة.
وعلاوة على ذلك، يمكن استخدام الشبكات الصغيرة لزيادة قدرة نظم الكهرباء الحالية. ويمكن أن يؤثر انقطاع التيار الكهربائي عن الشبكة الرئيسية على عدد كبير من الشركات والأسر، ومن الصعب استعادة الخدمات بسرعة. كما يمكن للشبكات الصغيرة ضمان توفر المستهلكين على الطاقة عندما تعاني الشبكة من انقطاع الكهرباء.
ورغم هذه الفوائد، فإن مساعدة الشبكات الصغيرة في التصدي لتحدي الطاقة في أفريقيا لم تُستغل بعد. ويتزايد الاعتماد على الشبكات الصغيرة بوتيرة أبطأ مما هي عليه في مناطق أخرى في العالم، إذ يرجح أن تنجز أفريقيا نظم خارج الشبكة. وتتمثل إحدى العقبات في عدم وجود نماذج أعمال تجارية مثبتة وأشكال كافية ومناسبة من التمويل. وغالبا ما تكون السياسات غير ملائمة، مع افتقار العديد من المنعشين والمستثمرين والعاملين إلى المعرفة والخبرة المطلوبة. لكن هذا الوضع يمكن أن يتغير. في ظل خطة الأمم المتحدة للتنمية المستدامة التي تستهدف على نحو طموح الحصول الشامل على الطاقة بحلول العام 2030، يولي صانعوا السياسات مزيدا من الاهتمام للكهربة، وتوفر مؤسسات التمويل الإنمائي والشركاء مزيدا من التمويل. وفي الوقت نفسه، تعرف تكلفة الطاقة المتجددة انخفاضا ملحوظا، أما كفاءة الطاقة فهي آخذة في التحسن، لتوليد المعدات وأيضا ليتم تشغيل الآلات، وتقوم تكنولوجيات رقمية مبتكرة بتسهيل إدارة خدمات الكهرباء.
إن الشبكات الصغيرة حل مناسب تماما لهذا الوضع. وكما هو عليه، فإن الشبكات الصغيرة في أفريقيا هي في الغالب عبارة عن أنظمة ديزل أو طاقة مائية. ومع ذلك، يمكن للشبكات الصغيرة -التي تقوم بذلك على نحو متزايد- أخذ شكل أنظمة الطاقة الشمسية الكهروضوئية والهجين، نظرا لأن النظم الهجينة واعدة بشكل خاص. وتتعرض أنظمة الديزل لخطر انقطاع إمدادات الوقود أو زيادة التكاليف، في حين أن توليد الطاقة المتجددة يمكن أن يختلف وفقا للطقس والموسم. وتساهم الأنظمة الهجينة التي تجمع بين الديزل مع الطاقة الشمسية أو طاقة الرياح في تخفيف هذه المخاطر.
وتتميز الشبكات الصغيرة بالمرونة أيضا، إذ إنها قد تكون أو لا تكون متصلة بالشبكة الوطنية. ويمكن تشغيلها من قبل القطاع الخاص أو من قبل الخدمات العمومية على أساس مجتمعي أو وفقا لنموذج القطاعين العام والخاص. ويمكنها بيع الكهرباء للمستهلكين بالتجزئة، وللمرافق العمومية، أو كليهما.
فكيف يمكن للحكومات الأفريقية أن تستفيد من إمكانات الشبكات الصغيرة للمساعدة في توسيع نطاق الحصول على الطاقة؟ وكما بينت التجربة الأخيرة في الولايات المتحدة، فإن اعتماد الابتكارات التقنية، ولاسيما أدوات الإدارة الرقمية، يجعل الشبكات الصغيرة أكثر فعالية من حيث التكلفة.
وتؤكد التجربة في الولايات المتحدة، وكذلك في آسيا، أهمية السياسة والقوانين الحكومية المناسبة، بما في ذلك الإعانات المالية. ويتمثل التحدي، بالطبع، في أن تقوم كل حكومة أفريقية بتصميم إستراتيجية شبكة صغيرة حول الخيارات والنماذج الملائمة محليا. وهذا يعني وضع تعريفات مناسبة وإطار متماسك من اللوائح التقنية والمالية والإجرائية. كما يتطلب بناء المهارات والقدرات اللازمة في القوى العاملة.
ستريف ماسييوا: مؤسس ورئيس إكونيت اللاسلكية
ريتشارد برانسون: مؤسس مجموعة فيرجين ومستثمر