عندما تتحول الأحلام إلى آلام

مقالات رأي و تحليلات الأحد ١٨/يونيو/٢٠١٧ ٠٤:٠٠ ص
عندما تتحول الأحلام إلى آلام

علي بن راشد المطاعني

وردت إليّ رسالة من مواطنة اشترت شقة في أحد أحياء محافظة مسقط، بنظام البيع تحت «البناء» أو ما يسمى البيع على الخرائط، أو على الورق، وذلك في عام 2007، وإلى الآن لم تحصل على الشقة للأسف! على الرغم من تسديدها لقيمة الشقة منذ عشر سنوات، وحكمت لها المحاكم بامتلاك الشقة، إلا أن الحكم لم ينفذ، وهو ما يطرح تساؤلات حول آليات التنفيذ لمثل هذه الإشكاليات وانعكاساتها على القطاع العقاري الذي يعد أحد المرتكزات الاقتصادية والاستثمارية المهمة في البلاد، الأمر الذي يطرح ضرورة وأهمية تنظيم هذا الجانب من خلال أنظمة تمنع منعا باتا البيع على الخرائط.

فالمحاكم تعج بمثل هذه القضايا الناتجة عن البيع الوهمي وتداعياتها على الناس وتأثيرها المدمر للسوق العقاري في السلطنة.

أما حكاية صاحبة الشكوى مع شقتها الهوائية والتي لم تلامس الأرض بعد فمأساوية بحق، ذلك أن صاحب العقار الذي باع شقة الضحية على الورق كان قد باع البناية كلها لشخص آخر، وبالطبع قبض الثمن عدا ونقدا، تاركا خلفه المشترين للشقق البالغة 24 شقة لمصيرهم المحتوم في باحات المحاكم بحثا عن حقهم وعن مالهم الذي ضاع سدى في متاهات الخداع والاحتيال، وبذلك تم رسم صورة قاتمة الملامح وسوداء بتفاصيلها وجزئياتها وتعبر عن واقع مأساوي تماما وصل إليه بعض التجار الذي دلفوا لسوق العقار بعد أن فقدوا الوازع والضمير.
هم امتهنوا هذا الضرب من التحايل في الجمعيات التعاونية وفي بيع السيارات واكتسبوا خبرات لا يستهان بها في الإيقاع بالضحايا.
فهذه المرأة الضحية بذلت كل مدخراتها وعلى مدى سنوات طوال لتحقيق أمنية حياتها بامتلاك شقة العمر في أحد أحياء مسقط، ثم تجد أن حلمها الجميل قد تم بيعه وبقيت مستندات الشراء في يدها كذرات رماد لا أكثر.
بالطبع نحن لا نعفي المواطنة وغيرها من المواطنين الذين وقعوا في شباك هؤلاء المحتالين المحترفين من المسؤولية، إذ هم لم يأخذوا بأسباب الحيطة والحذر والتأكد والتيقن من مصداقية البائع، لكن وفي المقابل نلوم الجهات المختصة بالتنظيم العقاري في كيفية سماحها بالبيع على الخرائط، وتلك الخرائط غدت المصيدة الأكثر جاذبية لاصطياد الضحايا، فالخرائط في حد ذاتها أعدت باحترافية توحي بالمصداقية بل توحي بالصدق كله.
نأمل من الجهات المختصة أن تتابع تفاصيل قضية هذه المواطنة وغيرها ممن صودرت أحلامهم بقسوة وحرموا من نعمة التطلع لحياة كريمة في ظل مسكن ملائم، وبالتالي لابد من استئصال هذه الظاهرة من جذورها عبر القانون الرادع والحازم والحاسم.