مسقط - سعود بن سعيد المعولي
القطاع العقاري من القطاعات المهمة لتحريك اقتصاد السلطنة بمستوياته المختلفة، إذ يعد هذا القطاع مصدراً بديلاً للنفط لتنويع مصادر الدخل، غير أنه يعاني من مشاكل عدة لاسيما مع وجود وفرة في المعروض وتقلّص في الطلب.
وتمتلك السلطنة أهم المقومات الجاذبة للاستثمار العقاري، نظراً للموقع الاستراتيجي الذي تتمتع به إضافة إلى قدرتها على الجذب السياحي واستحداث بعض القوانين لتسهيل الإجراءات بالتزامن مع سياسة توجيه الإنفاق، وتوفير البيئة الاستثمارية الجيّدة.
يقول رئيس الجمعية العقارية سعادة محمد بن سالم البوسعيدي: «إن القطاع العقاري هو قطاع داعم للقطاعات الاقتصادية الأخرى سياحية كانت أو تجارية كقطاع التجزئة والقطاع اللوجستي أو الصناعي، فالقطاع العقاري يغطي سائر القطاعات بما تحتاجها من المنشآت، كذلك من جانب آخر هو معني بتوفير السكن للمواطنين والمقيمين على السواء».
ويضيف البوسعيدي: «العرض حالياً كبير في بعض المنتجات العقارية وهو أكثر من الطلب والسبب هو تراجع الاقتصاد خلال الفترة السابقة بسبب تراجع أسعار النفط وتحديداً في المحافظات الكبيرة سكانياً، وكذلك في قطاع المكاتب فقد قلّص الكثير من المقاولين حجم المشاريع ما ساهم في تقليل العرض».
ويعتبر البوسعيدي أن هذه المرحلة دورة اقتصادية عادية، إذ في كل فترة يحدث أن يكون العرض كبيراً والطلب أقل، لكن من المتوقع أن يتوافق العرض مع الطلب مع نهاية العام، إذ نأمل أن يعود الطلب على القطاع العقاري بشكل عام.
ويقول سعادته: إن المطلوب في المرحلة الحالية التركيز على منتجات عقارية قد تكون هناك حاجة إليها، أو نقص فيها وليس فقط القطاع الإسكاني أو قطاع التجزئة. ويعتبر أن بعض المناطق أو المحافظات ما زالت بحاجة إلى توفير المنتجات العقارية، لذلك من الواجب معرفة الحاجة الحقيقية للسوق قبل الشروع بالاستثمار، سواء من ناحية النوع أو الموقع للاستثمار العقاري.
وعن أفق القطاع يؤكد «أن الاستثمار العقاري يهدأ أحياناً ولكن ما يلبث أن يعود من جديد وينشط لمواكبة الحاجة لها من جانب تحرك الاستثمارات أو الحاجة لها للسكن»، ويوضح أن قطاع الإنشاءات يعتبر قطاعاً مكملاً للقطاعات الأخرى، فإذا كان هناك نمو اقتصادي فسوف يصاحبه انتعاش لقطاع الإنشاءات».
وعمّا يحتاجه القطاع للنمو يقول: «ما نحتاجه في الفترة الحالية هو إدخال التقنية في قطاع الإنشاءات للتخفيف من حجم الأيدي العاملة الكبيرة واستخدام المكننة وهذا يعد توفيراً للمال وكذلك للوقت وللجهد، وهناك تقنيات كبيرة في كثير من دول العالم مطلوب من شركات المقاولات الاستفادة منها وإدخالها في السلطنة لمواكبة التطور وكذلك سرعة تنفيذ المشاريع وجودتها وقلة التكلفة».
التملّك للمقيمين
أما فيما يخص موضوع السماح للمقيمين بالتملّك العقاري خارج المجمعات السياحية المتكاملة، يعتبر سعادته أن الموضوع طُرح أكثر من مرة ومن أكثر من جهة، ويقول: «لا شك أن أي قرار من هذا النوع قد تكون هناك إيجابيات وكذلك قد تكون له سلبيات، ولكن بشكل عام أؤكد أن الهدف ليس فتح المجال لجميع الوافدين ولكن مَن هم فعلاً مقيمون داخل السلطنة ويعملون في السلطنة ولديهم دخل من أعمالهم، فالهدف الأساسي هو الاستفادة من دخل العاملين في السلطنة أو جزء منه يبقى في السلطنة بدل الإرسال أو تحويلها إلى خارج السلطنة وهي مبالغ كبيرة جداً». ويضيف: «بحسب إحصائيات العام 2016 بلغت التحويلات أكثر من 4 بلايين ريال عماني والسبب الرئيسي أن المقيم ليس لديه مجال للاستثمار داخل السلطنة وإبقاء هذه السيولة داخل السلطنة، بينما إذا فتحت لهم إمكانية الاستثمار العقاري أو شراء وحدات سكنية خارج المجمعات السياحية المتكاملة فسوف يفتح لنا فرصه لإبقاء هذه المبالغ في السلطنة على أن يكون ذلك وفق ضوابط من حيث الأماكن المسموح بها لذلك النوع من التملك كذلك من ناحية قيمة هذه الوحدة السكنية». ويعتبر أن التملك للمقيمين الوافدين يجب ألا يكون في الأراضي ولكن للوحدات السكنية كالشقق وفي مناطق محددة، «وبالتالي لن يكون له تأثير مباشر على المواطن من حيث التخوف من ارتفاع قيمة العقار أوغيرها ولكنه سيفتح المجال لتحريك العقارات الموجودة حاليا والمعروضة بشكل كبير والسماح للسيولة للبقاء في السلطنة».
بدوره يقول أحمد بن يعقوب العبيداني، وهو من الناشطين في قطاع المقاولات: إن القطاع العقاري واعد في السلطنة، وهو مرتبط بالتوسع العمراني الذي تشهده السلطنة، بالإضافة إلى أنه ينشط بالنمو والازدهار في جوانب أخرى كالتطور في الجانب السياحي والتجاري والصناعي واللوجستي، جميع هذه القطاعات تمكن قطاع الإنشاءات من الانتعاش اقتصاديا.
ويعتبر العبيداني أن المعروض في السوق هو جيد إلى حدّ ما، ولكن لتفادي التخمة في العرض يجب تفعيل أنشطة أخرى في السلطنة، ويجب أن تعمل الحكومة والقطاع الخاص جنبا إلى جنب في تنشيط الجوانب الأخرى المرتبطة بالنمو العمراني وتنمية الاستثمارات في السياحة والصناعة والتجارة والخدمات اللوجستية والمناطق الحرة والتملك الحر، وإعطاء الحيوية لهذا القطاع ليستمر في النمو، ويواصل أحمد حديثه بالقول: إنه يجب مراعاة النقاط في مسألة العرض والطلب حتى نتمكن من الحكم على استمرارية الربح، أما عن التحديات التي تواجه المقاولين أوضح العبيداني أنه في ظل انخفاض المشاريع الإنمائية الحكومية بسبب أزمة النفط، والتطورات السياسية في المنطقة، هناك تأثر في قطاع الإنشاءات والقطاعات الأخرى المرتبطة بها، بالإضافة إلى ارتفاع استخراج التصاريح وفرض المزيد من الرسوم على قطاع الإنشاءات ونقل التملك، والخوف من الاستثمار في هذا القطاع، والترقب من مستقبل قطاع الإنشاءات وغيرها من العوامل التي تشكل تحديا صارخا ومعوقا للنهوض والتطوير لهذا القطاع الحيوي.
ويعتبر العبيداني أن هناك نقاطا عدة من شأنها تطوير القطاع والتشاور بين الجهات الحكومية والقطاع الخاص والتفكير معا من أجل إيجاد الحلول، ويجب أيضا أن يدرك القطاع الخاص قوة الأزمة العالمية والتنازل في حدود المعقول عن بعض السلوكيات السائدة سابقا، وتحديث الخبرات التي تساعد في بقاء النمو في قطاع الإنشاءات فضلاً عن عدم فرض رسوم غير مبررة أو غير واقعية في استخراج التصاريح، وتسهيل الاستثمارات وإيجاد شراكات محلية وأجنبية من خلال فتح الاستثمار الأجنبي في حدود معينة.