مسقط –
أوضحت أخصائية برامج وتوعية مجتمعية بوزارة التنمية الاجتماعية نقاء بنت جمعة اللواتية أن «الترابط الأسري» يقصد به أن تكون العلاقة بين الأبوين أو الزوجين قائمة على أسس سليمة ومن ثم تنتقل هذه العلاقة إلى الأبناء؛ إذ تنشأ هذه العلاقة على الحوار والتسامح والإشباع العاطفي والسكينة والاطمئنان بين أفراد الأسرة، وتعتمد على أسس تحمّل المسؤولية ومعرفة الحقوق والواجبات وتطبيقها؛ بمعنى تطبيق حقوق كل من الآباء على الأبناء وحقوق الأبناء على الآباء، وواجبات الآباء على الأبناء وواجبات الأبناء على الآباء.
وقالت اللواتية: نحن نحكم على أسرة ما بأنها «مترابطة أسرياً» من خلال أمور عدة منها أن يسود بين أفرادها جو من الحب والوئام الأسري، وسؤال الأبناء عن آبائهم في حال غيابهم، ورغبة الجلوس معهم، وأيضاً قيام الأسرة بالتشاور والمحاورة من أجل اتخاذ القرارات كأخذ الآباء لآراء أبنائهم واستماعهم إليها، وسيادة الاحترام والتقدير بين أفراد الأسرة، وإشاعة جو يمارس فيه الأب اللعب مع أبنائه والتنزه معهم.
وأكدت أن شهر رمضان الفضيل خلال أيامه التي تستمر لنحو 30 يوماً بروحانياته والطقوس المرتبطة به، يساعد على تدريب الأسر على المهارات والعادات التي تزيد من «الترابط الأسري»، فعندما يمتنع الأب أو الأم عن الأكل والشرب لساعات فإن في ذلك تدريباً لهم لتطوير مهاراتهم التربوية في التعامل مع الأبناء والامتناع عن أساليب العنف والصراخ والضرب مثلاً، كما أن اجتماع العائلة في وقت الإفطار والسحور ومعايشتهم لأجواء وقت السحر وأداء سنة قيام الليل وقراءة أجزاء من القرآن الكريم والأدعية النبوية وإقامة حلقات الذكر، ومشاركة الزوج زوجته في إعداد مائدة السحور حتى وإن كانت خفيفة، يساعد على الترابط الأسري، بالإضافة إلى الحرص على صلة الأرحام في شهر رمضان كتشجيع الأبناء للتواصل مع الجد والجدة والعم والعمة وغيرهم، والحرص على إفطار العائلة والجيران، وكل ذلك يُوجِد لدى الأبناء حافزاً عندما يرون آباءهم يتعاملون بهذه الطريقة ويشجع على تقوية الترابط الأسري فيما بينهم. وأشارت نقاء اللواتية إلى أن شهر رمضان هو شهر التزوّد والتدرّب على فعل الخيرات لما بعده، وكل ذلك يعتمد على ماذا يريد كل صائم أن يكتسبه من هذا الشهر، وهنا نرشد الآباء والأمهات ونوعيهم بألا يكون شهر رمضان شهراً عابراً كغيره من الأشهر، لذا لا بد من التخطيط السليم حول المهارات التي يود اكتسابها ويراد منها أن تبقى ثابتة لما بعد شهر رمضان، والعمل على مراجعة الخطة التي وضعت لأجل زيادة الترابط الأسري، ولا ضير أن يطلب الآباء من أبنائهم تنبيههم بالأفعال التي تناقض أو تعاكس أقوالهم، بمعنى تبادل التوجيه والتذكير بين الآباء والأبناء، وعندما يذوق الأبناء طعم الحب والحنان والرفق وحسن الخلق طوال شهر رمضان فإن الأبناء لا يرضون بجو آخر غير هذا الجو.
وفيما يتعلق بتأثير وجود فرد من أفراد الأسرة في مكان ما بحكم العمل أو الدراسة على مفهوم «الترابط الأسري»، ذكرت أخصائية البرامج والتوعية المجتمعية أن لذلك علاقة بقيمة الترابط الأسري لدى الأسرة نفسها، فإذا كان موضوع «الترابط الأسري» يمثل قيمة عليا لدى أفراد الأسرة وهذه القيمة غرست منذ الطفولة في نفوس الأبناء وكان رصيدهم في الجانب العاطفي والترابط الأسري منذ الطفولة ومنذ الصغر يمثل قيمة وأساساً في علاقتهم، فإن الفرد من هذه الأسرة إن ذهب إلى آخر مكان في العالم فإنه يكون حريصاً كل الحرص على التواصل مع أسرته، وهناك أسر استفادت من التكنولوجيا وتطبيقات الاتصالات شبه المجانية في هذا الجانب، والحرص من خلالها على التواصل مع أفراد الأسرة ومشاركتهم الالتزامات الأسرية، وتشجيع الأبناء على فعل الخيرات حتى وإن كانوا بعيدين عنها، وحثهم على الصلاة والصيام وأعمال والخير، فتبقى جوانب التربية والتوجيه مستمرة ومحاطة بجو من الحب والحنان والعطف والرفق والوئام، وبالتالي استمرار الترابط داخل هذه الأسرة.
وكما أوضحنا فإن الصوم ليس مبرراً لكي يفقد الآباء أعصابهم، كالأب الذي يرجع من العمل ويغضب ويفقد أعصابه تجاه أبنائه الذين يصدر منهم الضجيج الذي يسببه لعبهم أثناء فترة إجازتهم مثلاً، وبالتالي فإن سلوك الأب الغاضب سينعكس على أبنائه لاحقاً ويتقمصوا ذات السلوك، لذلك كلما أحسن الأب في سلوكه وكان ذا خلق جميل في صيامه فهذه مهارة كي يدرّب نفسه وأبناءه عليها في شهر رمضان ليستمروا على ذات الخلق في الأشهر الأخرى.
وتحدثت نقاء بنت جمعة اللواتية عن مقومات الأسرة الناجحة والمتمثلة في السكن النفسي والمودة والرحمة، وفي شهر رمضان تكون فيه النفوس مطمئنة وتعيش حالة من الروحانية والسكينة، وجميل جداً إذا كانت هناك خلافات ومشاحنات أسرية أن يستثمر الزوجان بركات شهر رمضان وفضائله وهذه السكينة التي تنتابهم لإعادة المياه إلى مجاريها وحل الخلافات القائمة بين الأب وأبنائه، وبين الزوج وزوجته، وبين الأم وأبنائها، والأسر مع بعضها البعض، وفرصة لإشاعة جو من المودة والرحمة في الأسرة. واختتمت أخصائية برامج وتوعية مجتمعية نقاء بنت جمعة اللواتية حديثها بالإشارة إلى جهود دائرة الإرشاد والاستشارات الأسرية بوزارة التنمية الاجتماعية في تنفيذ البرامج التوعوية للمجتمع كتنظيم المحاضرات واللقاءات التي تتناول مواضيع تربية الأبناء والترابط الأسري وإشباع الحاجات العاطفية وكيف تتهيأ الأسر لاستقبال شهر رمضان ومواضيع أخرى، وكذلك اللقاءات المستمرة في الإذاعة والتلفزيون والصحافة ووسائل التواصل الاجتماعي المختلفة لتحقيق الهدف نفسه.