مزارع ملوثة

مقالات رأي و تحليلات الأربعاء ١٧/فبراير/٢٠١٦ ٠١:١٠ ص

ناصر بن سلطان العموري

من منكم يعلم ما حصل لبعض مزارع منطقة الرسيس بولاية إزكي في محافظة الداخلية من تلوث نفطي بيئي خطير، فالقضية لمن لا يعلم تعود لأكثر من 30 سنة مضت ولكن الأمر استفحل وبدأ في الازدياد خلال الفترة الفائتة حين قل منسوب المياه وبدأ الاعتماد على المياه الجوفية التي بدل أن تأتي بالماء الزلال إذ بها تأتي بخليط داكن بين الماء والنفط. والصور بشعة لمن رآها على مواقع التواصل الاجتماعي.

وتعود حيثيات ظهور المشكلة كما يسردها أصحاب المزارع أنفسهم حينما كانت شركة تنمية نفط عمان تقوم بتنظيف أنبوب خط نقل النفط القادم من حقول النفط بمحافظة الوسطى والمتجه لمحافظة مسقط والمار بالقرب من المزارع بإلقاء مخلفات التنظيف بحفره كبيرة بوادي حلفين المجاور طبعا لآبار المزارع والمغذي لها. وفيما أحسب ظلت الشركة لفترة طويلة تقوم بنفس العملية دون حسيب ولا رقيب ولا حتى ذمة وأمانة من قبل الشركة التي من المفترض أنها أول من يطبق ويراعي معايير الحفاظ على البيئة كونها شركة كبرى وتتعامل مع مشتقات نفطية غاية في الخطورة. والسؤال: هل عجزت الشركة وقتها عن التفكير في نقل المخلفات في حاويات مجهزة ونقلها لمكب نفايات خاص بمثل هذه الأمور أو أن تتخلص منها بطريقة ما لا تشكل خطراً على البيئة غير الطريقة البدائية سالفة الذكر بطمرها في حفرة، وهو ما أدى إلى ظهور مأساة بيئية مست وأثرت في الحجر والشجر والبشر؟

وعند اكتشاف أصحاب المزارع الأمر قدمت الشركة بعض الحلول إلا أنها كانت كذر الرماد على العيون فقط وليست حلولا جذرية تقنع الأهالي ليرضوا بها. في المقابل كان دور وزارة البيئة - وهي الجهة المختصة والمشرفة على نقاء ونظافة بيئة السلطنة - تنسيقيا ليس إلا، وهذا وما ورد على لسان الأهالي بين الشركة وأصحاب المزارع لإنهاء الموضوع بما يرضي المواطنين والنتيجة مماطلة الشركة بحلول لا تقنع ولا تغري المواطنين والوزارة لم تحرك ساكنا للضغط على الشركة للقضاء على التلوث النفطي الذي تسرب لآبار مزارع قد تصبح بلا جدوى نتيجة لعدم توفر مياه غير صالحة لا للشرب ولا للسقي ولا حتى للاستخدام. وكما قالوا “الماء أساس الحياة”، ومن حسن الحظ أن المنظمات الدولية المتخصصة بشؤون البيئة ومكافحة التلوث لم تعلم بالأمر وإلا لكان بلدنا على كل لسان، وأين؟ في مناطق بكر عذراء خالية من النشاط الصناعي. ومن المعلوم أن قضايا التلوث بالمشتقات النفطية تعتبر قضايا شائكة بيئياً وللتخلص منها نهائيا ينبغي التعامل معها والإعلان عنها من قبل الحكومات والشركات بكل شفافية وموضوعية. ولكن كيف إن كانت المصداقية والشفافية معدومة؟ فهنا يكمن اللغز.

إذن، من يدفع ثمن ما يعانيه أصحاب المزارع وهم قد بذلوا الغالي والرخيص عند شراء المزارع وتأهيلها وهي معرضة لأن تصبح مزارع خواء إذا لم يحل الأمر وتتدخل وزارة البيئة بشكل جاد وصارم لتمارس الضغط على الشركة النفطية لإيجاد حل نهائي بل حتى أن أصحاب المزارع لا يعلمون كميات الزيوت المختلطة مع المياه الجوفية ومدى تأثيرها على المدى البعيد من الناحية الصحية مستقبلاً بالنسبة للقاطنين من أصحاب المزارع.

الموضوع ليس بحاجة سوى للشفافية والوضوح من جانب وزارة البيئة والشركة النفطية والمصداقية في القول والفعل فمصلحة البلد يجب أن تكون فوق كل اعتبار في التخلص من هذا التلوث البيئي الخطير والاهتمام بمطالبات أصحاب المزارع وإيجاد حلول جذرية ناجعة ترضيهم، فهم المتضررون الآن دون سواهم. وأتمنى أن يجد هذا المقال صدى لدى الجهات ذات العلاقة لإنقاذ ما يمكن إنقاذه قبل فوات الأوان.

abusultan73@gmail.com