تهدف لتقويم سلوكيات صغار الموظفين مصر.. حملات إعلامية لمواجهة الفساد

الحدث الخميس ٠٨/يونيو/٢٠١٧ ٠٤:٤٥ ص
تهدف لتقويم سلوكيات صغار الموظفين 

مصر.. حملات إعلامية لمواجهة الفساد

القاهرة - خالد البحيري

للمرة الأولى، تدخل هيئة الرقابة الإدارية بمصر حملات التوعية الرمضانية بإعلانات تحت عنوان «لو بصينا في المراية هي دي البداية» للحد من الفساد، وخاصة العمليات التي يشارك فيها صغار الموظفين، بما يهدر البلايين سنوياً على خزينة الدولة ويضيّع وقت وجهد الأفراد.

وتعالج الحملة سلوكيات الموظفين وخاصة في الإدارات المحلية المعنية بالتعامل مع الجمهور مثل طلب رشوة من أجل إنجاز معاملات أو الحصول على توقيع، أو التراخي في المتابعة الميدانية، وإعطاء تقارير مغلوطة عن سير العمل، فضلاً عن تسهيل الاستيلاء على السلع التموينية المدعومة من الدولة.
أستاذة الاقتصاد التمويلي بالجامعة الأمريكية بالقاهرة د.ضحى عبدالحميد ترى أن الحملة تجسّد مواقف حقيقية يصطدم بها آلاف المواطنين يومياً، وقد تمت صياغتها بعناية شديدة وبصورة مركزة لكي توصل الرسالة الإعلامية وتحث المواطنين على المشاركة في مكافحة الفساد، الذي في الغالب لا يمكن لجهات التحقيق والضبط القضائي الوصول إلى كل حالاته؛ فهو فساد منظم ودقيق يصعب حصره، وبالتوعية يمكن أن يكون كل مواطن رقيباً في موقعه ويبلّغ عن الحالات التي تهدر حق المواطن في الحصول على الخدمة دون مساومة.
وأضافت: تخاطب الحملة أيضاً ضمير هؤلاء الفاسدين بأن ينظروا إلى أنفسهم في المرآة ليعرفوا حجم الجرم الذي ارتكبوه في حق أنفسهم قبل الناس، باستغلال نفوذهم ومواقعهم الوظيفية في الحصول على مكاسب أو أموال لا يستحقونها، وهو أمر يحتاج إلى بعض الوقت؛ لأن معظم هؤلاء ماتت ضمائرهم ويتعاملون مع المال العام على أنه بلا صاحب، وأن من حقهم ما يحصلون عليه، بل يبحثون في داخلهم عن مبررات تسكن «وخز الضمير» الذي يؤلمهم، وينبههم إلى مواطن الإجرام.
وقال مصدر رفيع المستوى بهيئة الرقابة الإدارية -فضّل عدم الكشف عن اسمه- إن الهيئة تتبع السبل المتاحة كافة من أجل مكافحة الفساد وتجفيف منابعه، سواء كان ذلك عن طريق الجهود التي يبذلها رجال الهيئة في تتبع وفحص ملفات مَن تحوم حولهم الشبهات أو تُقدم بحقهم بلاغات، أو عبر التوعية في وسائل الإعلام المختلفة، بالإضافة إلى المساهمة في تطوير البنية التشريعية والإدارية للجهاز الإداري للدولة لفصل مقدم الخدمة عن متلقيها، وميكنة هذه الخدمات لتقليل حجم الاحتكاك ما بين الموظفين والمواطنين.
وأضاف: إن اللجنة الوطنية التنسيقية للوقاية من الفساد ومكافحته قد حققت العديد من الإنجازات خلال الفترة السابقة في مجال الارتقاء بمستوى أداء الجهاز الحكومي والإداري للدولة وتحسين الخدمات الجماهيرية ومنها: قيام كل من وزارة المالية بالتعاون مع وزارة التخطيط والمتابعة والإصلاح الإداري بتصميم وتشغيل بوابة المشتريات الحكومية لنشر العمليات الشرائية كافة التي تطرحها الجهات الحكومية، وإخطار مستخدمي البوابة بالعمليات الشرائية المنشورة المرتبطة بطبيعة نشاطهم من خلال إرسال رسائل إلكترونية أو رسائل قصير SMS. مع إنشاء وميكنة مركزين للمعلومات بالنيابة العامة ووحدات تراخيص السيارات «المرور» وأرشفة ملفات رخص تسيير وقيادة المركبات وميكنة العمل بالعديد من نيابات المرور والدفع الإلكتروني للمخالفات -نظام فوري منتشر بأنحاء الجمهورية- عند تجديد رخص تسيير المركبات وتوصيلها لمنازل المواطنين في بعض المحافظات ويجري الاستكمال.
ويُضاف إلى ما سبق ميكنة وثائق الزواج والطلاق ونيابات الأسرة بالنيابة العامة.
من جانبه قال رئيس قسم الصحافة والإعلام بجامعة الأزهر د.محمد وهدان: الرسالة الإعلامية غير المباشرة تكون أسرع في أن تؤتي ثمارها، وهو ما تحقق في إعلانات الرقابة الإدارية، إذ تم اختيار الموضوعات بعناية، والشخصيات التي قامت بتجسيد المواقف من صميم المجتمع المصري، وموجود مثلها الآلاف في الجهاز الإداري، وبالتالي رد الفعل عليها، أن كل مواطن يشاهد الإعلان يتذكر موقفاً مشابهاً حدث معه أو مع قريب له.
كما أن اختيار التوقيت له دلالة حيث شهر رمضان المعظم الذي يتقرّب فيه الناس إلى الله ويتوبون من ذنوبهم ومعاصيهم، وهي فرصة لأن يراجع كل موظف سقط في براثن الرشوة والفساد نفسه وأن يتوب ويؤدي حق الله وحق المجتمع عليه، وأن يتحرى الرزق الحلال، وأن يقلع من تلقاء نفسه قبل أن تطوله يد العدالة ويتعرّض لفضيحة قد تؤثر على مستقبله الوظيفي وعلى سمعة أسرته.

احتفالية

في سياق ذي صلة بمواجهة الفساد استعرض رئيس هيئة الرقابة الإدارية المصرية محمد عرفان، آخر المستجدات في ملف إزالة التعديات على أراضي الدولة، مفيداً أن إجمالي ما أمكن حصره خلال الفترة من 16 حتى 31 مايو 2017 من الأراضي المُتعدى عليها على مستوى الجمهورية بلغ مليوناً و928 ألف فدان إضافة إلى 168 مليون متر مربع، وتم استرداد مساحة 919 ألفاً و458 فداناً بخلاف مساحة 771 ألف فدان أراضٍ مزروعة ومثمرة بنسبة إنجاز إجمالية قدرها 87 % من إزالة التعديات.

وأشار الوزير محمد عرفان، في كلمته باحتفالية إزالة التعديات على أراضي الدولة بمسرح الجلاء، إلى أن ما لم يتم استرداده من الأراضي بلغ مساحة 236 ألفاً و997 فداناً بنسبة 13 %، فضلاً عن 49 مليون متر مربع بنسبة 23 % من إجمالي المساحات المستهدف إعادتها، قائلاً: «في وقت قياسي تحدت إرادة أبناء الوطن ونفذت المهمة وأعادت للوطن أرضه وللشعب حقه».
وكان الرئيس المصري عبدالفتاح السيسي قد حضر أمس احتفالية إزالة التعديات على أراضي الدولة، بجانب رئيس الوزراء المهندس شريف إسماعيل وعدد كبير من الوزراء والمسؤولين.
وأكد السيسي، في تصريحات سابقة، أنه لا استثناءات على الإطلاق في إزالة أي تعديات على أراضي الدولة، ولا يوجد أحد فوق القانون.