أمننا الغذائي المباشر

مقالات رأي و تحليلات الاثنين ٠٥/يونيو/٢٠١٧ ٠٤:٥٥ ص
أمننا الغذائي المباشر

علي بن راشد المطاعني
ali.matani@hotmail.com

في الوقت الذي يفترض فيه أن نستورد متطلباتنا الغذائية والاستهلاكية من دول العالم مباشرة، مستفيدين من الموقع الإستراتيجي والجغرافي للسلطنة الذي نتغنى به، ومرتكزين على منظومة الموانئ التي شُيدت وكلفت بلايين الريالات، إلا إننا وللأسف فشلنا في استغلال هذه المقومات على ما يبدو حتى في استيراد الخضروات والفواكه، إلى أن جاءت أزمة المبيدات التي رفعت وعينا بأهمية الاستفادة من هذه المقومات، وما أحدثته من ردة فعل كبيرة وإيجابية في ذات الوقت، جعلتنا نتجه إلى الدول المنتجة للخضروات والفواكه مباشرة ولا نكتفي بالاستيراد عبر موانئ الآخرين.

إلا أن السؤال المطروح في هذا الشأن لماذا قراراتنا دوما عبارة عن ردود أفعال وليست نهجا أو منهجا إستراتيجيا مدروسا قائما على حتمية الاستيراد المباشر ومنذ سنوات مضت؟
وهل كنا في حاجة إلى أزمات لتجبرنا على التركيز والالتفات لمعضلة الاستيراد والتصدير بدلا عن ترانزيت الأسواق المجاورة، ثم أن السؤال الذي يقصم الظهر، هل استيراد خضروات وفواكه يحتاج إلى موانئ وسيطة فعلا؟
إن استيرادنا لنحو 75% من احتياجاتنا من السلع الأساسية والكمالية عبر ترانزيت الدول المجاورة فيه مجازفة كبيرة وخطيرة، من بينها هو أن يبقى أمننا الغذائي خاصة، بعيدا عن أيدينا هكذا ببساطة وبدون إسهاب!!
إن وزارة الزراعة والثروة السمكية يفترض أنها مسؤولة عن توفير احتياجاتنا الغذائية، وعليها أن تعمل بكل طاقاتها وإمكاناتها لتوفير هذه المستلزمات مباشرة من دول العالم وفتح آفاق للقطاع الخاص ليستورد بدون وسيط، فهل هي قائمة بهذا الدور مثل وزارة التجارة والصناعة والهيئة العامة للاحتياط الغذائي المسؤولتين عن توفير السلع الأساسية كالأرز والقمح والزيت والسكر وغيرها من المنتجات الغذائية على أقل تقدير.

‏فإذا تتبعنا دور وزارة الزراعة والثروة السمكية في تحقيق الأمن الغذائي، سنجد أننا نضع علامات استفهام عدة لا يتسع المجال لحصرها، إذ يكفي أننا نستورد من الدواجن 70 المائة من احتياجاتنا، ومن اللحوم 90 بالمائة، وتراجع القطاع الزراعي عبر تآكل المساحات الزراعية نتيجة لتحويل الأراضي الزراعية إلى سكنية سواء بمبررات أو بدونها في ساحل الباطنة خاصة، وسط صمتها المريب، واختفاء صناعة التمور، وتدهور تصدير البسور، وتجريف أسماك القاع من البحار إلى أن بتنا نستزرع الأسماك، على الرغم من أن لدينا 3400 كلم من الشواطئ، كل ذلك وغيره جعل أمننا الغذائي على كف عفريت كما يقال، فهل بعد هذا كله، لنا أن نفتخر بأي إنجاز إذا كانت أغلب متطلباتنا الغذائية مستوردة، ومعظمها من طرف غير مباشر.

بالطبع هناك نجاحات طبيعية لا ننكرها كزراعة المحاصيل الموسمية التي تكثر فيها الخضروات كالطماطم والخيار والبقدونس والجلجلان وغيرها من المنتجات التي لا تحتاج إلى جهد وزاري على ما أعتقد، أكثر من الفلاحة التقليدية يمتهنها المزارعون بشكل تلقائي.

نأمل أن لا تكون قراراتنا قائمة على ردود الأفعال التي تفرزها الأزمات والصدمات غير المتوقعة، وإنما إستراتيجيات واضحة في الاستيراد المباشر من بلدان العالم، وبناء عليه يتعين إعادة رسم اختصاصات الجهات المسؤولة عن توفير الأمن الغذائي وعدم الارتهان للغير إلى الأبد.